على الرغم من إعلان #العراق إلحاق الهزيمة بتنظيم #داعش أواخر عام 2017 بعد طرده من كل المدن الرئيسية التي سيطر عليها عام 2014، إلا أن تحذيرات تصدر بين الفينة والأخرى من احتمال عودة التنظيم المتطرف للواجهة من جديد في ظل تفاقم حدة #الصراع السياسي في البلاد، وفقا لمحللين.
في مقال رأي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” تحدث الكاتب أن تنظيم داعش يستعد للعودة في العراق، وخاصة في المناطق القريبة من حدود إقليم #كردستان في أربيل وحولها وفي السليمانية أيضا.
وقال الكاتب برنارد ليفي أن التنظيم بدأ باستعادة مواقعه أيضا في كهوف وأنفاق جبال قرقوش القريبة من الموصل، كما أنها تختبر قدرات قوات البيشمركة يوميا عبر شن هجمات في محيط بلدة الكوير جنوب غربي أربيل.
وأشار ليفي إلى أن شركاء الأكراد من الأوروبيين والأميركيين لا يقدرون #الخطر الذي يشكله داعش وينظرون إلى أنه ورم تم استئصاله.
لكن الحقيقية وفقا للكاتب هو أن تنظيم داعش أشبه بـ”الزئبق” كسائل سام يتبخر، لكنه يبقى معلقا في انتظار أن يقلل خصومه من حذرهم حتى يتمكن من الانقضاض مجددا.
يتفق الخبير في شؤون الجماعات المتشددة حسن أبو هنية مع هذا الطرح ويرى أن تنظيم داعش تحول بعد خسارته لآخر جيب في سوريا في الباغوز عام 2019 من “حروب السيطرة المكانية إلى #حروب #العصابات والاستنزاف وتبنى مبدأ جديد يعتمد على إسقاط المدن مؤقتا”.
ويضيف أبو هنية لموقع “الحرة” أن “داعش يفرض نوعا من السيطرة غير المرئية شبيه بالمافيا في المناطق القريبة من إقليم كردستان العراق”.
ويبين أبو هنية أن “هناك حالة من عدم الاستقرار السياسي و #الفوضى و #التنازع في العراق سيستثمره التنظيم بالتأكيد، لكنه لن يتمكن من فرض سيطرته بشكل كامل وإنما قد يعمد للسيطرة المؤقتة والانسحاب فيما بعد”.
ويؤكد الخبير في شؤون الجماعات المتشددة أنه “حتى الآن التنظيم لم يبدأ بهذه الخطوة، لكنه قد يستغل الصراع الحالي لشن عمليات من هذا القبيل، تهدف لاختبار ردة فعل قوات الأمن العراقية من أجل التحضير لشن هجمات أوسع في المستقبل عندما تحين الفرصة”.
وأشار تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي في يناير 2022 إلى أن التنظيم “حافظ على قدرته على شن هجمات بمعدل ثابت في العراق، بما في ذلك تنفيذ عمليات كر وفر ونصب الكمائن وزرع القنابل على جنبات الطرق، مع تركز نشاطه بشكل ملحوظ في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين” المحاذية لإقليم كردستان.
وأضاف التقرير أن التنظيم يستغل “سهولة اختراق الحدود” بين العراق وسوريا، ويضم “ما بين 6 آلاف إلى 10 آلاف مقاتل في كلا البلدين حيث يشكل خلايا ويدرب عناصر لشن الهجمات”.
وبالفعل تعلن القوات العراقية مرارا أنها نفذت عمليات هنا وهناك لملاحقة خلايا نائمة تابعة للتنظيم في مناطق جبلية وفي البادية.
“البعبع”
ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون الأميركية أدموند غريب أنه رغم أن التنظيم لا يزال يشكل تهديدا، إلا أن بعض الأطراف قد تستغله للحصول على مكاسب سياسية.
ويقول غريب في حديث لموقع “الحرة” إنه “دائما عندما تكون هناك اضطرابات نسمع عن عودة داعش والتهديدات التي تشكلها”، مضيفا أنه “وبدون شك التنظيم لا يزال يمتلك خلايا في المنطقة وربما هناك أطراف إقليمية تدعمه ولديها المال لتنفيذ عملياته”.
لكن غريب يستدرك بالقول “سمعنا الكثير من الولايات المتحدة وقوى إقليمية وداخلية أنه تم القضاء على داعش وأنه لم يعد يشكل تهديدا”.
بالتالي يشير غريب إلى احتمال وجود “قوى عراقية تخشى انسحاب الولايات المتحدة لانشغالها بأحداث أوكرانيا وبالتالي تريد منها المزيد من الانخراط”.
ويبين غريب أن “داعش تستخدم احيانا من قبل بعض الأطراف كبعبع للتخويف ولتحقيق أهداف سياسية معينة”.
هل تتدخل واشنطن؟
وفيما يتعلق بمدى استعداد الولايات للانخراط، يشير غريب إلى أن واشنطن لديها القدرة والأرصدة والعلاقات في المنطقة التي تجعلها قادرة على التدخل، لكنها حاليا منشغلة بقضية أوكرانيا والصراع مع الصين حول تايوان والقضايا الداخلية المتعلقة بالاستقطاب السياسي الحاد”.
ويتابع قائلا “هذا يطرح تساؤلات بشأن إلى أي مدى ستكون الولايات المتحدة مستعدة ورغبة في الانخراط بأي مواجهة جديدة على الرغم من عدم وضوح التهديد الذي يمكن أن تشكله داعش”.
بدوره يرى أبو هنية أنه “مع تحول اهتمام الولايات المتحدة للتنافس مع الصين وروسيا وتراجع الاهتمام بملف الإرهاب والمشاكل في العراق فلا يوجد تأكيد من واشنطن بأنا ستتدخل مجددا بشكل واسع في المنطقة”.
“كما أن واشنطن كانت وقعت اتفاقا مع العراق ينص على وجود قوات أميركية محدودة تقتصر مهمتها على التدريب والدعم اللوجستي وليس لديها مهمات قتالية واضحة”، وفقا لهنية.
ويلفت ابو هنية إلى انه “عند قياس قدرة قوات البيشمركة والقوات العراقية بما حصل في 2014 وكيف انهارت وتمكن التنظيم من اجتياح مدن بأكملها ولم توقفه جينها سوى الضربات الأميركية”.
ويختتم ابو هنية بالقول “اثبتت الوقائع التاريخية أنه بدون تدخل أميركي لن تكون القوات المحلية قادرة على مواجهة أي تمرد مشابه لما حصل في 2013 و2014 عندما اجتاحت داعش مناطق واسعة في العراق وسوريا”.
وسيطر تنظيم داعش في بداية يونيو 2014 على الموصل وتوسع ليسيطر على ما يقرب من ثلث مساحة العراق، وبعدها بعدة أسابيع تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر لأول مرة منذ انسحاب قواتها في 2011، عبر قصف مواقع التنظيم المتطرف.
وبمساعدة تحالف دولي بقيادة واشنطن، شنت القوات العراقية هجوما مضادا. وأعلن النصر على التنظيم الإسلامي المتطرف في نهاية عام 2017.
وفي يوليو 2021، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستنهي “مهمتها القتالية” وتبدأ “مرحلة جديدة” من التعاون العسكري مع العراق، تقضي بتحويل مهمة القوات الأميركية إلى “استشارية” و”تدريبية” تماما بحلول نهاية العام.