تحفيز الاقتصاد من منظور مختلف / أحمد عوض

تحفيز الاقتصاد من منظور مختلف

لم يعد خافيا أن مختلف السياسات والإجراءات الحكومية الهادفة الى تحفيز الاقتصاد الأردني التي تم تطبيقها خلال الأعوام القليلة الماضية لم تحقق أهدافها؛ إذ ما يزال الاقتصاد الوطني يعاني من حالة التباطؤ حتى الآن.
كذلك لم تعد المبررات التي يتم سوقها من قبل العديد من المسؤولين الحكوميين والتي تركز على الظروف الإقليمية وتداعياتها كافية وحدها في تفسير استمرار حالة التباطؤ.
اعتمدت السياسات الحكومية لتحفيز الاقتصاد وما تزال على محاور عدة، تمثلت في العمل على تشجيع الصادرات من خلال فتح أسواق جديدة وزيادة الصادرات الى دول الاتحاد الأوروبي والحصول على تسهيلات أوروبية بتخفيف قواعد المنشأ، الى جانب التخفيف من الإجراءات البيروقراطية الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار، إضافة الى اضعاف شروط العمل بهدف التخفيف من كلف الإنتاج.
إلا أن مجمل هذه الإجراءات لم يسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي الى الأمام، لا بل أشارت الأرقام الإحصائية التي أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة الأسبوع الماضي عن تراجع معدلات النمو الى 1.8 % خلال النصف الثاني من العام الحالي.
يضاف الى ذلك أن جميع القطاعات الاقتصادية تشتكي؛ حيث نجد أن القطاعات الأساسية الصناعية والتجارية والعقارية وغيرها تؤكد وبشكل دائم تراجع أعمالها.
استمرار الاعتماد على هذه السياسات لم يعد كافيا ولا صالحا لدفع عجلة النمو الاقتصادي الى الأمام؛ إذ انعكس استمرار هذا التباطؤ على تراجع المستويات المعيشية للغالبية الكبرى من المواطنين، وازدياد أعداد الفقراء ليشمل مئات آلاف العاملين الى جانب غير العاملين، والارتفاعات القياسية لمعدلات البطالة وخاصة بين الشباب.
والأردن، بمختلف مكوناته، لم يعد قادرا على الاستمرار على هذا الحال، وتراجع مؤشرات الاقتصاد الكلي تنذر بإمكانية الدخول في حالة ركود اقتصادي، يعمق الجراح ويصعب أكثر إمكانية العلاج.
المطلوب إجراء تغييرات نوعية على السياسات الحكومية لتتجه نحو الاعتماد على تعزيز الطلب المحلي الكلي كمحرك أساسي لتحفيز الاقتصاد، ولوضع حد لاستمرار تراجع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ولمنع الدخول في حالة ركود اقتصادي.
الاعتماد على زيادة الطلب المحلي كمحرك للاقتصاد يتطلب إجراءات لم تعتد الحكومات عليها؛ إذ تتطلب رفع مستويات الأجور وتخفيض معدلات الضرائب غير المباشرة على السلع والخدمات، الى جانب الإجراءات التقليدية المتمثلة في زيادة الإنفاق الحكومي الرأسمالي.
تمويل مثل هكذا إجراءات ليس سهلا بالتأكيد، ولكن على الحكومة أن تتعامل مع الموضوع باعتباره أولوية، وتتطلب زيادة في الإنفاق العام -هكذا تعاملت الحكومات في مختلف أنحاء العالم لتجاوز حالات التباطؤ والركود الاقتصادي- وهي تستطيع أن تحصل على تمويل لذلك بالطرق والأساليب ذاتها التي اعتادت عليها منذ أعوام عدة.
نحن أمام معضلة كبرى في الأردن؛ السياسات الحكومية التقليدية لحفز الاقتصاد لم تحقق أهدافها، والمؤشرات الاقتصادية في تراجع، واستمرار الحال على ما هو عليها ينذر بمخاطر كبيرة، فلنجرب التفكير بهذا الاتجاه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى