بلبلة / مهند أبو فلاح

” بلبلة “
مهند أبو فلاح

يكاد يكون هنالك شبه إجماع بين الأوساط الإعلامية على أن جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة الفضائية القطرية التي وقعت في جنين شمال الضفة الغربية بالأمس القريب تمت بشكل متعمد و هو الأمر الذي يدفعنا إلى التساؤل ما الذي يريده العدو من ذلك الأمر ؟؟؟!!!!

بعض المحللين ذهبوا إلى أن الكيان الصهيوني يريد إرهاب الوسط الصحفي و منعه من تغطية عمليات اقتحامه المتكررة لإحدى اهم بؤر التوتر و المواجهة المسلحة الدامية مع كيانه الغاصب قبل إقدامه على القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق ضد مخيم جنين الذي يعد أحد أهم معاقل المقاومة الفلسطينية الباسلة ، خاصة فيما يخص الإعلام العربي الذي تشكل الجزيرة واحدة من أبرز المحطات الفضائية في هذا المجال و التي قد تسهم في تأليب الرأي العام العربي ضد العدو الغاصب لأرض فلسطين الحبيبة .

وجهة النظر هذه تبدو موضوعية إلى حد بعيد خاصة أن الإعلام هو سلاح فعال مؤثر إلى أبعد الحدود في تهييج مشاعر الجماهير و تثويرها ، لكن من خلال تتبع ردود الأفعال على وسائل التواصل الاجتماعي هنا و هناك ظهر أن العدو الصهيوني يسعى جاهدا لاحداث بلبلة في صفوف أبناء الأمة العربية الواحدة عبر إثارة النعرات الطائفية و العزف عليها ليتمكن من زعزعة الجبهة الداخلية المناوئة له ، و هذا اسلوب ليس بالجديد فقد سبق أن لعب الصهاينة و القوى الإمبريالية الغربية على هذا المنوال في أعقاب حرب فلسطين الاولى عام 1948 و خاصة في سورية من خلال عملية التيه الاستخباراتية البريطانية الرامية إلى منع تحول هذا القطر العربي الاصيل إلى قاعدة انطلاق محتملة لتحرير فلسطين من دنس الصهاينة الغاصبين .

عملية التيه الاستخباراتية البريطانية التي كان أول ضحاياها في سورية العروبة العقيد محمد ناصر آمر سلاح الطيران المتحدر من أبناء الطائفة العلوية الكريمة و الذي شارك متطوعا في حرب فلسطين و أبلى فيها بلاءً حسنا ، و الذي أحدث اغتياله على طريق مطار المزة العسكري عشية الاحتفال بعيد الجيش في دمشق ليلة الحادي و الثلاثين من تموز / يوليو 1950 في عهد الرئيس اديب الشيشكلي بلبلة في صفوف القوات المسلحة ، خاصة و أن تلك الجريمة النكراء كانت هي الاول من نوعها منذ الجلاء الفرنسي عن سورية في 17 نيسان / ابريل 1946 و التي غرقت في دوامة من الانقلابات العسكرية في العام السابق لاستشهاد العقيد ناصر اي العام 1949 .

على أية حال من المعروف أن الطائفية هي احدى أخطر الأسلحة التي يستخدمها أعداء الأمة العربية لإضعاف الشعور القومي في هذه الأمة المجيدة ذات التاريخ التليد و يمكن أن نلمس ذلك ليس عند الإنجليز فحسب بل أيضا حلفائهم الامريكان ففي مذكرات وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق جيمس بيكر يعترف بمحاولته التأثير على وزير الخارجية العراقي الراحل الأستاذ طارق عزيز اثناء المحادثات التي جرت بينهما في جنيف بسويسرا في التاسع من كانون الثاني / يناير من العام 1991 قبل العدوان الثلاثيني الغاشم الذي تعرضت له بلاد الرافدين و لكن محاولة بيكر باءت بالفشل الذريع و جوبهت برد فوري حازم من لدن هذا المناضل القومي العربي الذي تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في نيسان من العام 1980 على مدخل جامعة المستنصرية في العاصمة العراقية بغداد من قبل عناصر شعوبية تابعة لحزب الدعوة الموالي لنظام ولاية الفقيه الحاكم في طهران قبيل اندلاع الحرب العراقية الإيرانية بخمسة أشهر فقط ، فما أشبه اليوم بالبارحة !!!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى