بلا رتوش
د. هاشم غرايبه
في كل يوم نسمع عن حرق القرآن في بلد أوروبي، مع أن نسبة المتدينين فيهم ضئيلة جدا، فالغالبية العظمى لا دينيون او ملحدون، والتدين يقتصر عندهم على حضور قداس الأحد في الكنيسة، ولقلة هؤلاء بدأت كثير من الكنائس بيع مقراتها.
مع أن كل #الدول_الأوروبية تدّعي أنها علمانية، فلماذا يحق للأوروبي #حرق #القرآن في ساحة عامة، ولا تتدخل السلطات، وتعتبر ذلك حرية تعبير، ولا تراه انتهاكا لمبادئ العلمانية التي تحظر المساس بمعتقدات الآخرين؟.
بالمقابل لماذا لم يتعرض مسلم عبر التاريخ كله للتوراة والإنجيل بسوء؟
بل لماذا لا نجيز انتقاد معتقدات الأوروبيين؟، فيما يحق لهم تقييم عقيدتنا، بل وإصدار الحكم القطعي عليها وتنفيذه حسبما يرونه مناسبا، ابتداء بمهاجمتها والسخرية منها بحجة الحرية الفكرية، وصولا الى اتهام فكرنا بالظلامية والتخلف، وانتهاء بشن عدوان عسكري علينا بذريعة تطهيرنا منه!؟.
ربما كان السبب هو أن معتقدهم هو المسيحية، وأننا نتجنب المس بها التزاما بتعليمات #الإسلام أولا، واحتراما لمشاعر ابناء أمتنا من المسيحيين العرب ثانيا.
لكن بالتدقيق والتمحيص نجد أنهم لا يعتنقون المسيحية الحقيقية ذاتها، وبلا شك هي تختلف عن المسيحية العربية.
وقصة دخولهم المسيحية تكشف ذلك، فرغم القمع الروماني للنصرانية، فقد وجدت دعوة التسامح والمحبة التي هي جوهر النصرانية هوى لدى الطبقة المسحوقة ، التي تعاني من ظلم وقسوة الإقطاعيين والأباطرة، فانتشرت بسرعة، فتحول الإمبراطور الروماني “قسطنطين” الى ركوب الموجة الإيمانية وتوجيهها بحيث تخدمهم ولا تضرُّهم، بل وجعل الكنيسة مؤسسة رسمية يرأسها الإمبراطور، ورغم أنه نال لقب الرسول والقديس، إلا أنه لم يكن مؤكدا تنصّره، فقد ظل يحافظ على الرموز والمعتقدات الوثنية، وتم تعميده وهو على فراش الموت.
ولهذا قال المؤرخون أن روما لم تتنصر بل إن النصرانية هي التي تروّمت، واستدلوا على ذلك بفرضه عقيدة التثليث في قصة “مجمع نيقيه” الشهيرة عام 325 ،حيث أعدم كل القساوسة الشرقيين الذين رفضوها.
وهكذا نجحت الكنيسة الكاثوليكية بتوفيق المعتقد المسيحي مع عقلية الأوروبيين التي تميل الى تعدد الآلهة، كما أنشأت طبقة جديدة اسمها رجال الدين، تحالفت مع طبقة الإقطاعيين والعائلات المالكة، وحققت امتيازات كثيرة.
وبذلك تم تفريغ النصرانية من مضامينها الأساسية، وانفصلت الى مستويين متباينين: الدين وهو مبادئ تقلصت الى مجرد أخلاق فردية اختيارية، والثاني الكنيسة الكاثوليكية وهي مؤسسة استثمارية لها نفوذها السياسي.
وعنما تحولت الإقطاعية الزراعية الى الرأسمالية الصناعية، أنشأت العلمانية للحد من سيطرة الكنيسة، فتقلصت المسيحية فلم تعد دينا بعبادات وتشريعات، بل مجرد ثقافة توجيهية، استثمرتها الرأسمالية بصورتها الإمبريالية في تسويغ حروبها الإستعمارية على الشرق الأوسط الذين يدين بالإسلام، ونجحت بذلك عن طريق تغذية التعصب الديني ضد الإسلام وتصويره بشكل بشع، ثم أكملت ذلك عندما تحورت الرأسمالية الى الصورة الليبرالية الجديدة، فاستعادت من جديد مخزون التعصب بالتحريض على الإسلام وصوّرته على أنه مجرد أيديولوجية إرهابية حاقدة على الثقافة الغربية (المسيحية) لتفوقها عليه.
لنفحص من هو الأقرب الى اتباع دعوة المسيح عليه السلام: الأوروبيون أم المسلمون؟
إذا كانت المسيحية تعني محبة السيد المسيح عليه السلام وتطبيق تعاليمه، فالمسلم يوقّره ويحبه أكثر لأنه لا يذكر إسمه إلا ويُتبِعُه بـ:عليه السلام، والأوروبي لا يفعل ذلك!
المسلم يختتن كما فعل المسيح في اليوم الثامن، والأوروبي لا يفعل!
الأوروبي يأكل لحم الخنزير والذي ورد تحريمه في سفر التثنيه الإصحاح 14فقره 8 ، والمسلم لا يأكله.
الأوروبي يخالف وصايا الكتاب المقدس: “قَالَ يَسُوعُ: لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ” [متى 19 :16-18]، وعقيدة المسلم تلزمه بذلك.
الأوروبي يشرب الخمر، والذي ورد تحريمه في انجيل يوحنا 16 : 11-14 وفي كتاب الأمثال 20 :1 وفي كتاب افسس 5 : 18، والمسلم يمنعه منهجه.
فمن هو الأقرب الى المسيح عليه السلام!؟.