تحركاتهم فاجأت السلطة… هكذا كسر الجزائريون حاجز الخوف

سواليف – منذ 22 فبراير/شباط الماضي تعيش الجزائر على وقع مظاهرات رافضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، وهي مظاهرات شكلت مفاجأة للسلطة ذاتها، وأظهرت أن الجزائريين كسروا حاجز الخوف، وحطموا حالة الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد.

وزاد تدهور الحالة الصحية للرئيس “الغائب” والإصرار على تمسكه بكرسي الرئاسة حالة الغضب في الشارع الجزائري الذي يعيش على وقع احتجاجات متجددة، وسط ترقب بأن يشهد اليوم الجمعة أكبر التحركات المناهضة للعهدة الخامسة.

وفي حوار مع صحيفة لوموند الفرنسية نشر اليوم فسر المختص في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي الأسباب التي دفعت الجزائريين للتحرك بهذا الحجم، معتبرا أن الأمر يندرج في سياق “الثقافة المجتمعية الجديدة” للجزائر.

الجزائر تشهد تحركات احتجاجية متواترة رفضا لترشح بوتفليقة لولاية خامسة (رويترز)

تحركات وتغيرات
ويعتبر جابي أن الجزائر تعيش للمرة الأولى من الاستقلال مظاهرات وتحركات بهذا الزخم، وأوضح أن الأمر شكل مفاجأة للسلطة ذاتها، فضلا عن أن التنوع الاجتماعي للمحتجين غير مسبوق.

وأوضح أن التحركات السابقة كان يقودها شباب الأحياء الفقيرة طلبا لتغيرات اقتصادية واجتماعية، دون أن يغيب عن ذلك استخدامهم العنف “الرمزي” المتمثل في مهاجمة المتاجر والمواقع الرسمية.

وأشار المختص إلى أن هذه التحركات غالبا ما تنطفئ جذوتها عقب أيام قليلة، لتتجدد في أماكن أخرى تحت سقف المطالب ذاتها الخالية من المعنى السياسي، وفي هذه الحالة كانت الحكومة تهون مما يحدث، موضحة أن المحتجين كانوا يطالبون بالحصول على وظائف وسكن ومساعدات بسيطة كالسكر والدقيق.

الجزائريون يعتبرون أن ترشح بوتفليقة المريض إهانة لهم (رويترز)

مطالب سياسية
وخلافا للمرات السابقة بدت المطالب السياسية هي الوقود الذي يحرك المحتجين، ويقول جابي إن المحتجين يرفضون بوضوح الولاية الخامسة لعبد العزيز بوتفليقة، ويدعون إلى إصلاحات عميقة للنظام السياسي الجزائري، كما أنهم يرغبون في كتابة دستور جديد، ورحيل السياسيين الفاسدين، مع مزيد من الحريات.

ولا يتوقف سقف المطالب عند هذا الحد بحسب التصريحات ذاتها، فالمحتجون يرغبون بإجراء انتخابات موثوقة ونزيهة يشرف عليها هيكل مستقل يقطع مع التزوير.

وبحسب المختص في علم الاجتماع، فإن تسييس التحركات لم يظهر إلا في أماكن محدودة جدا، وهو ما عكسه تنوع المحتجين الذين كانوا من فئات مختلفة: عائلات، رجال من جميع الأعمار، نساء يرتدين الحجاب وأخريات لا يرتدينه، الكل يجمعه الشارع عقب كل صلاة جمعة.

وفي سؤال عن السبب الكامن وراء هذه التعبئة، خاصة أن حالة عامة من الاستياء تسود في أوساط الجزائريين منذ فترة طويلة، يقول جابي إن الجزائريين “معتدون بأنفسهم”، وهم يرون في ترشيح بوتفليقة إهانة لهم، فما شاهدوه في الصحافة الدولية وعلى القنوات الفرنسية والعربية التي يتابعونها عن كثب لم يعكس الصورة التي يريدونها لبلدهم ولأنفسهم.

وبين أنه على الرغم من أن العديد من المحتجين كانوا قد دعموا بوتفليقة لفترة ما فإنهم اليوم يعتقدون أن الأمر انتهى، فهم لا يريدونه بعد الآن.

بوتفليقة أصيب بسكتة دماغية عام 2013 وانتقل للعلاج في جنيف منذ أيام (الأوروبية)

قلق ووعي
ويغذي ما سبق عامل القلق على مصير البلاد، فالرئيس غائب طوال فترة حكمه الرابعة، ولم يعد يمثل الجزائر على المستوى الدولي، وبدت البلاد في حالة موت منذ ست سنوات، بحسب وصف المتحدث ذاته للصحيفة الفرنسية.

وعلى عكس الاعتقاد السائد بأن الجزائريين أداروا ظهورهم للسياسة، فقد أظهرت التحركات أن كبار السن والشباب يمتلكون وعيا سياسيا قويا جدا، وهو اكتشاف بالنسبة للمختص في علم الاجتماع السياسي جابي.

ويعزو جابي الأمر إلى التحولات التي يمر بها المجتمع الجزائري من الداخل، فالجزائر اليوم هي مجتمع من الشباب المتعلمين بشكل كبير والمنفتحين على بقية العالم.

ومن الواضح أن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورا استثنائيا، فالشباب يتواصلون بشكل مكثف ويتفاعلون، وهو ما أوجد ثقافة مجتمعية جديدة تختلف عن الأجيال السابقة، والخلاصة -بحسب جابي- هي أن الجزائريين لم يعودوا خائفين.

المصدر : الجزيرة ، لوموند

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى