تأخرت كثيراً يا دولة الرئيس!

تأخرت كثيراً يا دولة الرئيس!
م. عبد الكريم أبو زنيمة

التصريح الذي أطلقه دولة عبدالكريم الكباريتي “الفأس وقعت بالرأس” حول الأوضاع الاقتصادية التي يواجهها وسيواجهها الأردن بعد جائحة كورونا جاء متأخراً جداً وبعد خراب مالطا! إذ لطالما انتظر الأردنيون خلال عقود التيه والضياع والسلب والنهب أن يدق ناقوس الخطر شخصيّة رزينة كدولة الكباريتي لتلتف حوله الجماهير ويشكلون حالة ضاغطة لوقف التدمير الممنهج الذي تتعرض له الدولة على أيدي من ينتمون ويرتبطون بالخارج ويعملون على تنفيذ أجندة لا وطنية! وهنا لا بد من توجيه سؤال بحجم الوطن لدولته: لماذا صمت طوال هذا الوقت وأنت السياسي المحنك والاقتصادي الفذ -وما أكثر محبيك- وأنت ترى الوطن يُنهش وينخر ويذبح ويسمسر عليه في أسواق النخاسة والتجاذبات السياسية الإقليمية والدولية؟ لماذا أغمضت عينيك وأنت ترى كل اللصوص يقتلعون أعمدة الوطن وأوتاده! لماذا لم تشكل حالة دفاعية وأنت ترى عرابي الخصخصة يعزفون ألحان الموت وينعقون فوق ثرى هذا الوطن؟
تأخرت كثيراً يا دولة الرئيس وما صرحت به يشبه إلى حدٍ كبير ما يقوم به من يحصي عدد أوراق الشجر في الغابة! كثير من المفكرين والاقتصاديين والسياسين نبهوا ووقفوا وتصدوا لهذه السياسات العبثيّة لكنهم -مع احترامي وتقديري لهم جميعاً- ما استطاعوا أن يشكّلوا حالة جماهيرية مناهضة لهذا النهج الذي أوقع الفأس بالرأس، ومنهم من باع نفسه في أول مزاد ليناقض بموافقه اليوم ما كان يصدح به بالأمس مقابل أموال فانية أو كراسي زائلة! أما القوى السياسية فلا تزال منكفئة على نفسها داخل حصون خلافتها وغير قادرة على تبني برنامج وطني للإنقاذ!
دولة الرئيس، لقد مضى على استشهاد الزعيم الوطني وصفي التل خمسة عقود لكنه لا زال خالداً في وجداننا ويعيش في أرواحنا وضمائرنا، جيل كامل ولد بعد استشهاده لكنهم يعرفونه أكثر مما يعرفون الأحياء ممن ورثوا مهامه وواجباته ومسؤولياته لكنهم لم يحملوا أمانته! أحببناه ونحبه ونخلد ذكراه ولا زالت نساء الأردن ورجالها يتغنون به ويهزجون بأهازيجه لأنه كان رجل أفعال لا أقوال وكان صاحب مواقف لا صاحب مكاسب – كان رجل دولة بكل معانيها وتفاصيلها ولم يكن رجل أعمال ومال، عاش فقيراً ومات فقيراً لكنه بقي خالداً شامخاً في نفوسنا وزعيماً وطنياً ننهل من مآثره وقيمه ومواقفه وأنفته ما نورثه لأبنائنا وأحفادنا والأجيال القادمة.
رحم الله الشاعر مظفر النواب، قد وصف وأجاد الوصف في قصيدته المشهورة (القدس عروس عروبتكم) وها نحن اليوم نبكي الأردن يا دولة الرئيس!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى