تحوّلات فارقة في الاردن في العام الجديد

تحوّلات فارقة في #الاردن في #العام_الجديد

#عبد_الفتاح_طوقان

مع قرب نهاية العام 2023 و بداية عام جديد بعد اقل من اسبوع علي الحكومة الاردنية الحالية او الحكومات القادمة خلال العام المقبل 2024 ان تتجه و تعمل علي تعافي تدريجي للمديوينة وتحقيق تقدماً ملحوظاً في العام الجديد بعد اغراق الاردن في أزمات اقتصادية استثنائية وارتفاع الدين الخارجي واغفال اي ذكر للدين والقروض الداخلية والعسكرية الذي قفز الي ما يقارب 70 مليار بينما تعلن الحكومة فقط عن الديون الخارجية 40 مليارا.
وعلي الحكومة القادمة ، باعتبار انه قد قاربت حكومة د.الخصاونة علي الانتهاء من عملها – وفي اكثر تقدير لها منتصف العام 2024 -مع انتخابات مجلس النواب ان تعمل علي جذب الاستثمارات واعادة هيكلة الاقتصاد لتشكل انتعاشاً ملموساً بعد أن انتجت قراراتها مع الاوضاع التي رافقاتها وسياساتها الانكماش غير المسبوق في الناتج المحلي خلال العام الماضي.
مطلوب العمل علي تحسين الآفاق الاقتصادية بنسب كافية في مجالات مختلفة مثل السياحة والعلاجات الطبية واقامة مشاريع كبري مثل سكك الحديد وتحلية المياة وغيرها لخلق فرص عمل من جهة و لوضع الاردن على مسار التعافي المستدام والاحتوائي وحماية الاردن و خصوصا صندوق الضمان الاجتماعي من أي صدمات جديدة بعد ان تجاوز الاقتراض منه و التعدي عليه الست مليارات؟
يتسم الاردن بتواجده بين كماشة غربية شرقية ، وباضافة ما يحدث في غزة وفي ظل معاناة اهل فلسطين مع موجات متكررة من التهجيرات القسرية وتفشي الجائحة الصهوينية بمحاولة نقل اهل الضفة الغربية الي الاردن وتهجيرهم وظهور تحديات اقتصادية واجتماعية مستجدة ناتجة عن تلك الحرب المستعرة والتي جائت بعد عامين من انتشار مرض الكوفيد واغلاق العالم مما ادي الي ارتفاع معدلات التضخم عالميا وتزايد أوجه عدم المساواة بين الدول في التعامل مع التجارة والسياحة و الاقتصاد تعطل الملاحة الدولية و النقل، في حين تستمر المخاوف بشأن الدعوات الصهوينية الخبيثة بانهاء “الاردن” و استبدال نظامه فتشكيل حكومة جيدة جديدة مختلفة نمطا و فكرا و محتوى مطلوبة.
و اقصد الحكومة القادمة يجب ان تختلف جوهريا عن حكومة الدكتوربشرخصاونة الحالية لانها سيكون عليها مواجهة مفاضلات صعبة على صعيد القرارات السياسية والاقتصادية واهمها الابقاء علي ثلاثية “الاردن والنظام والعرش” نظراً لتهديدات اسرائيلية امريكية استعمارية ترى حل قضية فلسطين علي حساب الاردن و تغيير التركيبة السكانية ، وايضا لانحسار هامش الحركة في السياسات والاتساع المستمر في الفوارق الاجتماعية ومحاولة ادماج الفلسطينيون والمخيمات في النسيج الوطني الاردني واذابتهم فيه متناسيين وطنهم المغتصب و قضيتهم الاساسية النضالية لاستعادة وطنهم السليب علي حساب اصحاب الارض الاصليين والعشائر الاردنية..
وبالنظر إلى المستقبل، يبقى الهدف المركزي جعل هذا التعافي لحظة تحول فارقة بالنسبة للاردن من خلال بناء اقتصاد قوي انتاجي لا استهلاكي وأكثر تقدماً وصلابة واحتواءً لجميع فئات المجتمع الاردني دون الانقضاض لالغاء الهوية الاردنية لصالح الهوية الجامعة التي هي شعلة انهاء القضية الفلسطينية علي التراب الاردني..
و في الجانب الاقتصادي وعلى الرغم من أن ارتفاع التضخم يُتوقع أن يكون عابراً عالميا، فإن ذلك ليس بالأمر المضمون تأثيره علي الاردن. ومن شأن ذلك أن يزيد من التحديات أمام الاردن التي تعاني من عجوزات مرتفعة في ماليتها العامة ومستويات عالية من الديون و ازدياد نسب السداد السنوية للقروض وارتفاعها مما يهدد آفاق استقرار الاردن و يرهقه حيث أن مستويات الدين باتت أشد صعوبة في الاردن و دون اي محاولات جادة لحلها وبقاء النظريات تسيطر علي خطابات المسؤولون من اعضاء الحكومة في مجلس النواب اثناء الحديث عن الموازنة مما يرفع من مخاطر تعرض الاردن لتداعيات تشنج الأوضاع المالية بصورة مفاجئة و قد يحدث لا سمح الله الانهياردون مقدمات لذا يجب الحذر..
أما على الصعيد الاجتماعي، علي الحكومة القادمة اعادة النظر في حالات التوظيف التي هي ضعيفة، وأوجه عدم المساواة و الشللية التي ادت إلى ازدياد فوارق بين فئات المجتمع الاردني وارتفع معدل البطالة إلى 23.6 في المائة في عهد حكومة الدكتور الخصاونة ( نسبة البطالة لفئة الذكور 21.2%، بينما بلغت نسبتها عند الإناث 30.8%) – وهي نسبة مرتفعة تفوق بكثير تلك التي كانت سائدة أثناء الحكومات السابقة. و اقصد أن الشباب والنساء هم الأكثر تضرراً، وكذلك فأن العاملون في القطاعات غير الرسمية معرضون لفقدان وظائفهم، ما لم تتحرك الحكومة لايجاد حلولا واعادة الهيكلة لعديد من المؤسسات حتى لا تتحول البطالة الي اداة لزعزعة الاقتصاد..
الحكومة القادمة عليها أن تضع نصب اعينها ومن خلال إدارة حكيمة للسياسات الاقتصادية تتسم بالديناميكية والتنافسية على التعامل بدقة مع المفاضلات الصعبة، وأن يتسم المسار المستقبلي للاردن بالموائمة ما بين اجتياز تحديات المدى القصير والعمل على تحويل الأزمة كقاعدة انطلاق، والحفاظ على مستوى الدين في حدود مستدامة لتحقيق تعافٍ تحويلي واسع ومستدام.
الأجيال الاردنية القادمة بحاجة ان تستلم الاردن دون اوجاع اقتصادية او سياسية وان تتاح لها فرصة تاريخية للنهوض واستمرارية الازدهار والاهم ان يكون لدي الحكومة القادمة فكر ورؤي وفهم للتاريخ يختلف عن اي من الحكومات السابقة وتمتلك عَصَب لكل وأي استراتيجية موجهة نحو بناء المستقبل الاردني الواعد.
aftoukan@hotmail.com.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى