م. #أنس_معابرة
تلاحقت خيبات الأمل والنكسات على أهلنا في فلسطين عموماً وغزة خصوصاً في الآونة الأخيرة، وذلك تزامناً مع اقترابنا من ختام الشهر الرابع من القتل والدمار الجاري في القطاع المكلوم، تحت أنظار العالم الذي أخرسه اللوبي الصهيوني بسطوته وجبروته.
قبل القيام بثورة طوفان الأقصى وهجوم السابع من أكتوبر، ربما تصورت المقاومة في قطاع غزة حراكاً داخلياً قوياً في الضفة الغربية، ومناوشات حقيقية مؤلمة للعدو على الحدود الشمالية لفلسطين، ودعم حقيقي عبر معبر رفح والحدود الشرقية، وصمود من اليمن في اغلاق البحر الأحمر؛ المعبر البحري الرئيس للعدو، وكذلك التزاماً من اخوة الدم بإغلاق المعابر البرية عليه، بالإضافة إلى دعم دولي ووقوف إلى جانب الحق، ومحاولات دولية من الدول والمنظمات لإيقاف العدوان الغاشم المتوقع.
كل هذا طمعاً في رضوخ العدو لطلبات المقاومة في الافراج عن الآلاف من الاسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال منذ عقود، وتحقيق العدالة للقطاع المظلوم، والبدء بالحديث عن مطار وميناء، وخدمات صحية وتعليمية حقيقية، وبنية تحتية مناسبة، تليق بالملايين من البشر المقيمين فيه، والذين يرزحون تحت الحصار والمراقبة منذ عقدين من الزمان.
تآمرت القيادات السياسية في الضفة مع العدو المحتل تحت عنوان التنسيق الأمني لإسكات الأصوات قبل أن تعلو، وساعدت في اعتقال الألوف من الشباب الذين من الممكن أن يكون لهم دور في حراك سلمي او عسكري في الضفة.
وهناك في الشمال؛ لم يتعد الأمر مداخلات خجولة تقتصر على اثبات الوجود فقط، وما زالت الأيادي المباركة تقصف برج الارسال منذ أربعة أشهر، ولم يسقط البرج حتى الآن، يحاولون السلامة والنأي بأنفسهم من الدخول في الحرب، لا يدركون أنهم سيؤكلون يوم يؤكل الثور الأبيض في قطاع غزة، وسيأتي دورهم في التصفية.
والمعبر الوحيد على العالم أُقفل بيد عربية شقيقة تحقيقاً لمصلحة الاحتلال، وبات الاحتلال الصهيوني هو المتحكم في المعبر، والذي يسمح أو يمنع دخول المساعدات إلى القطاع الجريح، أو حتى خروج المصابين بقصد العلاج، ليتحول الامر إلى مافيات تبتز الجرحى والمصابين لإخراجهم من القطاع.
وبعد أن نفذ اليمنيون وعيدهم بإغلاق البحر الأحمر في حال استمرار الحرب على القطاع؛ نالهم من الضربات ما نالهم، وانظموا إلى قائمة ضحايا الصمت العربي والإسلامي والدولي على جرائم الاحتلال الصهيوني والامريكي، عندها جاء الفرج للاحتلال من الشرق، اذ تم تفعيل المعبر البري، وتصطف الآلاف من الشاحنات على المعبر تمهيداً لدخولها إلى الأراضي المحتلة، ولا ندري ما تحتويه تلك الشاحنات، ولكن من المؤكد أن لها دوراً في اعانة الاحتلال الصهيوني في حربه ضد أهلنا واخواننا في قطاع غزة.
وبالمقابل؛ نال الاحتلال تعاطفاً من الغرب الفاجر، وسارعوا بإرسال الامدادات العسكرية اليه، بل كان لحلف الشر الأمريكي – البريطاني دوراً في التخفيف عن ربيبهم الاحتلال من خلال توجيه ضربات لليمن والعراق وسوريا، بهدف تخفيف الضغط على الاحتلال، تماماً كما يأخذ أحدهم أخاه الكبير إلى المدرسة، ويبدأ بالإشارة على اعدائه، ليسارع أخوه إلى تخويفهم وتهديدهم وربما لطمهم.
الاحتلال سعيد جداً بالموقف العربي المتخاذل، والذي آثر الصمت والتفرج على ثلاثين ألفاً من الشهداء، وثلاثة أضعافهم من الجرحى، بالإضافة إلى تدمير نصف الوحدات السكنية في القطاع. وهو سعيد كذلك بالموقف الغربي الداعم له بشدة، الذي يصل الليل بالنهار لتوريد الأسلحة، وعقد الزيارات والمؤتمرات الداعمة للاحتلال، وتبرير موقفه دولياً.
ولكن؛ على الرغم من كل تلك النكسات وخيبات الأمل، ما زال الأمل لدينا كبيراً، فالاحتلال يتكبد يومياً خسائر كبيرة وفادحة على أيدي الجنود الابطال، ولم يتمكن العدو حتى اليوم من الإشارة إلى تحقيق انتصار واحد في القطاع عدا قتل المدنيين وتهديم المنازل وتدمير البنية التحتية، كما بدأت تظهر علامات الشقاق والنزاع بين القيادات السياسية والعسكرية، والتي ندعو لها بالنمو والزيادة.
لن تتأثر الأوضاع في قطاع غزة بكل ما يحيطها من احباطات وخذلان، فهم ان شاء الله الفئة المنصورة الثابتة على الحق، لا يضرهم من خذلهم، وسيصلون إن شاء الله إلى النصر بأمر الله، ثم بثباتهم وصدق نيتهم، وشدة عزمهم فقط، وعندها فالنصر نصرهم هم فقط.