” بوحٌ مرمريٌّ الهذيانِ ” / سكينة الرفوع

” بوحٌ مرمريٌّ الهذيانِ ”
سكينة الرفوع

مِنْ نسماتٍ صيفيّةٍ راحتْ تنسجُ حروفَ خاطرتها ، ذاتَ موعدٍ معَ زهور ِ البنفسجِ ، في ليلةٍ ياسمينيّةِ العطرِ ، يكتنفها هدوءٌ ليلكيٌّ
يستبيح ساعاتِ خِلوتِها ، فيتسلّلُ إليها فرحٌ مخبوءٌ ، تُدثّرهُ لغةً تَسْدلُ حروفَها على أوراقٍ تستدرجُها لتعتليَ صهوةَ البوحِ ، ترواغُها بذكاءِ أنوثةٍ ؛ لتكشفَ عن خبايا تتكدّسُ في وجدانِها ، لكنها تستأثرُ الصّمتَ ، تُهَدْهِدُ على ما تبقّى من ذكرياتٍ مَخمليّةٍ تستميلُ إليها فتطفو على فنجانِ قهوتِها ، ترسمُ على وجههِ قصةَ شوقٍ لحُلمٍ مُخضّبٍ بالأملِ ظلَّ يُراودُها سنينَ من عمرها ، تتأملٌها بسُكونِ فراشةِ ترتشفُ رحيقَ الزَّهرِ ، تستنزِفُ منها لحظاتِ هدوئِها ، وتلملمُ بها شتاتَ روحها ، تتوسّدُ رائحةَ عطرِها ، لا حدودَ لامتدادِ الفرحِ الذّي يرسمُ طريقَهُ إلى قلبِها ، كُلّما هامَسَهَا صوتٌ تقتربُ فيهِ مِنْ خطواتٍ دثّرتْهَا باليقينِ ، تشحذُ به زهوراً لِغدٍ موسومٍ بالرّجاءِ .
في غمرةِ سُكونِ اللّيلِ ، هذيانٌ للوحةٍ عُلّقتْ على جدارِ ذاكرتها المُدججّةِ بالأشجانِ ، تستدعي بوح
لوطنٍ يُسَائلها بصوتٍ مُثقلٍ بالوهنِ ، كأشجانِ يمامةٍ حطّتْ على فننٍ من وهمٍ .
تراتيلٌ تتوشّحُ بالحزنِ ، تبكي لنكرانٍ مُجحفٍ في حقِ وطنٍ يُقاسي جِراحاً مهجورةً منذ أمدٍ بعيدٍ ، يروي برثائيّةٍ تذوي رويداً كشموعٍ على صفحةِ مرمر، راحَ يرسمُ زيفَ عشقٍ باسمِ ولاءٍ لكنّه خاوِ من الوفاءِ ، تتصدّرُ عناوينَ قصائد مٌتوّجةِ بعناقيدَ فخرٍ برىء من صدقِ مشاعرَ ممزوجةٍ بدموعِ الكذبِ.

تُرى هل سنظلُ نرتّقُ أحلامَنا بأنانيّةٍ وحشيّةٍ ، ونتغنّى بجراحِ وطنٍ يئنُ بنزفٍ يكبرُ كلّ يومٍ في غياهبِ الوحدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى