بطولة الخوف / جروان المعاني

بطولة الخوف
ارانا نعيش أمية من نوع جديد لا تقتصر على امية القراءة والكتابة او كيفية الاستفادة من التكنولوجيا بل تتعداها الى أمية السلوك وفقدان العقل لبوصلة الحكمة والانضباط، مما يشير الى امكانية حدوث فوضى خلاقة بشكل مختلف عما نراه في ليبيا واليمن ومن قبلهما سوريا والعراق .
المحظورات او المُحرمات في مجتمعاتنا اخذت تتجاوز مسائل الدين والجنس حيث تسللت الى العقول وعلى مر الايام فكرة تحريم الاقتراب من الحكام واعوانهم وصار الخوف من كل شيء هو الاساس في حياتنا، حيث غرق الناس بالنفاق الديني والكذب نتيجة للقمع الممنهج فتحولت البلاد الى سجون كبيرة وانقلبت ثقافات المجتمع على نفسها فتجاوزوا على الدين واسترخصوا النساء وصرن يزج بهن بالسجون تحت مسمى المساواة وتم استغلالهن بأبشع الاشكال .
تعززت الافكار المشوهة لوجه المجتمعات وازدادت الهوة بين الحاكم والمحكوم فانتفت هيبة الحاكم، وسقطت حقوق الانسان وحرياته الاساسية تحت حجة تحريم الاقتراب من الدين والحاكم وفقد الناس الكثير من روابطهم مع بعضهم البعض نتيجة لاختلال توازن العلاقة بين الرجال والنساء .!
إن الباحث عن الحقيقة في تاريخ البشرية دائما سيجد ان الهروب من المحرمات يمر من بوابة ضرورة تغيير القيم المجتمعية من خلال ابراز التناقضات الدينية وخرق قواعد الاعراف والعادات واعلان الولاء المطلق للحاكم الذي يمهد لنشر افكار تخدم بقاءه .
لقد تلاعب قادة العقول بتفكير الناس فسخر رجال الدين فتواهم بما يتلاءم وميول السلطان وصار شعار الشهادة فحواه التضحية من اجل القائد وصار القتل عادة يومية والاعتقال وزج الناس في السجون امر اعتيادي، وانتشرت فكرة البطولة حتى عبر التكنولوجيا والالعاب الرياضية.
(والمجتمعات التي تسود فيها الاجواء البطولية هي اكثر المجتمعات عرضة للانهيار والدمار الداخلي فكل فرد في المجتمع يريد ان يثبت انه بطل ومستعد لفعل كل شيء) في مثل هذه الاجواء يركز الابطال يدهم على الزناد والاعصاب متوترة فتنطلق اول رصاصة لتشكل حادثا ربما يكون تافها ثم تتوالى الطلقات ردا على تلك الطلقة التافهة التي قد يكون ضحيتها طفل او رجل عاجز فتتجمع اعمال العنف لتشكل خرابا حقيقيا المستفيد الوحيد منه الحكام ورأس المال وتجار السلاح وعلى رأسهم الدول الكبرى .
الناظر في حال الامة العربية والاسلامية سيجد انه تم استغلال هذه المحرمات لتعزيز افكار البطولة الجوفاء مستغلين حالة الفقر والعوز فتحول الدين الى افيون وتحولت المرأة لمادة يتم تداولها عالميا فيتم جمع حسناوات العالم من اوكرانيا والهند وغيرها في الاماكن التي ينتشر فيها الثراء، في حين تحول الحكام الى وسائل لتنفيذ مخططات قادة العقول في الغرب قتمت عمليات تقسيم المجتمعات على اسس دينية طائفية وعنصرية عرقية، وانتشر الدمار المنهجي على يد ابطال ابعد ما يكونوا عن حقيقة البطولة.
لا ادري ان كنت قد لامست الحقيقة او اقتربت منها لكني بدون ادنى شك لست بطلا وهميا كما بقية الابطال ولا اسعى للتملق للحاكم او الاساءة للأديان غير ان الواقع يقول ان سر البلاء في مجتمعاتنا هم الحكام، وسوء الفهم لغايات الدين، وهو امر ادركه المتلاعبون في العقول وزاد الطين بلة حين افتقرنا الى منظومة تعليمية متوازنة تُعلي من شأن المعلم وتجعل منه شعلة تنير الطريق، فتحول المعلم الى بطل كبقية الابطال الذين تم التلاعب في عقولهم، وقريبا جدا سنجد بقية قطاعات المجتمع الوظيفية يبرز منهم ابطال يسخرون من بطولة المعلم ويصبح العسكر هم الحكم ويبدأ الصدام ولا استطيع تحديد شكل او نتيجة الصدام .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى