تحت الضوء

#تحت_الضوء

د. #هاشم_غرايبه

استجابة لضغوط المحافظين الجدد (معتنقي المسيحية الصهيونية) المسيطرين على الحزب الجمهوري وغالبية الحزب الديمقراطي، أعلن البيت الأبيض عزمه على ادراج فروع من الإخوان المسلمين في قائمة الإرهاب، والجرم المنسوب إليها حسب التصريح الرسمي، ليس زعزعة الأنظمة العربية الموالية لواشنطن، والموالية للكيان اللقيط كتحصيل حاصل، فذلك أمر تخلى الحزب عنه منذ زمن طويل، بل لأن هذا الحزب يتبنى العقيدة الجهادية، التي يعتبرونها العقبة الوحيدة الباقية المهددة لبقاء كيانهم الذي يعلمون أنه آيل للزوال.
بالطبع باقي الأحزاب العربية والجماعات ذات التوجهات القومية والماركسية، ترفع شعارات تحرير فلسطين، لكنهم لا يلقون لها بالا، لأنهم يعلمون أنها مجرد شعارات للاستهلاك الشعبي، ولم تعتمد للتطبيق كبرامج وخطط، فيما اكتشفوا أن بعض فروع حزب الاخوان تعتمدها عمليا، وثبت لهم ذلك حينما تبين لهم مؤخراً أنه خلال الفترة القصيرة لحكم مرسي، فقد نالت الحركة الاسلامية في القطاع دعما كبيرا وخاصة في تجهيز الأنفاق المعدة للتصنيع وتزويدها بالمواد اللازمة، مما مكنها من تجهيز تلك الترسانة الضخمة التي كان لها الدور الأساسي في الصمود الأسطوري خلال الفترة الماضية.
هذه المعلومات أكدها مسؤلو الكيان اللقيط، لذلك لا مجال لخصوم الإخوان لدينا للمسارعة لاتهامي بأنني (إخونجي)، وهي التهمة المعتمدة في الساحة العربية التي تستعمل للتخويف من مغبة التعاطف مع الإخوان، والتي تطورت استجابة لمتطلبات الانخراط في الحرب الأمريكية على الإرهاب، وألصقت مسمى الإرهاب بالجهاد قصرا وتحديدا، فأصبح يرمى بها كل من يتقاعس عن هجاء أية جماعة اسلامية.
ورغم أن عقوبة تهمة معاداة السامية في الغرب المرعبة تخيف كل من يفكر في معاداة الكيان اللقيط، وأصبحت يرمى بها حتى من لا يتبرأ من دعم المقاومة، أويتوانى عن وصمها بالإرهاب، رغم ذلك فقد تم اختراق هذا الجدار الذي كان يحصن الكيان من أي نقد، بسبب الممارسات الإجرامية للكيان في القطاع، لذلك أرادوا اجراءات أكثر قسوة أكثر لإرعاب من يتعاطفون مع هذه المقاومة في الغرب، ويعتقدون أن اعلامهم المضلل قد فشل جزئيا في ابقاء تعاطف الأوروبيين مع الكيان فحدثت ثغرات بسبب توسع وانتشار الصورة الحقيقية لوحشيته، والتي يعزونها أساسا لتزايد أعداد المسلمين أوروبيا وثانويا لنشاط المسلمين العرب في أوروبا.
السؤال المهم: ما علاقة ذلك بحظر جماعة الإخوان المسلمين؟ وبماذا سيفيدهم؟.
من تدبير الله، ولأن مكر الله مبطل لمكر أعدائه، أنه يعمي قلوبهم، فتذهب جهودهم في اتجاهات خاطئة، فيضل سعيهم ويفشل كيدهم وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا، فكل معادي الدين يقعون في الخطأ نفسه، وهو اعتقادهم أن المسلمين بلهاء ودراويش، ومن الممكن ابقاءهم في الغفلة لولا وجود قوى حزبية منظمة تنبههم، ويشجعهم في ذلك نجاح الحركة الوهابية في ادامة هذه الغفلة، بتحويل أنظار الناس عن أفعال الحكام المنقادين للمستعمر، وعن مرادات الدين الداعية الى عزة الأمة ورفعتها الى الاستغراق في العبادات الطقوسية بديلا للجهاد.
ولذلك نرى أن المستعمر يوجه هذه الحركة لمهاجمة الحركيين الاسلاميين والعلماء والمصلحين.
لكن الواقع الذي يتعامون عنه أن الإسلام كيان حي لا يمكن قهره ولا امتطاؤه لتحقيق أغراضهم كما فعلوا سابقا بالمسيحية الأوروبية، عندما أفرغوها من مضمونها، وحولوها الى مجرد ثفافة اجتماعية وقيمة صلاحية لا تتدخل في حماية الضعيف من القوي.
الدين أنزله الله الى البشر ليتبعوه، وبه تصلح أحوالهم، ويعلم أن الظالمين والمستكبرين سيعادونه حفاظا على مصالحهم وامتيازاتهم، وبما أنهم يحتكرون القوة والنفوذ، فهو يتدخل لحماية منهجه، ولن يسمح لهم باجتثاثه، وتدخله هذا بأن يقيض دائما من العلماء الربانيين من يجدده وينبه الغافلين الى واجبهم، فبذلك يحقق الله سنة التدافع، ويجتبي من عباده المجاهدين شهداء مكرمين.
الاخوان المسلمين ليسوا هم من يحمي الإسلام، فهم مجرد حزب سياسي يسعى لتولي الحكم كباقي الأحزاب الأخرى، وما يميزه عنها ويكسبه التعاطف الشعبي هو أعلانه انتهاج الاسلام.
استهداف هذا التنظيم من قبل المستعمر ووكلائه المحليين من بيننا، لن يضعف الاسلام، وإنما هو دلالة على افلاسهم في مواجهة انتشار الاسلام المتزايد بين الأوروبيين يوما بعد يوم.
“وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” [يوسف:21].

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى