سواليف
نشرت صحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن تحذير ما يقارب ثلاثمئة باحث من جميع أنحاء العالم من خطر الأنظمة التي تعمل على تطويرها دول مثل ألمانيا أو فرنسا، لتتبع المصابين المحتملين بفيروس كورونا المستجد.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن الباحثين قالوا في هذا البيان “إننا نشعر بقلق بالغ لأن بعض “الحلول” لهذه الأزمة قد تؤدي إلى إنشاء أنظمة يمكن أن تسمح بمراقبة غير مسبوقة للمجتمع”. ويعمل على هذه التطبيقات أشهر المتخصصين في مجال التشفير والأمن السيبراني على مستوى العالم، وقد كان بيان هؤلاء الخبراء عبارة عن نداء تنبيه لبعض البلدان التي تخطط لاستخدام هذه التطبيقات بعد الحجر الصحي، بما في ذلك إسبانيا.
وأوضحت الصحيفة أن البيان هو رد فعل على المبادرة التي اقترحها الاتحاد الأوروبي التي انضمت إليها إسبانيا أيضا، المسماة “تتبع القرب والحفاظ على الخصوصية في عموم أوروبا” (PEPP-PT). يقوم هذا النظام على منصة مركزية لتعقب جهات الاتصال من خلال تقنية البلوتوث. وهي تحمل صفة “المركزية” لأن هناك خادما مركزيا في أيدي السلطات التي تعنى بالقطاع الصحي في كل بلد يملك إمكانية الوصول إلى البيانات التي ترسلها هواتف للمواطنين.
ولكن تكمن المشكلة في كيفية عمل هذا النظام المركزي تقنيًا، حيث قد يؤدي إلى تحديد هوية المواطنين ومراقبة تحركاتهم وهو أمر كان محظورا حتى الآن بموجب قوانين الخصوصية. ومن ناحية أخرى، يملك هذا النظام ميزة توفير المعلومات التي يحتاج إليها علماء الأوبئة لتتبع تطور الوباء بطريقة فعالة.
وذكرت الصحيفة أن ألمانيا وفرنسا دخلت بالفعل في مرحلة متقدمة من تطوير “تطبيق”، في حين لا تزال إسبانيا في مرحلة مبكرة حيث تحلل الخطوات التي يجب اتخاذها فيما يتعلق بالمشروع الألماني.
يؤيد العديد من الخبراء الموقعين على هذا البيان العمل على منصة بديلة تسمى “بروتوكول دي بي -3 تي” وهي منصة “لامركزية” بالكامل.
اقرأ أيضا: مشروع بريطاني لتتبع تفشي فيروس كورونا عبر شفرته الوراثية
في هذا النظام، لا يوجد خادم مركزي للسلطات الصحية قادر على تحديد هوية المستخدمين على المستوى الفردي. بعبارة أخرى، تحافظ هذه المنصة على خصوصية الأشخاص ولكنها بالكاد تقدم المعلومات التي يطلبها علماء الأوبئة لمتابعة مستجدات الوباء.
وأوردت الصحيفة أنه في إشارة إلى الأنظمة المركزية مثل تلك التي تروج لها مبادرة “تتبع القرب والحفاظ على الخصوصية في عموم أوروبا”، يوضح البيان أن “الحلول التي تسمح بإعادة بناء البيانات المتعلقة بالسكان يجب رفضها دون أي نقاش”. وقد تتضمن هذه المعلومات الرسم البياني الاجتماعي للأشخاص الذين التقيت بهم خلال فترة زمنية محددة. ومن خلال الوصول إلى هذه البيانات، يمكن للدولة أو القطاع الخاص أو “القراصنة” التجسس على الأنشطة اليومية للمواطنين.
وحذرت الصحيفة من أن بعض البلدان تتطلع إلى بناء أنظمة تتيح لها الوصول إلى هذا الرسم البياني الاجتماعي. على النقيض من ذلك، لا تملك الأنظمة اللامركزية طريقة للوصول إلى “الرسم البياني الاجتماعي”. في هذه الحالة، يتم إعلام الشخص غير المصاب بأنه قريب من الأشخاص المصابين من خلال هاتفه دون الكشف عن هويتهم قدر الإمكان، بينما لا يقع الكشف عن أي معلومات خاصة بالأشخاص غير المصابين.
وأضافت الصحيفة أنه تم توقيع الرسالة من قبل صانعي بروتوكول دي بي -3 تي، من بينهم الإسبانية كاراميلا ترونكوسو، التي تقود هذا المشروع. هذا هو النظام اللامركزي الرئيسي المتاح حتى الآن الذي واجه المبادرة الأوروبية، المسماة (تتبع القرب المحافظ على الخصوصية في عموم أوروبا) متهما إياها بالتعتيم والخداع ووصفها بكونها بمثابة حصان طروادة بالنسبة للحكومات. في هذا الصدد، وقّع العديد من الباحثين من معهد إي ميديا للبرمجيات وجامعة كارلوس الثالث في مدريد على هذا البيان.
يؤكد باحثون آخرون، على غرار نوريا أوليفر، المسؤولة عن المحاولة التجريبية في فالنسيا لدراسة التنقل الحكومي مع مشغلي الهاتف، وزميلة العديد من الأعضاء الأوليين في المبادرة الأوروبية، أنه من المثير للقلق أنه لا يوجد أي علماء وبائيين مشاركين في هذا البيان.
ونقلت الصحيفة عن هذه الباحثة أن “هناك الكثير من خبراء العالم في التشفير والتكنولوجيا، وهذا أمر رائع. لكن أعتقد أنه يجب أن يشارك علماء الأوبئة أيضا. لقد تحولت هذه المشكلة إلى معركة بين الجانبين، أولئك الذين يدعمون المنصات المركزية وأولئك الذين لا يدعمونها. يجب أن تكون هناك فرق متعددة التخصصات، لأن التكنولوجيا وحدها لن تحل أي شيء. فلا جدوى من وجود نظام يخدم التقنيين فقط إذا لم يخدم علماء الأوبئة”.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن الجدل يستمر بين التيارين في لحظة رئيسية حيث يتعين على البلدان أن تقرر الحلول التي ينبغي تنفيذها: إما حماية الخصوصية إلى أقصى حد أو تقليل الأمن والخصوصية مقابل وجود حلول تخدم علماء الأوبئة.