بيان مؤسسات المجتمع المدني الوطنية حول ملف أزمة نقابة المعلمين

سواليف
بيان مؤسسات المجتمع المدني الوطنية حول ملف أزمة نقابة المعلمين
٧ آب ٢٠٢٠

رصدت مؤسسات المجتمع المدني الموقعة على هذا البيان التطورات الخطيرة المتسارعة التي تشهدها ساحات الوطن في ملف نقابة المعلمين، و حالة التأزيم غير المسبوقة والتعدي على أحكام الدستور والقانون من خلال إغلاق كافة فروع نقابة المعلمين وتشكيل لجنة حكومية مؤقتة لإدارتها بشكل مخالف للقانون في وقت يتطلب التفاف الجميع حول الوطن والاحتكام للقانون والحكمة. كما رصدت اعتقال أعضاء مجلس النقابة والعديد من رؤساء الفروع والقيادات النقابية والمواطنين المتضامنين معهم، وما رافق ذلك من انتهاكات للحريات العامة المكفولة دستورياً بمنع الفعاليات التضامنية مع المعلمين والمعلمات واعتقال من يشارك بها ويدعو لها وحظر النشر والتداول والتعليق على القضية في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
إننا بصفتنا ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني الوطنية المعنية بالرقابة والمساءلة وفتح قنوات الحوار بين أطراف القضية، نضع أنفسنا اليوم أمام مسؤولياتنا هذه ونجد أنفسنا أمام اختبار حقيقي لوقف هذا التسارع المضطرد نحو الانسداد في الأفق عبر إغلاق قنوات الحوار والتفاوض واحترام الدستور. ونشدد على أهمية الالتزام بمنطوق الارادة الملكية السامية المرافقة لتفعيل قانون الدفاع بأن يكون بأضيق الحدود ودون المس بالحريات والحقوق المدنية للأردنيين.

وقد قمنا منذ اندلاع الأزمة، برصد وتوثيق مفاصل عدة وقعت فيها ممارسات غيبت سيادة القانون تحتم علينا مسؤوليتنا المهنية والأخلاقية ان نطالب بتصحيحها وتتمثل بالآتي:

1. التوسع في الصلاحيات القانونية التي تقيد حق التنظيم النقابي
تابعنا قرار النيابة العامة بوقف عمل نقابة المعلمين وإغلاق مقراتها وكف يد أعضاء مجلسها لمدة عامين، وهو الأمر الذي نعتبر فيه توسعاً في تفسير نصوص القانون التي نؤمن أنها تمنح الحق بإصدار مثل تلك القرارات بموجب قرار قضائي قطعي، اذ أن القانون مكن القضاء من الحكم بوقف عمل أي نقابة أو هيئة معنوية في حال اقتراف القائمين عليها جناية أو جنحة مقصودة، وهو ما لا يتصور الحسم بشأنه إلا بعد إدانتهم بحكم قضائي قطعي. وخلافاً لذلك فنحن نرى أن هذه النصوص تخالف جوهر وروح حكم القانون التي كرسها الدستور الأردني في المادة 128 منه التي منعت أن تمس القوانين بجوهر الحقوق الدستورية. كما كفل الدستور تأسيس النقابات وفق أحكام القانون، حيث أسست نقابة المعلمين بموجب المادة ١٦ من الدستور والتي تم تعديلها لأول مرة لكفالة حق التنظيم النقابة. كما أن نقابة المعلمين جاءت كمطلب اصلاحي وطني لكفالة عدم حرمان شريحة واسعة من الأردنيين والأردنيات من حقوقهم وفق قانون حدد حقوقها وواجباتها وطرق عملها، الا أننا تفاجأنا بقرار وقف أعضاء المجلس عن عملهم وتشكيل لجنة من السلطة التنفيذية لادارتها بشكل مخالف لقانونها. إن هذا الإجراء شكل انتهاكاً غير مسبوق للدستور وللمعايير الدولية المتعلقة بحق التنظيم النقابي ولقانون نقابة المعلمين.

2. انتهاك حقوق المعلمين والمعلمات النقابيين
علمنا أن وزارة التربية والتعليم قامت بإحالة مجموعة كبيرة من النقابيين المشاركين في الاحتجاجات إلى التقاعد قبل وصولهم إلى السن القانوني وهذا القرار من شأنه أن يؤدي إلى الإخلال بشروط عضوية النقابة وبالتالي يكون المعلم المتقاعد قد حرم من الانتساب للنقابة رغم إرادته، وفي ذلك مساس بحق العمل وحقه بالعيش الكريم من ناحية وبحقه بحرية الانتساب النقابي. من جهة أخرى فإن اتخاذ هذا القرار من قبل السلطة التنفيذية في ظل وجود هذه الأزمة يمكن أن يوصف إلى حد إساءة استعمال السلطة .

3. تقييد حرية التعبير والصحافة والنشر
صدر قرار عن النائب العام بمنع النشر، الأمر الذي أدى الى كسر أقلام الصحفيين وتكميم أفواههم وحجب المعلومات عن المجتمع في قضية تشغل الرأي العام الأردني، كما انعكس الأمر على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي فتمت مصادرة آراءهم ومنعهم من التعبير، فتم تحريك شكوى الحق العام بحق عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن تهماً مختلفة بسبب القيام بنشر أو إعادة نشر رأي معين، ولا بد لنا أن ننوه في هذا الصدد الى أن قانون العقوبات أصبح يستخدم بشكل يخالف مقاصده وتحديداً في قرار منع النشر حيث أن المادة 225 التي تتضمن منع نشر وثائق التحقيق قبل تلاوتها في جلسة علنية، إضافة الى جلسات المحاكمات السرية والمحاكمات في دعوى السب والمحاكمات التي منعت المحكمة نشرها، لم تجرم في أي حال من الأحوال منع تداول الآراء حول قضية معينة، وعلى الرغم من ذلك فقد تم توجيه تهمة مخالفة المادة 225 لأحد الصحفيين، مما جعل أغلب وسائل الاعلام المحلية تحجم عن نقل المعلومة والآراء حول قضية عامة تمس الأردنيين .

4. منع الحق في التجمع
مُنع المعلمون والمعلمات من حقهم في التعبير والتجمع، من خلال وقفات سلمية متعددة دعى اليها المعلمون في أغلب المحافظات، حيث تمت محاصرتهم من قبل قوات الأمن واستخدمت القوة المفرطة في تفريق المتظاهرين اضافة إلى حملة اعتقالات طالت المتظاهرين، حيث بلغ عدد المعتقلين في الاعتصام الأول في عمان يوم الأربعاء التاسع والعشرين من شهر تموز الحالي 718 متظاهر ومتظاهرة تم إطلاق سراحهم لاحقاً.

5. التوسع في التوقيف ما قبل المحاكمة
نصت المادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على تقييد التوقيف في مرحلة ما قبل المحاكمة واعتباره إجراء استثنائياً لا يتم اللجوء إليه إلا في أضيق الحدود، حيث وضع القانون ضوابطاً لذلك. ونؤكد في هذا المقام على أن الالتزام بهذه المعايير يحمي مبدأ الحرية الشخصية التي شرعتها المعايير الدولية لحقوق الإنسان وحماها الدستور ومنع تقييدها إلا وفق القانون. ونستهجن مظاهر المغالاة في استخدام القوة عند القاء القبض على المعلمين في أي قضية تتعلق بالنقابة، ونطالب بمساءلة من أظهر استهتاره بالقانون من خلال رفض تزويد المقبوض عليهم بالأوامر القضائية المرافقة لعملية إلقاء القبض أو إغلاق الفروع وهو ما تستوجبه النصوص القانونية وتنظمه كحق للمقبوض عليهم وللمجتمع عموماً.

6. التغول على سلطة القضاء من خلال اللجوء إلى توقيف المعتصمين إدارياً من قبل الحكام الإداريين
نرى بأن اللجوء إلى التوقيف الإداري يشكل تغولاً على السلطة القضائية التي كفل الدستور استقلالها، كما يخالف قانون منع الجرائم الذي يستند له الحكام الإداريون في سلطاتهم. إذ لا تنطبق احكام هذا القانون على المعلمين والمعلمات المتظاهرين على فرض مخالفتهم للقانون، وبالتالي لا تنعقد صلاحية الحكام الإداريين بالتوقيف في هذه الحالة. وبناء عليه يغدو اللجوء إلى التوقيف الإداري ضد المعلمين مخالفة قانونية تعتبر احتجازاً غير مشروع للحريات.

7. ضمانات المحاكمة العادلة وحق الاستعانة بمحام
قمنا برصد حالات توقيف الأعداد الكبيرة من المتظاهرين ومن ثم عدم تمكينهم من الاستعانة بمحامين حيث رفض السماح للمحامين بلقاء المعلمين أو توقيع الوكالات في بعض الحالات سواءً في المراكز الأمنية أو أمام الحكام الإداريين، وهو ما يخالف نص قانون نقابة المحامين وغيره من القوانين السارية، كما يتعارض مع كفالة حق الدفاع الذي ضمنه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

وعليه فإننا كمؤسسات مجتمع مدني ندعو إلى ما يلي :
• الافراج الفوري عن مجلس نقابة المعلمين وكافة معتقلي الرأي من معلمين ونشطاء .
• إعادة فتح النقابة باعتبارها هيئة منتتخبة وإغلاقها يشكل تعديا صريحا على القانون وحرية التنظيم والرأي.
• ضمان حق التنظيم النقابي الذي كفله الدستور وحق اعضاء النقابات بالعمل النقابي بشكل مستقل وديمقراطي ودون أي ضغوط .
• مواءمة كافة التشريعات بالمعايير الدولية لضمان حرية العمل النقابي.
• حماية وضمان حرية التجمع والسماح باقامة الوقفات والمظاهرات السلمية للتعبير عن الرأي مع مراعاة إجراءات السلامة العامة والاعتبارات الصحية.
• إلغاء كافة القيود على العمل الصحفي واتاحة المجال للصحفيين ودون أي مضايقات في نقل مطالب المعلمين وكافة الآراء حول هذه القضية .
• مراجعة كافة الإجراءات القانونية المخالفة التي رافقت ملف إغلاق النقابة ومنع تكرارها.
• الدعوة لحوار وطني لمعالجة الأزمة تحملاً للمسؤولية الوطنية.

ونحن من موقع المسؤولية الوطنية، نعرب عن استعدادنا لتقريب وجهات النظر وتيسير الحوار بين الفرقاء بهدف إنهاء النزاع بشكل يحفظ كرامة وحقوق المعلمين ويحافظ على استقرار الوطن ويمنع التصعيد والتأزيم في قضية تهم الأردنيين كافة.

المؤسسات الموقعة:
اتحاد النقابات العمالية المستقلة الأردنية
آفاق الأردن للتنمية والتدريب
تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان
ذكرى للتعلم الشعبي
جمعية اتحاد المرأة الاردنية
جمعية مجتمع تعليلة
شبكة الإعلام المجتمعي
شبكة الديمقراطيين في العالم العربي
العربية لحماية الطبيعة
قم مع المعلم
لجنة حقوق الانسان المنبثقة عن مجتمع الديمقراطيات
الملتقى الوطني للدفاع عن الحريات وحقوق الانسان
الملتقى التربوي العربي
مركز الإعلاميات العربيات
مركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة
مركز العالم العربي للتنمية الديمقراطية
مركز العدل للمساعدة القانونية
مركز القدس للدراسات السياسية
مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية
مسرح البلد
مؤسسة أهل
مؤسسة صداقة
النهضة العربية للديمقراطية والتنمية — أرض

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى