#تحذير_شديد_اللهجة من #التهجير – #ماهر-أبوطير
قبيل حرب الإبادة في قطاع غزة وصل عدد الأطفال الأيتام في القطاع قرابة الثلاثين ألف طفل يتيم، ومع الحرب الحالية فإن التوقعات تؤشر على عدد مذهل.
هذا غير آلاف الأطفال ممن استشهدوا وتعرضت عائلاتهم إلى إبادة كلية، أو تعرض الأباء إلى أضرار صحية تؤثر على حياتهم، وملف أطفال قطاع غزة متشعب من حيث التفاصيل، سواء الأضرار على مستوى التعليم، أو العلاج، أو الحرمان، أو بث الذعر والخوف في قلوب الأطفال من هول القصف والتدمير.
عشرات آلاف الأطفال من الأيتام في قطاع غزة بحاجة إلى مبادرة لتبنيهم من حيث الإنفاق عليهم وكفالتهم، وهذا الأمر قد يبدو بنظر البعض ليس أولوية أمام حجم الكارثة التي يتعرض لها القطاع ذاته، واستشهاد أكثر من خمسة وثلاثين ألف إنسان، وجرح أكثر من سبعين ألف إنسان، فيما العمليات الدموية مستمرة، بما يعني أن الخسائر الإنسانية سوف تتضاعف خلال الفترة القليلة المقبلة.
نتحدث هنا عن أجيال متضررة بطريقة غير مسبوقة، على كل المستويات، إذ يكفي غياب الأهل أو هدم المدارس، وهدم المساكن وغير ذلك، والمخاوف من استمرار العمليات وصولا إلى رفح وما يعنيه ذلك من مخاطر التهجير القسري.
وسط كل المطالبات بوقف الجرائم الإسرائيلية، ووقف الحرب كليا، وإعادة إعمار قطاع غزة، فإن ملف أطفال القطاع حصرا، بحاجة إلى جهد مختلف، وإلى بلورة موقف في سياقات التعامل مع كلف الحرب، ونتائجها على المستوى الاجتماعي، وإذا كنا نعرف جميعا أن الحاضنات الاجتماعية والعائلية لن تتخلى عن أطفال قطاع غزة، وسترعاهم، في مجتمع يتسم بقوة الروابط العائلية أصلا، وبسمات التدين أيضا، إلا أن هذا الملف بحاجة الآن إلى رصد تفصيلي، تمهيدا للمرحلة المقبلة، من حيث الأرقام، وطبيعة الحالات، ونوعية الضرر، خاصة، أننا سنجد آلاف الأطفال أيضا فقدوا الأب والأم معا، بما يجعل اليتم هنا مضاعفا، وبعضهم فقد كل عائلته خاصة مع المذابح العائلية التي لا ينجو منها سوى فرد أحيانا.
لا يوجد في قطاع غزة سوى عدد محدود لدور للأيتام، تبلغ الطاقة الاستيعابية لكل واحدة منها 2800 طفل يتيم بحسب برنامج النظام الوطني لحماية الطفل والرعاية البديلة، وبعض هذه الدور تضرر إثر حرب 2021، وبالتأكيد فإن الحرب الحالية قد تكون أدت إلى ضرر كامل لكل المؤسسات الحاضنة، هذا إضافة إلى الأضرار المتعلقة بحقوق الأطفال على صعيد التغذية، وهو أمر يشترك فيه كل أطفال غزة.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، حذرت نهايات العام الماضي، من أن الأطفال الفلسطينيين بقطاع غزة لا يحصلون على 90 % من استهلاكهم الطبيعي للمياه، كما حذرت المنظمة أيضاً من أن الأطفال دون سن الخامسة هناك يواجهون خطراً كبيراً للإصابة بسوء التغذية الحاد والوفاة، كذلك حذرت المنظمة من أن الأطفال في قطاع غزة يتعرضون لصدمات الدمار والهجمات المتواصلة والنزوح والنقص الحاد في الغذاء والماء والدواء، وهذا يعني في المحصلة تدميرا شاملا.
كيف يمكن للعواصم الغربية التي ترفع شعارات حقوق الإنسان والأطفال أن تسكت على مذابح تؤدي إلى التسبب باليتم لكل هذه الأعداد من الأطفال، غير استشهاد الآلاف، في عمل بشع جدا، لا يمكن تصنيفه أصلا من أعمال الحرب العادية، ولا الدفاع عن النفس، ولا أي مشروعية قانونية أو أخلاقية أو دينية، بما يفتح الباب للتساؤلات عن طبيعة المشروع الإسرائيلي الذي يتعمد تصنيع أجيال كاملة مدمرة عاطفيا، أو غير مؤهلة تعليميا، أو تعاني من الحرمان والفقر، في اعتقاد إسرائيلي بكون هذه الجرائم قد تنجب أجيالا خائفة، ومرعوبة، فيما الذي سيحدث العكس.
الأطفال الأيتام في غزة، تحديدا، وبقية الأطفال المتضررين أو المصابين بحاجة إلى مبادرة من داخل فلسطين، أو المنطقة العربية ونحذر بشدة من أضرار كارثية، حتى لا نصحو تحديداً على مؤسسات دولية وعواصم غربية تحاول مد يدها إلى هذا الملف لغايات خفية، أقلها ترحيل وتهجير آلاف الأطفال الأيتام ممن بلا حاضنات اجتماعية، إلى بعض الدول الغربية، تحت عنوان توفير الرعاية لهم، وهذا سيناريو قد لا يظهر الآن علنا، وربما أيضا التحكم في مسار مساعدة الاطفال الأيتام داخل قطاع غزة ذاته، بهدف إنتاج أجيال مغسولة العقل والضمير.
الغد