
في أجواء صعبة انعقد هذا الأسبوع في #قاعدة_بلماخيم طاقم القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، نحو 600 ضابط كي يسمعوا تحقيقات #الحرب. كل هؤلاء #الضباط حتى أولئك الذين ليس لهم صلة بالفشل الاستخباري والعملياتي، يحملون على أكتافهم عبء المسؤولية عن #الفشل.
في بداية العرض الذي استمر أكثر من 16 ساعة، حذرهم رئيس الأركان هرتسي #هليفي بأن هذا تحقيق لن يكون لهم في نهايته إحساس بالراحة. قال لهم “العكس هو الصحيح. عندما تعودون إلى بيوتكم ستشعرون بسوء أكبر مما تشعرون به الآن”. كان هذا التشخيص دقيقاً.
في عشرات الساعات التي استمعت فيها إلى أهم ما جاء في التحقيق هذا الأسبوع، تعرفت على تفاصيل جديدة لم أعرفها من قبل، لكنها ليست شيئاً يغير الصورة التي نعرفها جميعاً من ناحية جوهرية. مجموعة أناس أكفاء ومجربون لا مثيل لهم سارت في عمى جماعي نحو الكارثة الأكبر في تاريخنا.
الإحباط مؤلم جداً عند سماع التفاصيل، ليس فقط لأن #الكارثة كان ويجب أن تمنع، بل لأنه يصيبك في نهاية التحقيق إحساس بأنه قد يحصل مرة أخرى. ثمة مفاهيم مغلوطة ومشوهة عن الواقع في الطريقة التي نرى فيها أنفسنا ومحيطنا. كلنا نفسر الواقع عبر منظورنا الشخصي. عندما يسيطر مفهوم ما على جماعة من البشر، يشق الطريق إلى الكارثة.
فضلاً عن التعلم من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبت في الطريق إلى الكارثة في 7 أكتوبر، يجب أن يقودنا تعلمنا من دروس الفشل إلى تشكيل أجهزة تعوض عن الميل البشري للتمسك بالمفهوم المغلوط وتقلص الخطر للكارثة في المرة التالية التي نعاني منها من عمى جماعي. 7 أكتوبر لم يكن “بجعة سوداء” – كان وحشاً نما أمام عيوننا، ظهر أكثر من مرة، لكننا فرفضنا التصديق.
الإشفاء من الرغبة في الهدوء
لقد استسلمت استخباراتنا لعمليات فيها رضى فوري ومجد كبير. في الصباح، تتلقى معلومة، وفي الظهر تحولها إلى هدف، في المساء تهاجم وتذهب بعدها إلى البيت مع هالة من النجاح. لكن مهنة الاستخبارات أكثر من هذا بكثير. فهي تتطلب عملاً قاتماً يتمثل بعثور دائم لثغرات المعلومات وتشكيك دائم لما تؤمن أنك تعرفه. رئيس شعبة الاستخبارات “أمان” الجديد شلومي بندر، يفهم الحاجة لكن تحديه سيكون في التطبيق. من ناحية عامة – إخطار الحرب يعود ليكون الهدف الأسمى لشعبة الاستخبارات، قبل جمع المعلومات والبحث وخلق أهداف. دائرة الرقابة التي لم يكن فيها في 7 أكتوبر إلا اثنان، تصبح هيئة واسعة ولها أسنان. كما أن بندر يطالب رجاله بأن ينتهي كل عرض بصورة تدحض كل ما ادعوه حتى الآن. هذا مدوخ، وليس لطيفاً لمن يعرضه ولمن يستهلكه. ولكنه ضروري.
تكشف التحقيقات فجوة ثقافية هائلة بين رجال استخباراتنا وبين العدو. 80 في المئة من كل حديث بين مسؤولين من حماس هي اقتباسات من آيات قرآنية. من لا يفهم جوهر الآيات لا يفهم الحديث. اللواء احتياط يوآف مردخاي، أجاد في وصف ما يسميه الفرق بين الخبير بالعرب والمحلل: “المحلل يحلل الكلمات التي قيلت في النص”، قال، “أما الخبير بالعرب فيستمع إلى الصمت وإلى المسافة التي بين الكلمات”.
تأهيل رجال استخباراتنا يجب أن يجتاز ثورة. ليس سهلاً تعليم الفضول، والنقدية، والتحدي، والأصعب هو تعليم التواضع، لكنه قيمة يجب تعليمها في #مدارس_الاستخبارات. يقف بندر على رأس جهاز هو في أزمة عميقة، ما يجعل تحديه للتغيير أكثر تعقيداً.
على المستوى الوطني: مفهوم الأمن الإسرائيلي تكشف كغير ذي صلة. مفاهيم الردع، والأخطار، والحسم والدفاع كلها فشلت في هذه الحرب. قد يجرى جدال عن مفهوم الحسم، لكن الحسم العسكري قصير الموعد عندما لا يترافق وفعلاً سياسياً يثبت نتيجته.
مثلما بعد 1973، تفهم إسرائيل أنها لا يمكنها أن تعتمد على تقدير نوايا العدو، بل على فحص قدراته. ولهذا ستكون إسرائيل مطالبة من الآن فصاعداً بمنع بناء قدرات العدو على حدودها. يصعب القول، لكن تنفيذ هذا يتطلب من إسرائيل أن تشفى من الرغبة في الهدوء. سنكون مطالبين باحتكاك دائم في كل الحدود لمنع نمو كل تهديد.
وهذا سيتطلب منها جيشاً إسرائيلياً أكبر، في النظامي والاحتياط، وتضحية أكبر لرجال الاحتياط، واستثماراً أكبر في الأمن – في الاستخبارات، وفي المنصات، وفي إقامة وحدات جديدة. مشكوك أن يتوافق هذا الدرس مع سياسة التملص من الخدمة حسب قانون الحكومة الحالية.
رغم الإنجازات المبهرة، فإن حرب وجودنا بعيدة عن النهاية. انتهت فيها مرحلة واحدة أو اثنتان، ولكنها سترافقنا لسنوات أخرى إلى الأمان، وهذا سيؤثر على حياتنا كإسرائيليين لسنوات طويلة أخرى. ومثلما قال رئيس الأركان في أحاديث مغلقة: “الحرب التي خضناها في السنتين الأخيرتين شحنت أمامنا بطارية ثأر ستصمد لسنين قريبة قادمة”.
ألون بن دافيد