بعد الأربعين
سالم فلاح المحادين
بعد الأربعين يا رب تعين !
ها قد وصلنا يا صديقي إلى المرحلةِ السنيةِ التي كُنا نُصَنِّف في طفولتنا وصول أحدهم إليها تحت مُسمى وذاكرةِ الإمعان في الكِبَرِ والشيبِ والخبرات وبعض النُضج أيضًا !
ها قد وصلنا إلى الفترةِ التي يتوجبُ علينا حينها النظر إلى التقاعدِ عِوَضًا عن التأملِ في شُروطٍ مُعقدةٍ يَضعُها صاحب العمل لملءِ شاغرٍ ما ، في مؤسسةٍ ما ، ضمن معايير جمالية ما !
ها قد وصلنا ورُبما عبرنا سخافاتٍ وخُزعبلاتٍ كانت قبل عشرة أعوامٍ مثلًا ( رغم تفاهتها ) شُغلنا الشاغل !
ها قد وصلنا إلى مرحلةِ وضعِ الوسادةِ على الوجه كُلما أردنا إخفاء ما نعتبرهُ خجلًا أو سذاجةً نصية تقودُنا لابتسامةٍ يتوسطُها همسٌ داخليٌ مُتكررٌ مفادهُ أن ( كم لبثنا ) !
ها قد وصلنا إلى مرحلةٍ مُلوكيةٍ ترتقي بنا وبمسؤولياتنا المُتجددة عن سخافةِ البعض ممن يظنونَ بفضلِ الجهل وقلة الخبرة أن الكون يتمحورُ من حولِهم وبإشارةٍ منهم : كما كُنا لذات الجهل نفعل !
ها قد وصلناها ونحنُ نحيا جُغرافيًا في جنوبٍ يَتَعجلُ في البحثِ دومًا عن رجالٍ لا يرتدون الجينز ، جنوبٌ يُواصلُ المطالبة بزيادة رصيد الرجال الذين يمتلكونَ الحكمة والرزانة أكثر من امتلاكهم لضحكةٍ وجب على الأربعيني أن لا يُكثرَ منها من باب الوقار ، جنوبٌ يُحاسبكَ أحيانًا على اللون المُرتدى والشيب الذي تُرافقهُ نوبات الطيش المُتأخر ، جنوبٌ حبيب فرضت تضاريسه علينا كوكبة من السلوكيات الممنوعة والمرغوبة أيضًا حرفًا وسُلوكًا وفعلًا !