بناء الأوطان أولاً

#بناء_الأوطان أولاً

المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة


في أعقاب #تصريحات #نتنياهو حول مشروع إسرائيل الكبرى أصدرت 31 دولة عربية وإسلامية بيانا إنشائياً تضمَّن عبارات شجب وتنديد ولم يحدّدوا فيه إسرائيل بأنّها عدوة لأمتنا العربية والإسلامية وتشكل خطراً وجودياً علينا ، هذا البيان أضاف رصيداً جديدا للأطنان المكدسة من بيانات الشجب والتنديد السابقة على مدار أكثر من سبعة عقود الماضية والتي في حقيقتها لا قيمة لها غير هدر وتبديد أموال الشعوب على اجتماعات ومؤتمرات وندوات وزيارات فارغة المضمون والنتائج ، هذا البيان وما سبقه يعكس حقيقة عالمنا العربي والإسلامي الفاشل المهزوم ، فهل يُعقل ومن سيصدق عجز وهزيمة 22 دولة عربية أمام كيان عنصريّ استيطانيّ توسعيّ يُجاهر ليلاً ونهاراً بمعتقداته التوراتية ومخططاته ومشاريعة الاستيطانيّة التوسعيّة على حساب بعض من هذه الدول الموقعة على بيان التنديد ؟!
لم أستغرب وغيري الكثير من الشعوب العربية هذه التصريحات الصه.. يونية فهذه معتقداتهم ، غالبيتهم يؤمنون بمعتقد أرض الميعاد أو ارض كامل إسرائيل ” بين نهري الفرات والنيل ” المذكورة في التوراة ويعتبرونها وعداً إلهيّاً ويقومون بغرسها في أذهان أجيالهم منذ صغرهم ويعملون ويُعدّون عدّتَهم لتحقيقها ، هم يجسدونها على علمهم ويعبرون عنها في نشيدهم وينقشونها على عملتهم ، فعندما عُرِض قرار التقسيم على بن غورين قال وكتب أن التقسيم حالياً مقبول – ولكن كمرحلة أولى ! وقال أنّه كلما امتلكنا القوة سنتمكن من الاستيلاء على المزيد من الأرض وسنحطِّم الحدود التي تفرض علينا ، هذه المعتقدات يتبناها غالبية القادة الصه.. اينة وحركاتهم السياسية ويحوِّلونها إلى مشاريع واستراتيجيات وبرامج تنفيذية نشاهدها ونلمسها كل يوم .
المستغرب هو ما تعجّ به وسائل الإعلام العربية ووسائل التواصل الاجتماعي من شجب وإدانة واستنكار وشتائم وحماسة للقضاء على إسرائيل ! وهذا شيء جميل ومطلوب ! ولكن : ألّا نتذكر مقولة ” أشبعتهم سبا وذهبوا بالأبل ! وماذا حقّقت لنا أطنان الشجب والإدانة ؟! وهل بهذه الذهنية نحصِّن ونحمي وندافع عن أوطاننا ؟! هل في القرن الحادي والعشرين نستحضر حروب داحس والغبراء وسواليف الهجيني والحصيدة ؟!!!
حماية الأوطان يحتاج قبل كل شيء إلى تحصينها داخليا وبناء الفرد الحرّ ” المواطن” فيها ، الفرد المتسلح بالعلم والمعرفة والثقافة والانتماء الوطني والمعتقد الديني والأخلاقي في ظل بيئة سياسية ديمقراطية ، يكون فيها المواطن بحق وحقيقة أساس وركيزة ومحور التنمية والبناء ، لكن أين هي الأوطان التي ستُدافع عنها وتحميها الشعوب ، إن كانت الشعوب هي من ستدافع عن أوطانها فلماذا كل هذه القواعد العسكرية الأجنبية تدنِّس ترابها ؟!، لماذا كل أجهزة الأمن العربية مرتبطة مباشرة بأجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية؟! ، أين أموال الشعوب وكيف وأين تُهدر؟ ! أين أصبح الأمن القومي العربي اليوم ؟! ألم تطلُب ذات الأنظمة العربية من ياسر عرفات تسليم السلاح والخروج من بيروت ؟! ألم ترفض غالبية الدول العربية استقبال مكاتب وقادة الفصائل الفلسطينية ؟! ألم تشارك ذات الأنظمة بتدمير العراق وليبيا وسوريا والسودان ؟! ألم تطالب ذات الأنظمة اليوم من حماس تسليم سلاحها ؟!، الا تطالب ذات الأنظمة حزب الله بتسليم سلاحه وتحاصر اليمن (صنعاء ) ! ألّا تُقيم ذات الأنظمة أفضل العلاقات مع الكيان الصه..يوني وتسعى لنشر الديانة الإبراهيمية ؟!، أليست هي ذات الأنظمة التي غرست كل الموبقات الفكرية والثقافات المنحلَّة والسلوكيات المنحرفة في أذهان الأجيال؟!، هناك ألف سؤال …، ولكن هناك سؤال وجِّهَ لأحد الثوار الفيتناميين اثناء حربهم مع أمريكا وهو : لأيِّ حزب تنتمي ؟ فكان جوابه : لحزب فيتنام الحرة .
التصدي للكيان وأطماعه وتهديداته يحتاج إلى إعادة بناء الأوطان العربية أولاً على أسسس الديمقراطية والحرية وسيادة القانون ، ومن ثم بناء الفرد الحر الذي لا يتلتفت حوله وخلف الجدران عندما يعبِّر عن أفكاره وآرائه ومعتقداته ، ومن ثم بناء التكامل والأمن القومي العربي المشترك ، وللتذكير فقط كم من العشائر والقبائل والأفراد كالت المديح وأوهمت صدام حسين بأنَّها ستحميه بدمائها وأرواحها وفلذات اكبادها ! وكانت هي من أوائل المنقلبين عليه !!! مع إجلالي لكلِّ حرٍّ شريف يتصدَّى للكيان الصهي…ني وأطماعة من منطلق إيماني وإخلاص وانتماء وطنيّ .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى