سواليف
بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، التي تشكل الوحدات الكردية المكون الرئيسي فيها، انتهاء العلميات العسكرية في الرقة، يثور السؤال عمن سيتولى إدارة المنطقة التي تسكنها غالبية عربية.
معركة أخرى
“ستتم إعادة الأهالي إلى ديارهم”، تقول القيادية في قسد، المتحدثة باسم عملية الرقة، جيهان شيخ أحمد، لتستدرك في حديثها لـ”عربي21” بالقول: “لكن الرقة بحاجة إلى مرحلة إعادة إنشاء جديدة”.
ولدى سؤالها عن المقصود بمرحلة الإنشاء الجديدة، أوضحت أن “البنية التحتية في الرقة تحتاج إلى معركة خرى”، وبهذا المعنى تضيف شيخ أحمد: “معركة لإعادة الإعمار، وهي مسألة إنسانية تحتاج إلى مساعدة جميع المنظمات الإنسانية، وسوف يتولى مجلسها المحلي ذلك”، كما قالت.
ألوان
لكن الكاتب الصحفي إبراهيم العلوش، من مدينة الرقة، رأى أن مدينته “انتقلت من احتلال بلون أسود إلى احتلال بلون أصفر”، على حد وصفه.
ويضيف: “المحتل الجديد الأصفر سيحاول السيطرة على الرقة، وضمها إلى ما يسمى “روج آفا”، وسيرفع فيها صور عبدالله أوجلان والأعلام المثلثة، بدلا من صورة البغدادي والشعارات السوداء”، بحسب تعبيره.
لكنه بالمقابل، يجزم علوش بأن أهالي الرقة لا بد لهم من العودة، مضيفا: “سيعودن من حماة ومن تركيا ومن حلب إليها، رغم المضايقات، ورغم منع قسد لهم، ورغم البؤس والشقاء”.
وقال: “قد تمنع قسد عودتهم بالبداية، وقد تفرض شروطها، لكنها لن تستطيع التحكم بالمد البشري الهائل من سكانها، الذي سيقصدها في غضون أيام قليلة”، وفق تقديره.
من جهتها، نشرت شبكة “الرقة بوست” على صفحتها في فيسبوك، شريطا مصورا، يظهر جانبا من احتفال تنظيم الدولة باستعراض من مدرعة لدى سيطرته على الرقة في العام 2014، متبوعا بمقطع مشابه لاحتفال قسد بالسيطرة على الرقة في العام 2017، في المكان ذاته وبالطريقة ذاتها. وعقبت الشبكة بالقول: “فيديو يختصر ما يحدث وما حدث في المدينة”.
لا بد من توافقات
ووفق الناشط السياسي محمود الماضي، فإن أي حديث عن حكم الرقة “لن يكون مجديا”، ما لم تتم دعوة أبنائها إلى المشاركة فيه.
ويرجح، في حديث لـ”عربي21″، أن لمأزق انتقاء الأطراف التي ستحكم الرقة “دورا في تأخير حسم المعركة من جانب الولايات المتحدة”، موضحا أنه “منذ تم تشكيل قسد للمجلس المحلي في الرقة والولايات المتحدة، تحاول تطعيمه بوجوه محلية لها شعبية في الرقة، لكنها فشلت تماما؛ بسبب رفض أهالي الرقة شرعنة احتلال مدينتهم من قبل المقاتلين الأكراد”، كما قال.
ويشدد الماضي على أنه لا بد من توافقات، خصوصا على ضم ريف الشمالي للرقة للمجلس، وليس فصله عن المدينة، كما تريد قسد؛ “تمهيدا للمساومات التي ستجري فيما بعد”.
سيناريوهات من بينها النظام
رئيس مجلس الرقة المحلي الذي شكلته المعارضة، سعد شويش، كشف عن طرح أمريكي لمستقبل الرقة وصله خلال اجتماعات المجلس المحلي مع الأوروبيين، من خلاله تكون إدارة الرقة تابعة للنظام السوري، على أن تكون السلطة الأمنية بيد قوات سوريا الديمقراطية.
وأوضح أن “هذا ما طرحته الولايات المتحدة على الدول الأوروبية”، مستدركا: “هو سيناريو من سيناريوهات أخرى”، وفق قوله لـ”عربي21”.
لكن السيناريو المرجح للتطبيق، بحسب شويش، هو تشكيل مجلس على غرار المجلس المشكل في مدينة منبج، يكون تابعا لقوات سوريا الديمقراطية شكليا، بينما يتحكم فعليا حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في كل شؤونه.
استباق روسي
من جانبه، يرى الكاتب الصحفي علي العائد أن روسيا تحاول تسريع ترتيبات في شمال سوريا، بغض النظر عن صدق أو كذب موقفها من بقاء النظام الأسدي، كونها لا تزال تكرر أنها ليست حريصة على استمرار النظام في حكم سوريا.
ويستدرك بقوله لـ”عربي21″: “لكن موقف روسيا في الرقة ضعيف، ولذلك من غير المرجح أن تتدخل في دعم محاولة متوقعة من النظام الأسدي للسيطرة على الرقة”.
ويضيف العائد: “أمام ضعف احتمال بقاء “قسد” في الرقة، حسب توقعات تقول إن أمريكا لا ترغب في إطلاق يد وحدات حماية الشعب الكردية في مدينة الرقة. ومع عدم وجود قوة عسكرية عربية تحفظ الأمن وتساند إدارة مدنية للرقة، ومع استبعاد أن يكون للائتلاف دور في إدارة الرقة، تبدو مهمة أي مجلس محلي صعبة للغاية، فمعظم المدينة دمرتها طائرات التحالف ومدفعية قسد، ما يعني أن عودة الأهالي إلى الرقة في بداية هذا الشتاء ستكون متعذرة، خاصة أن الكلام عن إعادة إعمار الرقة يحتاج إلى وقت طويل، هذا إن صدقت الوعود بإعمار المدينة”، كما قال.