النص الكامل لورقة توجان فيصل المقموعة في البحر الميت

المستقبل العربي

لم تحصل السيدة توجان فيصل، النائب السابق، على فرصة كافية لتوضيح وجهة نظرها، ورؤيتها، فيما يخص “الإصلاح اللازم للوصول لحكومة نيابية”، وهذا عنوان ورقتها التي قدمتها في مؤتمر الحوار الشعبي، الذي دعا له حزب الرفاه في البحر الميت، يومي 28،29 الشهر الماضي.

فقد كان رئيس الجلسة (سميح المعايطة) صارما لجهة التقيد بالوقت الذي منح لكل واحد من المتحدثين، وهو فقط عشرة دقائق، فيكا اعترض كذلك على ما رآه عدم التزام بعنون الجلسة..!

إلى ذلك، فقد نشرت بعض الصحف الإلكترونية خبرا مجتزءا عن ورقة السيدة فيصل.

لذا، فقد ارتأى “المستقبل العربي” نشر الورقة كاملة، إلى النص:

بما ان مطالب الشعب الأردني قد جرت بلورتها في إجماع شعبي خلال الأشهر العشر الماضية , وهي الحرية وحقوق الإنسان والمواطنة والعدالة .. وبما ان الشعب أجمع أيضا على وسيلة تحقيق تلك الحقوق , وهي عودة كافة السلطات للشعب , كما هي في أية ديمقراطية حقيقة , وهو ما سيحقق المطالب الثلاث مضافا لها إعادة كل أموال الشعب وأصول البلاد المنهوبة ومحاسبة الفاسدين والسارقين الذين أودوا بالبلاد لهذا الحال البائس ..وبما أن الصحافة المحلية والعربية والعالمية تنقل في اليومين الأخيرين عن الملك في خطابه تحت قبة البرلمان قوله بأن “الحكومة القادمة ستكون برلمانية “.. فإننا في هذه الورقة سنركز على آليات الوصول لحكومة برمانية بحق , والتي تتطلب عكس المسار الجاري كله . فلو جرى العمل على الوصول لحكومة نيابية منذ حدد الشعب مطالبه في بداية هذا العام لكانت حكومتنا الحالية برلمانية , ولكان برلماننا سلطة شعبية محترمة تستحق لقب ” ممثلي الشعب ” الأشرف بين كل الألقاب السياسية قاطبة .. وليس مجلس ال ” 11جبان ” , و” مجلس البلطجية ” و” محمص النواب ” و مجلس البسطات “.. وكلها ألقاب جلبها المجلس ومن أتوا به على أنفسهم , كما جلبوا قذفهم بالبيض الفاسد مرتين في غضون أشهر فقط من عمر المجلس , ولا ندري كيف سيحتفل الشعب بسنوية المجلس الأولى . فإن كانت “الحكومة النيابية” ستنطلق من رحم تشريعات يقرها هكذا مجلس, ومن سياسات تعتمدها حكومات زعم شرعيتها يتأتى من هكذا مجلس , فعلى تلك الحكومة البرلمانية السلام : لم تفهمومنا , عظم الله أجركم .

وأركز في ورقتي هذه على الإجراءات العملية اللازمة للبدء في اصلاح الحقيقي, والتي هي الإمتحان الحقيقي للفعل مقابل إطلاق القول السهل , والتي أهمها التشريعات. فالمجتمعات البشرية تترجم, وتطوّروتحدّث, مفهومها للحقوق والحريات والعدالة في صيغة تشريعات بدءا بالدستور ,ومرورا بالقوانين , وانتهاء بالعرف الإجتماعي غير المكتوب .ومنظومة التشريعات هذه تحكم حتى العلاقة بين الأخوة وبين الأباء والأبناء إن تأزم الخلاف . وقدسية علاقات الأمومة والأبوة بالبنوة مؤشر على قدسية مهمة التشريع بحيث لا توكلها المجتمعات الحية إلا لخيرة من يمثلونها , ما يبين فداحة جرم تزوير إرادة الشعوب في اختيار مشرّعيها . وغني عن القول أنه لا يحق لأية سلطة سياسية أو طرف سياسي أو كائن فرد أن يحاول منع أي كان من السعي لتغيير اي تشريع بالتوافق الشعبي , لا بتجريمه ولا بتخوينه ولا بتكفيره , ولا حتى بمحاولة الحد من وسائلة . بل إن في مقدمة مهام وواجبات السلطات السياسية تسهيل تلك المهمة المتواصلة المتجددة المتطورة, وتوفير مستلزماتها الذي يمكن تلخيصه بكلمة واحدة : الديمقراطية , أي حكم العشب .

وقد آن الأوان أن نترك التزلف لنصرّح بأن علاقة الحكم بالمحكومين , ليست أبوية , بل يدينها عالميا أن يقال أنها “أبوية ” (بطرقية ) كونها توشر على طلب سلطة تمعن في انتهاك خصوصية الشعب . العلاقة بين الحكام والمحكومين لا يحكمها سوى ” مصلحة ” المحكومين , ولا وجود فيها لسلطات او صلاحيات للحاكم إلا في حدود تحقيق تلك المصلحة كما يعرّفها أصحاب المصلحة في تشريعاتهم بدءا بالدستور. وكل من يولّى الحكم ” مكلّف” من الشعب بجزء من تلك المهمة ,وهو مراقب ومحاسب من الشعب على أداءه للمهمة .

وتركيزي على بعض أبرز التعديلات الدستورية المطلوبة وليس كلها , وعلى بعض معالم قانون الإنتخاب المطلوب وليس كلّه ,مضافا لها بعض التشريعات الأخرى غيرالقابلة للتأجيل لمنع تفاقم الخلل والخطر بما يهدد نجاح الحكومة المنتخبة حين نصل إليها ..هو في الحقيقة لكوني أتفق مع بل وأتبنى جلّ ما طرح من تصورات شاملة للتعديل الدستوري من قبل تجمعات إصلاحية شعبية أو من فقهاء دستور نقدّرهم عاليا ( كالتصور المطروح من قبل الجبهة الوطنية للإصلاح أو المطروح من الدكتور محمد الحموري) . وإن اختلفت معهما او مع اي تصور آخر مشابه في أية جزئية هنا, فاختلافي نابع من أنني أنطلق في اجتهادي هذا من خبرة سياسية وتشريعية ” عملية ” , تستشرف ما سينتج عن التطبيق , فيما رؤية بعض زملائي, وفي مقدمتهم الدكتور الحموري , تنطلق من نظرة علمية أكاديمية . وكلا الرؤيتين يلزم لتكامل الطرح واستكمال الحوار الشعبي الذي أعتقد أنه شارف توافقا يبشر بخير عميم .

ومحاولة ترجمة المطالب الإصلاحية الشعبية لإجراءات سياسة وتشريعية مجدولة , تحتم مراعاة ان يتكامل ما يوضع في الدستور مع ما يوضع في قانون الإنتخاب , وأيضا لا بد من بيان من يتولى ماذا في هذا المسار , بحيث تتحقق استعادة الشعب لسلطاته منذ البدء بالإصلاح .. فالشعب هو من طالب بإصلاح النظام , وليس الشعب من يحتاج للإصلاح كي ينصّب عليه النظام لجانا وحكومات ومشرعين لم يخترهم.. ولكننا سنحاول هنا , تأكيدا لتوجه الشعب في الحفاظ على سلمية المسار الإصلاحي , أن نوظف آليات الحكم الموجودة حاليا في الحدود التي لا تتناقض فيها مع تحقيق الهدف الأسمى وهو أعادة حقوق الشعب وسلطاته كاملة غير منقوصة.

ومن هنا نقول أنه لا بد من حل مجلس النواب الذي لا يمثل سوى الحكومة التي أتت به فأسقطها الشعب لكومة أسباب آخرها إتيانها بهكذا مجلس, وشروع الملك فورا بالتشاورمع كل قوى الشعب وممثليه , بمن فيهم أقطاب المعارضة ومن يسمون بغلاتها قبل معتدليها , لتسمية وبالتالي تكليف حكومة إنقاذ وطني مصغرة لإدارة المرحلة الإنتقالية ,من شخصيات يشهد لها الشعب بالكفاءة والنزاهة والخبرة “الإيجابية ” , وليس “السلبية” الشائعة (اي لا يعاد المخطئون ناهيك عن الآثمين , لا بل ولا يقبل من تشوب تاريخه شائبة). ويشترط ان تقبل الحكومة المصغرة بإشهار ذمتها المالية إشهارا حقيقيا علنيا يحقق كل معاني ” الإشهار” لغة وقانونا وشرعا . والمتشاور معهم يجب أن يشملوا : كل من تم انتخابه حقيقة , وليس بالتزوير , لمنصب نيابي او نقابي , أو بلدي أو لاتحاد نوعي , وممثلين عن كافة الأحزاب , وقيادات الحراك الشعبي والشبابي حسبما يسميهم الحراك وباعداد منصفة لحجم الحراك, وقيادات الرأي من كتاب وأساتذة قانون وسياسيين ممن كان لهم دور مؤيد للحراك ومساهمة جادة في طروحاته , وكذلك القيادات العشائرية التي شاركت في الحراك وليس تلك المنضوية تحت مظلة الحكم. ويستثنى أيضا كل من تولوا مناصب في السلطة التنفيذية في العهد الجديد, وزارية أو استشارية او عهد لهم ترؤس هيئات ومؤسسات حكوميةأوشبة حكومية ,أو تلك التي أسميت مستقلة . كما يستثنى كامل نواب المجالس الثلاث الأخيرة التي زعم انتخابها..والقلة التي لا يتجاوز عددها أصابعاليد الواحدة ممن تسربوا لتلك المجالس بالإنتخاب رغم التزوير الهائل الذي جرى , سيقبلون حتما التنحي المؤقت درءا لفتح الباب أمام الأغلبية المرفوضة .. فجل هؤلاء تنحى طوعا زهدا أو يأسا مما يجري .

لا مناص من استثناء كل هؤلاء جميعا من أية مشاروات تجري . فالحديث هنا عن إصلاح يقوم على تغيير حقيقي , بالذات لما جرت عليه الأمور في العهد الجديد, وليس تغيير وجوه , وحتما ليس إلباس ذات الوجوه والرؤوس طواقي جديدة .. فهذا إن جرى سيدفع الشارع لطلب تغيير لا يُبقي ولا يذر.الوضع يستلزم ان يتنحى أصحاب الرأي الأوحد ومحتكري السلطات والقرارات موضعالغضب الشعبي , إن كانوا حريصين على الصالح العام , أو يُنحّوا , ليتركوا مساحة للرأي الاخر الذي قمعُهُطويلا هو ما فجر الحراك الشعبي .. ولا حل ولا تعبير صادق عن احترام قوى الشعب المتحركة منذ ما يقارب العام, إلا بإعطاءها ذات المساحة التي كان الرأي الأوحد يحتلها . فأصحاب الرأي الآخر الذي لم يجد سوى الشارع متنفسا له ,أثبتوا أنهم لا يريدون احتكار المساحات كما فعل غيرهم , بدليل أن من بين من يقبل الحراك الشعبي بهم , بل ويسعى لطلب توجيههم وحتى قيادتهم , رموز في الحكم والدولة كانت في مناصب الدولة لسنوات طوال,وكان لها فيها مالها وعليها ما عليها , ولكن الشعب حكم بالعدل والميزان , فلا موجب لأن يخشى الشعبَ إلا من ” ثقلت موازينه” ” فيكاد بإلحاحه المريب على عدم إفساح مساحة لغيره ,يقول خذوني .. أي أنه لا مناص , بداية , من الإعتراف بأن الشارع الذي تحرك مؤخرا جمعٌ عاقل بالغ راشد , كامل الأهلية الوطنية ومؤتمن على الوطن , على الأقل وفي أسوا الإفتراضات , مثلهمثل كل من جرى فرضهم في مواقع القرار بالتعيين او التزوير( والأخير بات معترفا به رسميا ) ,وأن الشارع لا يحتاج لا لوصاية ولا لتوصية.

وإلى جانب تسمية رئيس وشخوص الحكومة الإنتقالية المصغرة ,التي أهم واجباتها إجراء انتخابات بلدية ونيابة بإشراف هيئة مستقلة وبوجود رقابة محلية ودولية , ليتسنى وجود مجلس نواب يمثل الشعب حقيقة , ويكمل مهام الإصلاح بشرعية انتخابية ..إلى جانب هذا المطلوب أن يجري, وفقط بتسهيل وحماية من الدولة وليس بتنظيم منها , عقد قوى الشعب هذه ل “مؤتمر وطني”يتم التوافق فيه على أجندة الإصلاح المطلوب شعبيا وبينيا . وينتخب المؤتمر من بين أعضاءه لجنة متابعة لقراراته , ولجنة لوضع قانون هيئة الإشراف على الإنتخابات وتسمية اعضاءها إن لزم , ولجنة لوضع تعديلات الدستور ولوضع قانون انتخاب.و يترك لتلك اللجان أن تستعين بأية خبرات تشريعية تراها لازمة , وتحال صيغ الدستور وقانون الإنتخاب وقانون الهيئة المشرفة على الإنتخاب للهيئة العامة للمؤتمر للتوافق عليها . وعند صياغتها نهائيا تعتمد من الحكومة الإنتقالية كقوانين مؤقتة لغايات إجراء الإنتخابات .. وبعد الإنتخابات يحال مشروع الدستور ونصي قانونيالإنتخاب وهيئة الإشراف على الإنتخابات لملجس النواب المنتخب لإقرارها .أما قانون الأحزاب فيمكن تركه للمجلس المنتخب لازدحام الأولويات الآن ,وكون أي حزب يتشكل في الفترة الإنتقالية ولفترات بعدها لن يملك فرصة انتخابية غير ما يتاح للأفراد المستقلين الذين يتشكل منهم. وعند إقرار الدستور, يعتبر المؤتمر الوطني منحلا فيما يخص مهامه هذه , ولمن يتوافق من أعضاءه على تشكيل حزب حقهم في هذا كأية جماعة.

وإن لم يجر هذا الذي سبق بمبادرة من الملك لهكذا حوارجامع شامل وقبوله والتزامه بكل ما ينتح عنه , فإن ما تطرحه هذه الورقة يخدم ولا يتعارض مع الدعوات الشعبية لعقد مؤتمر وطني بإرادة شعبية صرفة, وبحماية شعبية .. فللأردنيين تجربة سابقة في عقد مؤتمرهم الوطني الأول عام 1928.

ولابد أن يطلب من حكومة الإنقاذ الإنتقالية إصدار حزمة قوانين مؤقته (تكون الأخيرة من نوعها) أعتقد أنها هامة لتلافي آثار قوانين مؤقتة أو دائمة معمول بها الآن ويجري عبرها تحصين للفسادوالفاسيدن وتفريط بحقوق الوطن والشعب جماعة وأفرادا . ولا أعتقد أن هذه القوانين المؤقتة المختصرة تلقى اعتراضا يُلزم بالخوض في تفاصيلها الان , حيث الأولوية لقوانين الإنتقال للديمقراطية . فهذه القوانين المؤقتة المختصرة هي تحديدا :

1-قانون مؤقت يلغي قانون محكمة أمن الدولة الحالي ويعيد كافة صلاحياتها للمحاكم النظامية الأصل .

2- قانون مؤقت يلغي ” قانون الجرائم الإقتصادية “, كون قانون العقوبات هو الأصل, بينما هذا القانون “الخاص ” وُضع ليبيح أن “لا يلاحق” أي مختلس لمال عام او خاص في حال أجرى تسوية تعيد بعضا مما اختلس, أي بما يمهد لتسويات أخرى من تحت الطاولة , أخطر نتائجها أن هؤلاء الذين ثبت أنهم مختلسون وباعترافهم, يمكنهم الآن وفي غمرة جهود الإصلاح وفي غفلة منها ,أن يتبوأوا مناصب تؤتمن على مصالح ومال عام وخاص, كونهم لن توجه لهم التهم أساسا , بل ويحق لهم أن يترشحوا للنيابة فينتخبهم الشعب الغافل عن حقيقتهم , أو يوظفوا المال المختلس للوصول للقبة .

3- قانون مؤقت يلغي ” قانون إشهار الذمة المالية “..

4- قانون معدل لقانون العقوبات بمادة تفرض على ذات قائمة المشمولين بقانون إشهار الذمة الملغي , ولكن ليس فقط من هم في مناصبهم تلك بل أيضا من سبق أن شغلوا تلك المناصب ,إشهار ذممهم وذمم زوجاتهم وأبناءهم وبناتهم وأحفادهم القصّر والبالغين ,وذمم أصهارهم وزوجات أبناءهم .. إشهارا ” فعليا ” بما يحقق معنى الإشهار لغة وقانونا وشرعا , مع عقوبة على التأخير قصير الأمد بغرامة بنسبة مئوية موجعة لا تقل عن ضعف أعلى حد للفوائد البنكية المتاحة محليا ودوليا , تقتطع من كل ما لم يتم إشهاره , تليها عقوبة سجن لمدد غير قابلة للإستبدال بغرامة.. والعقوبة الثانية هي ما يحكم به قانون الإشهار الحالي, ليس على المتخلف عن الإشهار فلا نص يعالج التخلف, بل يحكم به على “المبلغ”عن إثراء غير مشروع , وهي مجرد عينة من أحكام ذلك القانون توضح أنه وضع للتستر على الذمم مهما وسعت . وما يكتشف لاحقا أنه لم يشهر يعتبر مالا مختلسا حكما وتتم مصادرته كليا ويتم لإعادته للجهة الأحق به , الخزينة او لأصحاب الحقوق فيه .

أما ما أرى وجوب أخذه بالإعتبار في تعديل الدستور, فجلّه متفق عليه مع آخرين ممن اقترحوا نصوصا متكاملة .. ولهذا سأركزهنا على القليل الذي قد لا يكون ورد في طروحاتهم, أو الأقل الذي أختلف معهم فيه, وهي آراء وتصورات أوردها بحكم تجربتي السياسية والإنتخابية والتشريعية.

أولا :وجوب حذف كل التعديلات التي أدخلت على دستور عام 52 بعد عام 57 , باستثناء بضعة تعديلات تصحيحية لا تؤثر على الفحوى الحقوقي والسياسي للدستور , من مثل مدد انعقاد مجلس النواب .

ثانيا ,إدخال تعديلات جديدة أهمها تلك التي تهدف لتحقيق حكم الشعب لنفسه , وانتخابه للحكومة كما للسلطة التشريعية ,وفي هذا الإطار أقترح :

1 –المحكمة الدستورية : المحكمة ضرورة ملحة , ولكن يجب أن تكون محكمة دائمة قائمة بنص دستوري , ومتشكلة بحسب قانون استقلال القضاء, ولا تشكل خصيصا للنظر في أمر بعينه ( فهذا يخرق مبدأ قضائيا ) وأن تكون أبوابها مفتوحة لأي مواطن فرد (او جماعة ) يشكو من تجاوز على حقه الدستوري , إضافة لكونها مفتوحة للبت فيما يحال للمحاكم الدستورية من امور أخرى كدستورية القوانين , او في تنازع الصلاحيات أو السلطات الدستورية , وغيره . ففي العالم كله تشكلت حصانة الحقوق الدستورية عبر أحكام صدرت لصالح أفراد بشكل رئيس . اي أن ضبط التجاوز الصغير على الدستور هو ما أنتج “سابقات ” في الحكم يستند لها القضاء بكل درجاته , او هو أنتج تعديلات قانونية أو دستورية تضمن عدم شيوع التجاوز .. أي أن نظر المحكمة الدستورلأية قضية ولو قدمت منمواطن واحد هو ما سيخفض حجم العمل الذي يراكمه استسهال خرق أحكام الدستور , بعكس ما يزعم الآن . والأهم من هذا أن الدستور وثيقة ” مبادىْ” كما أنه وثيقة “أحكام” منظمة لما دونها من أحكام , وخرق أي منهما أمر جلل لا تقبل به الدول المتحضرة .

2- النص على أن يتشكل “ما لا يقل عن نصف مجلس النواب” من نواب منتخبين “بقوائم نسبية” على مستوى الوطن .والنص على “قوائم نسبية ” وليس قوائم “حزبية” يتوجب , أولا , لأنه لا يجوز البناء على واقع لم يتشكل ويلزم لتشكل حالة تعددية حزبية ومساواة فرص الأحزاب عقودا وليس سنوات . وثانيا , لكون القائمة النسبية لا تمنع تشكيل تلك القوائم على اسس حزبية أو تحالفات بين أحزاب . أما بقية مقاعد المجلس فتخصص لنواب مستقلين يتنافسون عن دوائر فردية يراعي في تقسيمها البعدين الجغرافي والديموغرافي لطمأنة كل المهمشين إلى أنه ستجري إعادة التوازن الخدمي والتنموي لمختلف مناطق المملكة.. بينما القائمة على مستوى الوطن وحدها تؤسس لتولي شخوص أكفاء يتمتعون بمصداقية واحترام على مستوى الوطن كله مهمة الإصلاح السلمي الشاقة والطويلة, كما تؤسس لبرامج سياسية ممتحنة على مستوى الوطن تمكن من قيام أحزاب كبرى حولها .وعبارة ” ما لايقل عن ” تتيح زيادة نسبة النواب المنتخيبن على مستوى الوطن حسب درجة التطورالذي يلغي التهميش والإفقار ونقص الخدمات الذي تعاني منه الآن مناطق بعينها ,ولا تتيح إنقاصها بما يخدم تفتيت الوطن الصغير خدمة لسياسات فوق تسد .

3- الأفضل , نظريا , أو تكون تلك القوائم مغلقة . وإذا جرى تغليب القائمة المفتوحة في حوار القوىالوطنية (وهو قد يغلب لأن تغييب الأحزاب والبرامج يجعل التعويل على الأشخاص المجربين أكبر وهام في المراحل الإنتقالية ) يجري اشتراط انتخاب كامل أو بعض أعضاء قائمة بعينها وليس خلط قوائم . ويحتسب في هذه الحالة كل صوت أعطي لأي من أفراد القائمة صوتا للقائمة , أي ان الناخب يقرر كم صوتا يعطي ولكن بالطبعبما لا يزيد عن عدد المدرجين في القائمة ( كما في القانون الذي طبق في انتخابات عام 89 ).ولا تخصص أية كوتات لا للأقليات ولا للنساء , لأن القائمة ستضم هؤلاء حتما ( لأسباب سياسية واجتماعية وانتخابية ) وسيصلون لمجلس النواب بأعداد لا تقل عما تعطيه لهم الكوتات الآن ولكن بنوعية وكفاءة أعلى حتما .. والدستور الحالي ليس فيه مقاعد أقليات , ويقوم على مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين المطلقة امام القانون . والعيب كان في القانون او المجتمع . والآن بعد درجة الوعي والنضوج الذي أظهره ” الربيع الأردني” لا مجال لتدخل حكومات لتزعم انها أشد حرصا من الشعب على مكونات ذلك الشعب. والكوتات, في تطبيقها العملي المعروف للجميع , كانت عامل فرقة واستغلت لتكريس الحكم غيرالديمقراطي بالإستزلام الذي يقرّب ويبعد حسب مصلحته الآنية .

4- النص في الدستور على وجوبتكليف رئيس القائمة الحائزة على أغلبية أصوات ” المقترعين ” في حالة القائمة المغلقة ,والحاصل على أعلى الأصوات فيها في حالة القائمة المفتوحة , بتشكيل الحكومة . وإن لم تتوفر لأية قائمة الأغلبية المطلقة, فيكلف رئيس القائمة الحائزة على أعلى الأصوات من بين نواب الإئتلاف المشكل من أكثر من قائمة و / أو مع نواب مستقلين بما يحقق مجموع الأصوات التي حصلوا عليها تلك الأغلبية المطلقة للإئتلاف .وإن استحال ذلك بوفاة المستحق للتكليف او تعرضه لمرض او إعاقة, أو ظرف قاهر بذات القدر يحول دون قدرته على تولي المنصب , يكلف النائب الذي يليه على قائمته أو يليه بعدد الأصوات في تلك القائمة (حسب قانون الإنتخاب وكون القائمة مغلقة أو مفتوحة ). ويشترط تنازل خطي من مستحق التكليف لمن يليه ,مشهود عليه من قبل ما لا يقل عن نصف أعضاء قائمته وعشرة نواب آخرين , وذلك في غير حالتي الوفاة أو العجز بدرجة لا يعود معها مؤهلا لذلك التنازل .

وتطرح أسماء الوزراء ( وليس الرئيس ) على مجلس النواب للثقة , ويمكن لمجلس النواب حجب الثقة عن أي وزير بالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس . ويحق للوزير النائب أن يشارك في التصويت على الثقة بالوزراء وبشخصه ( كونه منتخب ولا يجوز إسقاط حق ناخبيه بوصول صوتهم لأي قرار في المجلس يتخذ بالأغلبية بكل أنواعها) ولكن لا يكون بين المصوتين لو كان الأمر يتطلب إجماعا ويخصه هو, من مثل تجريمه بأمر ينزع عنه الحصانة او العضوية (بمعنى انه لا يمكن لنائب وحده ومن يمثلهم وحدهم كسر إجماع ممثلي بقية الشعب) . ولابد من النص على الإجماع لنزع العضوية مالم يثبت عدم صحتها ابتداء بالتزوير أو أي تحايل آخر , والذي يترك حسم أمره للقضاء, ولكن تُطلب أغلبية ثلثي أعضاء المجلس ( وليس الحضور ) للموافقة على قرار المحكمة .. وذلك للموازنة بين استقلال السلطة التشريعية واستقلال السلطة القضائية الذي لا يمكن ضمانه في عالمنا الثالث, وتحديدا في ضوء تجاربنا وحال القضاء المخترق والمدجن الذي سنرثه ولا يمكن تصحيحة تماما لسنوات طويلة لأن إعداد القضاة الكبار يستلزم زمنا , ولإصلاح القضاء سيلزم أيضاعزل عدد من القضاة .

السبب في تحديد تكليف رئيس الحكومة بهذه الشروط أن القائمة تم انتخابها على المستوى الوطني ,وجرى ذلك بمعرفة كل المواطنين من يرأس القائمة , أي انهم انتخبوه لرئاسة الفريق الحكومي إن حصل على اغلبية, او لرئاسة كتلة القائمة في مجلس النواب . وهذا هام لأنه يعوض عن غياب الأحزاب ويعكس واقعنا الذي تُمثل وتقود فيه شخصيات وطنية برامج وطنية متمايزة تمايز الأحزاب في الدول التي بها حياة حزبية عريقة. وفوزشخصيات مستقلة في الأردن بأصوات أعلى من المرشحين الحزبين معروف تاريخيا .والأخوان المسلمون سيحصلون على حجمهم الطبيعي , أو بزيادة قليلة عليه في البداية ,في حالة القوائم الوطنية ,والذي لا يجوز بخسهم حقهم فيه لكون الحكم هو من أعطاهم الإمتيازات الحصرية سابقا, فقد أعطى غيرهم أكثر بكثير مما لم ندخل بعد في استرداد بعضه .وإذا لم يحدد بنص دستوري أن من يكلف هو رئيس القائمة ,أو الحائز على أعلى أصوات الناخبين فيها – حسب القائمة المغلقة او المفتوحة – فإن هذا قد ينسف فكرة القائمة بالصراع البيني على المنصب بعد الفوز , وقد تتعطل الحياة النيابية وحتى تشكيل الحكومة كما جرى في العراق . وهو ممكن الحدوث عندنا لأن نظام القوائم جديد , ولأن البرامج السياسية لم تتكرس كتيارات تنتج أحزابا يتدرج فيها القياديون لمناصب الحزب ويرشحون تبعا لكفاءتهم ولفرصهم بالفوز لمختلف المواقع المنتخبة .

أبو يحيى….خالي يا توجان…صحيح انتي بألف زلمة بس يا خالي بدك ناس توقف معاك…

ف . ع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى