بين وجعين! / أروى الزعبي

كلما جاء الخبر برفض تكفيلهن شعرت بأن  هذا الوطن أكثر وجعاً مما كنت أعتقد، كلما جاء الخبر عن إحداهن وهي تبكي من الخيبة وامتهان الكرامة أدركتُ أننا أمام دولةٍ تبحث عن كبش فداءٍ لأخطائها مهما كان الثمن، كلما تناقلت وسائل الإعلام كيف يأتين إلى المحكمة وهن مقيداتٍ بالأصفاد في ناقلة المسجونات شعرتُ بأن الكارثة لا تأتي إلا على البسطاء.

كارثة البحر الميت التي أودت بحياة عدد من أطفال مدرسة فكتوريا، احزنتنا جميعا وأوجعتنا جمعينا، كانت الكارثة الاخطر التي عرفها الأردن والكارثة التي أبكت الأردنيين بكل أعمارهم، لكن حقاً هل كانت (المعلمات والتربويات) هن السبب فيها؟

أعلم أنهن  أمهات وجميعهن يدركن معنى الألم والفقد وأعلم أيضاً أنهن يخشين على أولادنا مثلما يخفن على أولادهن وربما أكثر، ويتابعن احتياجاتهم مثلنا وأكثر، ويفرحن لفرحهم ويبكين إذا ما أصاب أحدهم جرحاً، لا ينافقن ولا يكذبن ففيهن طهارة الأمهات وقرشهن حلال وتعبهن مضاعف، لذا هن أبسط من أن يفكرن بالأذى وآخر من يفكر بالتقصير.

أعلم أن ياسمين “ابنة المديرة” التي كانت إحدى ضحايا الحادث لم تستطع أمها أن تبكيها حتى اليوم، وأن وعد موظفة المياومة في شركة السياحة لم تستطع أن تتصل بأولادها نهائيا خوفا من ان تنهار على الهاتف، وخلف كل واحدةٍ من الأخريات قصةٌ لم نسمع بها بعد، فلماذا يصرون على توقيفهن وكأنهن المذنبات الوحيدات؟

مقالات ذات صلة

جميعنا نقف مع القانون ليخدم العدالة ونطالب بمحاسبة المقصرين والمسؤولين،لكن مع الأخذ بعين الاعتبار انه من غير المنصف إيقاف تربوياتٍ ومعلمات أفنين اعمارهن دفاعاً عن القلم والأبجدية والأخلاق كل هذه الأسابيع في السجن، الإيقاف من اجل التحقيق بالتأكيد، لكن التوقيف كعقوبة قبل ان يقول القضاء كلمته أمرٌ محزن بحق كل من كان له يوماً الفضل بأن يعلمنا حرفاً.

جمعينا نطالب بمحاسبة المقصرين والمسؤولين، لكن لماذا لم نرَ المسؤولين أيضا يقفون في قفص الاتهام أو حتى يتحملون أخطائهم؟ لماذا اكتفيتم باستقالاتهم وطبقتم القانون على أمهاتٍ أوجعهن الغياب وأبكاهن امتهان الكرامة!

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى