الصورة تعبيرية
سواليف
كشفت بعثة اثرية اردنية، كهف السيد المسيح في منطقة عراق الامير غرب العاصمة عمان.
وقال خبير الأثار والسياحة في الجامعة الهاشمية – كلية الملكة رانيا للسياحة، الدكتور محمد وهيب، ان نتائج الدراسات والبحث العلمي التي قام بها فريق بحثي من الجامعة بالتعاون مع عدد من المختصين في علم الاثار، ادت الى اكتشاف كهف السيد المسيح في بلدة عراق الامير.
واوضح في محاضرة القاها في المركز المجتمعي المسكوني (الخيمة) في عمان مساء أمس بعنوان “اكتشاف كهف السيد المسيح في الأردن حقائق علمية، ان الاهتمام بالموقع الموجود في بلدة البصة بدأ منذ عام 1974 واجريت فيه أعمال تنقيبات أثرية ادت الى اكتشاف كنيسة بيزنطية في داخل الكهف.
واضاف أن الاكتشافات الاثرية تواصلت في الموقع في العامين ( 1996- 1997 ) واظهرت وجود كنيسة ثانية امام الكهف تعود للعهد البيزنطي، مشيرا الى ان التنقيبات التي أُجريت بجوار الكهف منذ العام 1993 أكدت ظهور مقابر كبرى امتدت في تاريخها من العصور البرونزية والكلاسيكية والإسلامية، اذ تم الكشف عن مجموعة من الكهوف والقبور المقطوعة في الصخر.
كما ان التنقيبات التي أٌجريت عام 1996 في موقع البردون المقابل للكهف أكدت انتشار مخلفات الابنية على مساحات شاسعة ترجع الى العصر البيزنطي، فضلا عن ان اعمال التوثيق لكهف البصة ومحيطه توجت باكتشاف كنز المسكوكات الفضية بجواره وترجع للعصر الهلنستي .
وبين ان أعمال التوثيق لكهف البصة لم تتوقف منذ 1996 عندما تم البدء باكتشاف موقع عماد السيد المسيح، مشيرا الى انه تم في الاعوام الماضية اجراء مسح لوادي عراق الامير والمباني الدينية الرئيسية على طول امتداده بدءا بمقام الأولياء،نُصير والمغربي وابو لوزه وعبيد الطيار والكهوف المقدسة وكهف المعلقة والمقابر الكلاسيكية المنتشرة على طول امتداد الوادي بجانب المجرى الدائم للمياه حيث تم الكشف عن بركة مياه مزخرفة كانت تستخدم لأغراض طقوس دينية مرتبطة بقصر العبد والكهوف المقدسة المجاورة له وكهف البصة .
وقال وهيب ان تدفق المياه عبر الوادي كان له الاثر الكبير في تشكيل الموقع الديني في الوادي حيث يرتبط الموقع مباشرة بموقع عماد السيد المسيج من خلال مجرى المياه المتدفق نحو منطقة عين الفجيرة والشدقة ومغاور المقرنات والبمبات عبر وادي النار، وصولا الى تل الصوان وتل ام حذر حيث تم اكتشاف موقع هام عبر الوادي من خلال اعمال التنقيبات عام 1997 مرتبط بمياه وادي السير وكهف البصة .
واضاف ان مياه وادي عراق الامير وكهف البصة تتدفق لتصل الى وادي الكفرين حيث كان يطلق عليه تاريخيا (نهر الاردن الصغير) لتلتقي مع مياه وادي حسبان الذي يطلق عليه وادي الرامة وتلتقي مياه الواديين معا ليتشكل منهما واد ضخم متدفق يطلق عليه “وادي عربة”.
وأشار الى ان الدليل الابرز على نقل مياه عراق الامير وكهف البصة الى موقع عماد السيد المسيح (المغطس) هو الكشف عن قناة مياه فخارية تمتد لاكثر من كيلو متر واحد تنطلق من نقطة التقاء وادي عربة مع وادي الرامة والكفرين، وتتكون القناة من انابيب فخارية ترجع في تاريخها الى العصر البيزنطي واقيم عليها صفايات ومناهل لضمان سلامة وصول المياه النقية الى موقع العماد / تل مار الياس .
وقال وهيب ان المؤرخين القدامى اشاروا الى قصر العبد في هذا الموقع وخاصة المؤرخ جوزيفوس حيث أطلق على المنطقة اسم (تيرو) كما ذكرت بعض الاناجيل القديمة اسم الكهف الذي لجأ اليه السيد المسيح واتباعه بإسم تيرو، مضيفا أن سجلات دائرة الاراضي والمساحة أكدت ان اسم حوض الاراضي التي يتواجد به كهف البصة مطابق لهذه التسمية لغويا ما يشير الى استخدام الاسم عبر العصور، وعليه فقد تطابقت نتائج الاكتشافات العلمية واقوال الرحالة القدامى والمحدثين والكتاب المقدس على اهمية الكهف وارتباطة برحلة السيد المسيح ودعوته في ربوع الاردن.
واوضح وهيب أن نتائج البحث العلمي أكدت ان حدود بيت عنيا شرقي نهر الاردن كانت تشتمل على عراق الامير وتمتد من نهر الاردن الى الاودية المجاورة التي كانت تعج بكهوف الرهبان مثل وادي الكفرين والرامة وحسبان وشعيب والخرار التي مازالت بقاياها ماثلة للان.
وعليه يتضح، كما اوضح وهيب، ان كهف البصة ذو اهمية دينية خلال العصر الروماني وبلغ اوج ازدهاره عندما اعتمده البيزنطيون في الفترة بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين، ثم استمر استخدامه خلال العصور الإسلامية، وهو يضاف الى سلسلة اكتشافات عالمية اخرى على ارض الاردن أرض الأنبياء والرسل والشهداء سيساهم مجددا في وضعه بمقدمة دول العلم العربي في مجال السياحة الدينية .(بترا)