تبجيل الكبار في عصر نانسي وأليسا
د. حسام العودات
لم يخدم والدي في #القوات_المسلحة ولا الأمن العام ولا أي من الأجهزه الأمنية التي هي حقا شرف لمن خدم بها.
لذا لم يكن بإمكاني الدراسة على حساب المكرمة الملكية آنذاك , فبدأت معاناتي بعد #التوجيهي , فلقد أحببت #الطب منذ نعومة حوافري ، وما السبيل الى سماعة الطبيب ونحن من عائلة قد اعتادت ركوب السرفيس ؟!!!!!!
وما هي الا أيام حتى جاء الفرج من رب العباد بإعلان من #وزارة_التعليم_العالي عن التقديم للبعثات
طلبونا للمقابلات في كلية الحصن ، فذهبت برفقة والدي وشقيقي ، والأمل يسبقني ، وأدعية (مامي ) التي لم تتوقف الى يومنا هذا .
وصلنا لنشاهد العشرات في ساحة الكلية بانتظار المجهول ، وكلما حضر المزيد من أبناء الكادحين ، كان الإحباط سيد الموقف
لم تكن رائحة الفلافل تزكم الأنوف في الأجواء , فما بال الناس قد تجمهروا في أحد زوايا المكان ؟!!!!!
هرولنا مسرعين لنرى لوحة تحمل أسماء الدول وما توفر بها من بعثات ، وياللهول , فلم يكن هناك سوى ١٢ بعثة دراسية وفيها #بعثة_طب يتيمه ، وكيف السبيل اليها بين هذا الجمع الغفير ؟!!!!!
أصابني اليأس مجددا ، وقلت بصوت قد أدرك البلوغ حديثا : والله إنهم بضحكوا علينا ، أصلا هاي البعثات لناس صاروا مجهزين شنتاتهم للسفر .
عندها دعس والدي على رجلي، وكانت رسالة لي معناها : إخرس
فقلت مرة أخرى نفس الكلام من وجعي وبؤسي . فخرج والدي حينها عن صمته وقال : والله يابا هذول البعثات إلكو ، والتنافس حسب المعدل، وهسع بتشوف .
لم أقتنع بكلام والدي الذي لم يرَ في حياته سوى أمي وقريته في لواء بني كنانه
فتابع كلامه ، وأظنه قد قرأ ما يجول بخاطري ، قائلا : صدقني يا ابنيي إنه البعثات الكويسة ما نزلن عاللوحه , أخذوهن اولاد الحلال ، وتركولكوا إللي ما بدهم إياهن ، والميه بتكذب الغطاس .
انتهى ذلك اليوم بحصولي على بعثة الطب الوحيدة الى الصين بتوفيق من رب كريم ، وبقدر فرحتي ، كان خجلي من والدي الذي كان يبتسم ونحن في طريق العودة للمنزل ،
نعم ، فقد أدرك
أنني قد أخذت قبل البعثة درسا في احترام #الكبار وخبرتهم في الحياة ، حتى وإن كان نصيبهم من الدنيا قليل من العز والأسفار .
وصدق من قال : إللي ما عنده كبير ، يشتريله كبير .