بعد عودة الملك … «كوكتيل» توقعات حادة وتوجّهات «غامضة»

سواليف

يراهن ساسة الأردن على «رحلة سفر» تنتهي بعد ستة أيام للعاهل الملك عبدالله الثاني في سياق ارتفاع مستوى التنبؤات والتوقعات بعنوان «تغييرات محتملة» قريبًا تُعيد ترسيم الكثير من الحدود محليًا وِفْقًا لبوصلة التداعيات الإقليمية. رحلة السفر الملكيّة الأخيرة محجوبة عن فعاليات الإعلام والمتابعة، الأمر الذي يفتح باب التوقعات على مصراعيه عند التعاطي مع استحقاقات اللحظة محليًا، حيث التأمّل والتدبير و»الحسم الملكي» المرتقب للعديد من القضايا والملفات الإشكالية خصوصًا بعد عبور «أكثر ميزانية مالية مثيرة للجدل» من البرلمان مؤخرًا.
ثمة محطات في البعد السياسي المحلّي لا بد من التوقف عندها لإعادة قراءة المشهد الداخلي خصوصًا على المستوى النخبوي. فرئيس الديوان الملكي الحالي الدكتور فايز الطراونة سافر أو في طريقه للسفر إلى إحدى الدول الأوروبية، رحلة قد تطول نسبيًا لأسباب مَرَضِيَّة ولإجراء جراحة قد تُبعده عن العمل فترة أطول من المتوقع، كما يُبلّغ هو سياسيين مقربين إليه. والاحتجاب الاضطراري لأسباب مَرَضيِّة في حالة الطراونة قد يخدم كرافعة لتغيير في الطاقم الذي يدير الأمور في الديوان الملِكي… تلك ملحوظة أساسية اليوم في التأشير على أن عملية «تسمية» رموز جديدة قد لا تقف عند حدود الدكتور المخضرم الطراونة فقط، لأن الفرصة متاحة لتحديد دور جديد للاعب الأهم في خدمة الطاقم الملِكي.
وهو مدير مكتب الملك النافذ وزير التخطيط الأسبق الدكتور جعفر حسان وسط مؤشرات إلى أن أسهم ونطاق عمل وملفات معاون تنفيذي آخر في المعادلة المحلية هو منار الدبّاس المسئول بالوكالة عن إدارة مكتب ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله تزيد، وقد تفعل أكثر ضمن معادلة تقلل من مشاركة الدكتور حسان او تعيد انتاج دوره في موقع آخر بعيداً تماماً عن الأضواء.
حصول أي تغيير في سلسلة المناصب الأساسية في الطاقم الاستشاري لمؤسسة القصر يفتح ضمنياً المجال امام تحديد مصير حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي بعد إغلاقها ملف الموازنة. وفرصة الملقي في البقاء إلى ما بعد إقرار الميزانية ولفترة أطول تبدو مرتبطة اليوم إجابة السؤال حول ما إذا كان صاحب القرار المرجعي في طريقة لـ «توليفة سياسية» لا تكنوقراطية هذه المرة، بصورة تتعامل مع تداعيات ما بعد مرحلة قرار ترامب والتبدل في محاور التحالف.
حسب النائب الإسلامي المتخصص المخضرم الدكتور عبدالله العكايلة، فإن الحكومة بعد إقرار الموازنة المالية ستجمع نحو مليار دينار من جيوب الأردنيين للخزينة عبر التصاعد الضريبي.. لا يبدو هذا النبأ سيئًا بالنسبة للطاقم الاقتصادي وللحالة التي ستسمح باستبدال التكنوقراط التنفيذي إما بطاقم سياسي هذه المرة او بخلط بعض السياسيين الأساسيين بمزيج تكنوقراطي مهني جديد أكثر فعالية. وبكل حال؛ إذا وصل»المد السياسي» لطاقم المستشارين في الديوان الملكي لأي سبب يمكن الجلوس لانتظار وصول موجاته للطاقم الحكومي والوزاري.
وليس سرًا أن احتجاب الطراونة لأي سبب بعد أكثر من خمس سنوات يزيد من الاستنتاج بغياب الملقي نفسه لاحقًا وإن كان بعد فترة أطول قليلًا أو بتمكينه من التعديل الوزاري الخامس على فريقه. في الأثناء، وعلى هامش السفر الملِكي الأخير الذي ينتهي منتصف الأسبوع المقبل، ويتخلله في الأرجح «تأملات عميقة» بمشاركة أطراف دُولية معنية بالأردن أهمها بريطانيا برزت محطات إضافية داخلية غامضة الخلفيات فقد أفرج بعض أعضاء نادي الرؤساء السابقين عن تسريبات لها علاقة بالرسالة التي وجهت للقصر قبل ستة أسابيع وحملت توقيع 12 رئيساً سابقاً للوزراء.
وهي رسالة لم تنشر بعد ونتجت عن لقاء نظمه الرئيس الأسبق طاهر المصري في منزله مباشرة بعد قرار ترامب الأخير بخصوص القدس وعلى أساس «حراك نخبوي رفيع» يحاول تقديم المساعدة للمؤسسة والنظام في مرحلة حساسة. بعض المعنيين بهذه الرسالة مالوا خلال الساعات القليلة الماضية للتوقف عن الانتظار وإظهار مشاركتهم في «النصيحة» عبر تسريب بعض المضامين وأهمها ما تردد حول نصيحة المرجعيات بـ «مراجعة اتفاقية وادي عربة».
والواقع أن المسألة لا تتعلق بإعادة النظر باتفاقية وادي عربة كما قيل بقدر ما لها علاقة وفقًا لرواية سمعتها «القدس العربي» من إعلامي بارز على صداقة مع الرئيس الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، باقتراحات محددة لملاعبة الإسرائيلي بالجانب الإجرائي الناتج عن وادي عربة وليس بالاتفاقية نفسها بسبب الخسائر المتوقعة دُولياً في السياق. وفي الأثناء برز أن الحالة الداخلية في الأردن تواجه «كوكتيل» مواقف وتوقعات غامض الخلفيات فلا يوجد حتى اللحظة وبعد مرور أسبوعين كاملين اي «جواب رسمي» يشرح للرأي العام الأسباب التي دفعت السلطات لمنع نشاط له علاقة بـ أو اجتماع لإشهار كيان اجتماعي حزبي مهم جديد باسم «التحالف المدني».
أحد أبرز مؤسسي هذا التيار هو الدكتور مروان المعشر وزير البلاط الأسبق وأبرز سياسي وطني يحذّر علنًا اليوم من «الانقلاب الإسرائيلي» على الأردنيين قيادة وشعبًا، وينتقد علنًا كما حصل في نقابة الصحافيين من غياب «مطبخ وخلايا أزمة» في الـقرار وفي لحـظة حرجـة.
تيار التحالف المدني أعلن أنه بلا رؤوس ولا رموز، وقدم بشفافية إعلانه الأول للشارع وأعلن نشاطه الأول الذي حظرته السلطات فجأة ومن دون أسباب بطريقة «أمنية» من المرجّح أنها قدمت خدمة مجانية فارقة وكبيرة للتحالف، وإن لم تقصد، حيث تابع بيانه الأول ونشاطه المحظور نحو ربع مليون أردني في الأقل بعد أن كان الأمر يمكن أن يقتصر على بضعة آلاف فقط في حال عدم حظر حفل الاشهار الأول.
بسبب قرار الحاكم الإداري غامض الخلفيات ضد التحالف المدني، تصدّر التحالف المدني اليوم الواجهة، عندما تعلق الأمر بكل مبادرات ومحاولات ومشروعات «تمدين الدولة» ورموز التيار من قطاع شبابي أعلنوا مبكرا أن التحالف قائم وسيولد ولا ينتظر الترخيص أصلًا.
لا يفهم الرأي العام الأردني إطلاقًا لِمَ يُقمع نشاط مشروع التحالف المدني وعلى اي أساس تعود للصدارة الهجمة المنظمة من صحف الحكومة على الإخوان المسلمين بعد التصويت الأخير على الميزانية المالية، لأن المواقف والاتجاهات ملتبسة اليوم في خريطة ونخبة من الواضح تمامًا أنها بانتظار»عودة الملك» من رحلة يقال إنها مهمة وتأملية وقد ينتج عنها الكثير من الترسيم.

بسام بدارين – القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى