تخفيض أعداد المقبولين في كليات الطب وطب الأسنان في الجامعات الحكومية لمصلحة من؟

#سواليف

تخفيض #أعداد #المقبولين في #كليات_الطب و #طب_الأسنان في #الجامعات_الحكومية لمصلحة من؟

اتخذت وزارة التعليم العالي أخر سنتين قرارات تتعلق بالكليات الطبية في الجامعات الرسيمة، حيث تبدو القرارات من حيث الظاهر إيجابية، ولكن سرعان ما اصطدمت بالواقع وبدأت أثارها السلبية تنعكس على المؤسسات التعليمية )الجامعات الحكومية)، حيث اتخذت الوزارة جملة من القرارات تتمثل بتقليص أعداد القبول في تخصص الطب البشري وطب الأسنان بشكل غير مسبوق، ويتوقع خلال الأعوام القادمة حرمان الطلبة من دراسة التخصصات الطبية ولا سيما الطب البشري وطب الأسنان حيث لا يتوقع في العام القادم قبول اكثر من (640) طالب في تخصص الطب البشري في جميع الجامعات الحكومية، حيث من المتوقع ان تحصل كل جامعة ما بين (80- 100) طالب حيث متوقع مثلا ان تحصل الجامعة الأردنية والتكنولوجيا على (120) لكل جامعة وجامعة اليرموك والهاشمية والبلقاء التطبيقية ومؤته على (90) طالب، وستحصل الجامعات الحكومية في تخصصات طب الأسنان في حدود (100) طالب لكل جامعة التي يدرس فيها هذا التخصص، الجامعة الأردنية، وجامعة العلوم والتكنولوجيا، والجامعة الهاشمية وجامعة مؤته، حيث كان عدد الطلبة المقبولين من جيل 2004 وما قبل يفوق  العدد المقبول لهذا العام بخمس أضعاف، بمعنى ان العدد لهذا العام تقلص بما نسبته (80%) تقريباً في كل جامعة، حيث اختلفت هذه النسبة من جامعة لأخرى،  وهذا فيه إجحاف واضح وظلم لجيل 2006، وقد جاءت هذه القرارات في ضوء مجموعة من المبررات تتمثل منها بتجويد التعليم والحصول على التصنيفات العالمية،، ولكن وبالرجوع الى الطاقة الاستيعابية في معظم الجامعات فانها تفوق ما تم الزام الجامعات به لهذا العام، وبعد التمعن في مجمل هذه القرارات فان المجتمع الأردني في جميع طبقاته يستغرب اتخاذ قرارات متسرعة وقد تكون مبينة على الارتجالية وبعيدة عن الواقع ولم تحظى بدراسات كافية مبنية على الأدلة والبراهين ومتطلبات المجتمع والدولة، حيث ان هناك العديد  من النتائج التي ستترتب على هذه القرارات في المدى القريب والبعيد التي بدأنا نلمسها من الآن، وفي ضوء ذلك فانه يمكن تناول قضية تخفيض أعداد الطلبة المقبولين في التخصصات الطبية وانعكاساتها السلبية على مجموعة من المحاور:

المحور الأول: الجامعات الحكومية تعاني من نقص الموارد: من المعلوم ان اغلب الجامعات الحكومية تعاني من مديونية عالية تختلف من جامعة الى أخرى، ولا سيما الجامعات الحكومية التي استحدثت فيها تخصصات الطب نسبيا، مثل: جامعة اليرموك، الجامعة الهاشمية، جامعة مؤته، وجامعة البلقاء الطبية، وكذلك تخصص طب الأسنان كما هو الحال في الجامعة الهاشمية وجامعة مؤته، وهذا بطبيعة الحال قد زاد من الثقل المالي لتلك الجامعات، كان الهدف منها بالبداية زيادة ورفد الجامعات بالموارد المالية وتقليل العجز فيها، حيث كلفت هذه التخصصات تلك الجامعات من مبالغ كبيرة جدا أنفقت على بناء تلك الكليات والابتعاث والتعيينات الكبيرة والتعاقد والتجهيزات وغيرها التي تحملت الجامعات في بدايتها هذه التكلفة دون أي تدخل يذكر ماليا من وزارة التعليم العالي، مما أدى الى زيادة  الضغط على رؤساء الجامعات ومجالس الأمناء للتفكير وإيجاد الحلول للمعيقات التي واجهتها، وما لبثت الجامعات تستفيق من تحقيق حلم الإنجاز وتطوير برامجها التي جاءت بناء دراسات في ضوء متطلبات سوق العمل، حيث بدأت وزارة التعليم العالي منذ العام الماضي بفرض القيود على الأعداد المقبولة في تلك التخصصات، وتخصيص عدد ملزم لكل جامعة، ويتوقع ان خسائر الجامعات الحكومية جراء هذا التخفيض ستكون ما بين (15,000,000 – 20,000,000) سنويا، حيث ان هذا التخفيض سينعكس على نسب القبول من البرامج الأخرى والجهات والفئات المستفيدة منه،  وهذا بطبيعة الحال سينعكس سلباً على الميزانية العامة للجامعات، وهذا ما حدث بالفعل، كما قامت وزارة التعليم العالي بالعديد من الممارسات واتخاذ القرارات والتدخل في الاتفاقيات ما بين الجامعات، مثل اتفاقية جامعة اليرموك وجامعة العلوم والتكنولوجيا التي انبثقت من جامعة اليرموك وكان التعاون في العديد من المجالات.  

المحور الثاني: ارتبط قرار تخفيض أعداد الطلبة المقبولين في كليات الطب في الجامعات الحكومية بفتح تخصصات الطب وطب الأسنان في بعض الجامعات الخاصة ولكي لا يساء فهم هذه النقطة أؤكد ان الجامعات الخاصة هي جامعات وطنية وهذا من ابسط حقوقها ودورها الأساسي في خدة المجتمع ولا يقل هذا الدور عن الجامعات الحكومية- حيث تزامن العام الماضي تخفيض أعداد المقبولين في كليات الطب في الجامعات الحكومية بفتح ذات التخصصات في الجامعات الخاصة، واتخذت الوزارة جملة من القرارات لاحقا تمثلت في رفع معدل القبول لدراسة تخصصي الطب وطب الأسنان في الخارج من (85%) الى (90%)، ولحقة قرار أخر تباعا برفع الحد الأدنى للقبول ابتداء من العام القادم للطلبة الذين سيدرسون داخل الأردن وهذا يدخل في باب تبرير الخطأ بتعميمه بدلا من التراجع عنه لأن ذلك في ظلم وديكتاتورية بحرمان بعض الطلبة اللذين يرغبون بدراسة الطب ولم يحصلوا على معدل (90%)، ومن قال أن الطالب الذي يحصل على معدل (89%) مثلا لا يصلح أن يكون طبيب ناجح (هل قامت الوزارة بدراسة علمية وموضوعية لتخلص لهذه النتيجة).

المحور الثالث: الوطن وتصدير العملة الصعبة: يرتبط هذا المحور بالمحور السابق، حيث يبدو للوهلة الأولى انه وبناء على هذا القرار سيقوم الطلبة بالدراسة داخل الأردن والحفاظ على العملة الصعبة، ولكن من خلال التواصل مع الأهالي والمجتمع يتبين ان معظم الطلبة الذين حصلوا على علامة (90-96%) قد توجهوا لدراسة الطب في الخارج نظرا، لتحديد الجامعات الحكومية بأعداد بسيطة جدا لا تتوافق مع ما اقترحه مجلس التعليم العالي، حيث انه وفي بعض الجامعات تفوق الطاقة الاستيعابية ضعف أو ضعفي أو ثلاث أضعاف الأعداد التي وافقت عليها وزارة التعليم العالي، وكذلك تبين للأهالي بعد اصدار قوائم القبول الموحد وعدم حصول أبنائهم على مقاعد الطب توجهوا الى  الجامعات الخاصة للحصول على مقعد الطب أو طب الأسنان، تفاجئوا بان  القبول في بعض الجامعات الخاصة أغلق في 18/8/ 2024/، ولذلك بدأ الطلبة للبحث عن جامعات خارج الوطن، وهذا بطبيعة الحال يترتب عليه خروج العملة الصعبة التي تقدر ما بين (10,000 -20,000) دينار سنوياً أو اكثر للطالب حسب الدولة والجامعة وغيرها من المتغيرات، حيث يقدر عدد الطلبة الين سيلتحقون خارج الأردن لهذا بأكثر من (1000) طالب، فإيهما افضل ان يدفع الطالب هذا المبلغ داخل بلده أم خارجها؟،

المحور الرابع: سوق العمل: قدمت الوزارة ان هناك عاطلين عن العمل ونشر عطوفة الأمين العام على موقعه قبل أيام ان هناك عاطلين عن العمل في تخصص الطب، ويطالبون بالتعيين، وهذا كان من مبررات الوزارة ان هناك عدد كبير من الأطباء لم يتم تعينهم نظراً لكثرة أعدادهم، ومن وجهة نظر مخالفة لهذه الرؤية تتمثل في ان هذا العدد لا يكاد يذكر أمام تخصصات راكد ومشبعة وليس لها سوق عمل، فهناك بعض التخصصات تحتاج الى (20) سنة واكثر ليتم الحصول فيها على وظيفة،  لماذا لم يتم تخفيض الأعداد في كليات أخرى مثلا فالعاطلين عن العمل في تخصصات الهندسة مثلا يفوق (120,000) مهندس على سبيل المثال لا الحصر وقس على التخصصات الأخرى،  لماذا لم يتم تخفيض في التخصصات الراكدة أو المشبعة، ان المطلع على واقع العديد من التخصصات فان هناك من التخصصات لا يكفي تخفيض الأعداد فيها إنما يجب إغلاقها لسنوات.

المحور الخامس: الواقع الحالي للصحة والحاجة  للكوادر: ان من يعمل في المستشفيات الحكومية، ومن يراجعها يلحظ فورا النقص الحاد في عدد الأطباء والكوادر الطبية المتخصصة، فهناك الكثير الكثير من المرضى الذين يجلسون بالساعات لانتظار دورهم أو للحصول على صورة رنيم أو غيرها قد يحتاج الى اشهر ناهيك عن حجم الضغط الواقع على الأطباء جراء عدد المرضى الكبير الذين يحتاجون يومياً الى المعالجة، ان المتمعن في هذا المحور يجد ان هناك حاجة الى التوسع بالخدمات الطبية المقدمة الى المواطن من خلال القيام ببناء والتوسع فيه والقيام بالتعيينات وفتح التخصصات والإقامة للأطباء الجدد، وليست المشكلة بأعداد الخريجين في هذا التخصص، إضافة الى تمسك وزارة الصحة بالإخصائيين لسن (70) نظراً للحاجة الماسة لهم.

المحور السادس: الخريجين والفرص: يعد تنوع الخبرات من المجالات المهمة في بناء الدولة، فان قيام الطالب في داخل الوطن هذا امر مستحسن في حال وجود فرصة للدراسة ومعدله يؤهله تنافسيا حسب المقاعد المتاحة، ولكن ان يكون قرار رفع الحد الأدنى للقبول مختلفا عنه بالداخل للخارج هذا امر يحتاج الى دراسة ان تنوع بلد الدراسة تعطي للخريجين قوة للحصول على خبرات ذات مصادر متعددة، منذ زمن قريب كانت معدلات القبول خارج الأردن اقل من (80%)، وتميز هؤلاء الخريجين في سوق العمل، وللنظر الى الحد الأدنى للقبول في التخصصات، فان بعض التخصصات الطبية مثل الصيدلة والطب البيطري (80%) والتمريض (70%)، فلماذا لم يتم رفع معدل القبول في هذه التخصصات، ان المتمعن لقرار رفع معدل القبول الى (90%) خارج الأردن ابتدأ من هذا العام ونفس المعدل في العام القادم للدراسة داخل الأردن فيه إجحاف كبيرن للأسباب التالية: هناك العديد من الخريجين درسوا كانت معدلاتهم اقل من (90%) سواء داخل الأردن أو خارجها الآن هم متميزون منهم من يعمل داخل الأردن ومنهم من يعمل في دول متقدمة مثل المانيا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، وغيرها من الدول المتقدمة، علما بان الحصول على العمل في هذه الدول صعب الى حد كبير ويحتاج الى اجتياز العديد من الامتحانات التي قد يصل الامتحان في بعض تلك الامتحان الواحد الى (9) ساعات، ويعد الأردن مصدر للكفاءات حيث من المعروف ان الدول المحيطة  تحتاج الى الكوادر المتميزة ويعمل عدد كبير من الأطباء المتميزين فيها، ويحولون مبالغ كبيرة سنويا للأردن، النقطة الأخرى والمهمة ان الدولة ليست ملزمه من حيث المبدأ تعيين جميع الخريجين، حيث يستطيع الخريج بعد اجتياز سنة الامتياز والتسجيل في نقابة الأطباء فتح عيادته الخاصة “طب عام”، فهناك الكثير الكثير من الخريجين لم يتعينوا في مؤسسات الدولة، حيث قاموا بعمل التخصص داخل الأردن أو خارجه وفتحوا عياداتهم الخاصة، فدراسة التخصص لا تعني الزام الدولة بالتعيين.

المحور السابع: الأبناء والأهالي: نشهد سنويا التوتر الذي يعاني منه الإباء والأبناء لمدة عام أثناء الثانوية العامة،  والتي ستمتد ابتداء من هذا العام الى سنتين من التوتر والإجهاد والتفكير بالمستقبل والطموح لدى الطرفين تبدا هذه المرحلة منذ أنهاء الصف العاشر أو قبل ذلك بقليل، وتبدا تتأزم وتتصاعد قبيل الامتحانات، وفي فترة الامتحانات تزداد توترا ، وصولا الى إعلان النتائج، وبعد ذلك الى التقديم للقبول الموحد، وفي حال اصدرا الأسماء وغير ذلك، ولا شك ان ثقافة الشعب في الأردن ومنذ القدم تميل الى تخصصي الطب والهندسة والصيدلة أحيانا، وهذا ليس عيبا وإنما ظاهرة إيجابية الى حد كبير، اذا كان الهدف من رفع القبول لتغيير هذه الثقافة فان “صاحب الفكرة مخطى”، ان الدستور كما ضمن حرية التعبير ضمن أيضا حرية التعليم حسب المادة (6/ 3)، لماذا يتم تخفيض الأعداد ورفع الحد الأدنى للقبول؟، فالأصل ان للطالب الحق بدراسة التخصص الذي يريد ويحقق طموحة بعيدا عن تقييده بمعدل فعلامة التوجيهي تعد مؤشر على قدرات الطالب ولكنها ليست دائما هي الفيصل، ان خروج الأبناء لطلب العلم خارج الأردن من حيث المبدأ جيد وله العديد من الإيجابيات، ولكن هناك الكثير من الأهالي يتخوفون من مسالة الأمان وامن أبنائهم الذين يدرسون في الخارج.

المحور الثامن: طبقية التعليم والخصخصة: يعد القبول في تخصصات الطب بشكل مرتفع التكلفة للطلبة الحاصلين على مقاعد التنافس خصوصا في الجامعات التي تم استحداث التخصص حديثا، باستثناء الجامعة الأردنية وجامعة العلوم والتكنولوجيا، وهما الجامعتين الوحيدتين تقريبا اللتان تعدا متنفسا مهما للطلبة من ذوي الدخل المحدود من حيث المبدأ، أما دراسة التخصص في الجامعات الأخرى فهي تحتاج الى قدرات مادية عالية، قد تصل رسومها الى نحو( 5,000) دينار سنويا، ان هناك من يرى وتزامنا مع فتح تخصصات الطب في الجامعات الخاصة التي لا تقل دراسة سعر الساعة عن (200) دينار بواقع (10,000) سنويا الى التوجه الى خصخصة التعليم فمن معه يدرس ومن ليس معه فانه يحرم.

المحور التاسع: المؤسسات الوطنية: تعد الجامعات الحكومية مؤسسات رسمية جاءت باردة ملكية فمنها ما تم تأسيسه على زمن الراحل الملك الحسين طيب الله ثراه ومنها ما تم تأسيسه في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أطال الله في عمره، الذي يولي اهتمامه في تطوير وتحديث المؤسسات ولا سيما  التعليمية والصحية منها والتي وجدت لخدمة المواطنين، والتخفيف عنهم ومساعدتهم ليكونوا بناة الوطن، والاعتزاز بموارده البشرية التي تصدر الى جميع دول العالم نظرا لكفاءتها وتميزها وهي مصدر لاعتزازنا جميعا، وهذا ما نادى به جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وفق رؤاه للتحديث الساسي والاقتصادي، وكان الأردن وما يزال مقصدا للصحة العلاجية.

هناك مجموعة من الإجراءات والحلول يمكن اتخاذها على النحو الآتي:

  1. زيادة عدد المقبولين في كليات الطب وطب الأسنان في الجامعات الحكومية لجيل 2006.
  2. إذا كان التخفيض ضرورة لا بد من التخفيض على مدى (5) سنوات بواقع (10%) أو على مدى (10) سنوات بواقع (5%) لكل سنة وليس صادما كما حصل .
  3. الإبقاء على الحد الأدنى للقبول كما كان معمول به لدراسة تخصصي الطب وطب الأسنان وهو (85%) كما كان معمولا به قبل القرارات الأخيرة.
  4. عدم تقييد الجامعات في تخصصات الطب وطب الأسنان بأعداد معينة استباقية تعتمد على مبدأ ان وزارة التعليم العالي هي التي تحدد تلك الأعداد بناء على أرقام محددة مسبقا ليست مبنية على حجم الطاقة الاستيعابية الحقيقية لتلك الجامعات.
  5. عدم تدخل الوزارة في الاتفاقيات المبرمة بين الجامعات وخصوصا تلك التي لا يوجد بها تخصص طب الأسنان، حيث قامت الوزارة على سبيل المثال في إلغاء الاتفاقية المبرمة بين الجامعتين التوأم اليرموك والتكنولوجيا والتي أضرت بهما.
  6. التوصية للحكومة بإنشاء المرافق الصحية المختلفة والتوسع بتقديم الخدمات الصحية للمواطنين.
  7. الترام وزارة التعليم العالي بتقديم المخصصات المالية للجامعات، ودعمها ودعم برامجها النوعية.

لجنة متابعة القبولات/ جامعة اليرموك:

ا.د. منذر العتوم

ا.د. احمد العمري

ا.د. نهاد طشطوش

ا.د. عماد الشريفين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى