بشار سيبلعها … وبوتين يستمتع بالانتقام، فكيف سيفعلها؟

سواليف

وعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي بالانسحاب من سوريا، وفي هذا الأسبوع فتح جبهة جديدة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، ما يخاطر بإيقاع الولايات المتحدة في نزاع أوسع نطاقاً هناك.
الضربة كانت تحذيرية وليست تصعيدية!
وقالت صحيفة Washingtonpost إن الإدارة الأميركية تذكر أنها سعت من خلال هجومها على الأسد السبت 14 أبريل/نيسان أن تحذر الرئيس السوري مما اعتبرته الدول الغربية استخداماً غير مشروع للأسلحة الكيماوية، في أعقاب تسمم المدنيين بالغاز بالقرب من دمشق خلال عطلة نهاية الأسبوع. كما رأت الإدارة الأميركية أن الحاجة إلى إرسال رسالة إلى الأسد بشأن الأسلحة الكيماوية تفوق إمكانية استفزاز حلفائه روسيا أو إيران على الرد في ساحة القتال بسوريا أو بمكان آخر في الشرق الأوسط أو حتى في الفضاء السيبراني.
ماذا إذا أساءت موسكو وطهران تفسير الضربة؟
ويذكر المحللون أن المخاطر تتمثل في أن ينتهي الأمر بالولايات المتحدة في دائرة من التصعيد تورط الجيش الأميركي بصورة أكثر عمقاً في النزاع السوري بصورة أكبر مما تعتزمه الإدارة.
حينها سيبدأ الانتقام، فما السيناريوهات المحتملة؟
وذكر الجنرال الأميركي المتقاعد جيمس دوبيك، كبير الباحثين بمعهد دراسات الحرب: “بحكم العلاقة بين روسيا وإيران والأسد، فإن الهجوم الذي نعتبره محدوداً ودقيقاً قد تتم إساءة تفسيره من قبل أي من تلك الأطراف الثلاثة، بما يبرر من وجهة نظرهم أي رد انتقامي”.
نعم، الهجمات الإلكترونية المفضلة لدى موسكو
وتتضمن السيناريوهات المحتملة للرد الانتقامي هجمات تشنها المليشيات التي تدعمها إيران ضد القوات الأميركية في الشرق الأوسط وتصعيد الأعمال العسكرية ضد القوات الأميركية وحلفائها داخل سوريا، أو “ردود فعل غير متماثلة” مثل الهجمات السيبرانية خارج مسرح العمليات ذاته.
والأسد لن يتوقف عن الكيماوي
ويظل غير واضح ما إذا كانت الضربة سوف تمنع قوات الأسد من التحول إلى استخدام الأسلحة الكيماوية في المستقبل، حيث يسعى الرئيس إلى تمديد نفوذه في أنحاء البلاد إلى جانب تعزيز مكاسبه بالحرب الأهلية. وذكر روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا والباحث بمعهد الشرق الأوسط وجامعة ييل، أن العمل العسكري لن يؤدي إلى منع قوات الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ما لم تضطلع الولايات المتحدة بتنفيذ ضربات متابعة حينما تحدث أي أعمال وحشية جديدة.
سيجرب ثانية.. وسيُضرب مرة أخرى
وقال فورد: “لضمان تحقيق الردع، لا أعتقد أن هذا الهجوم سيكون الأخير”. وتنبأ الدبلوماسي الأميركي السابق، الذي ذكر أن قوات الأسد تستخدم الأسلحة الكيماوية لافتقارها إلى الجنود، إن الزعيم السوري “سوف يختبرنا – وسوف نضطر لتكرار هذا الهجوم”. وعد ترمب أن الضربات الجوية لن تكون الأخيرة. وذكر الرئيس في كلمته بالبيت الأبيض مساء الإثنين: “إننا مستعدون لمواصلة هذه الضربات لحين توقف النظام السوري عن استخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة”.
فما الفائدة إذاً؟
يرى بعض من يؤيدون الضربات الجوية أنه حتى في حالة الإخفاق في منع الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية في المستقبل، سوف ترسل تلك الضربات رسالة فحواها أن المجتمع الدولي يراقب ويعتزم فرض حظر على الأسلحة الكيماوية التي دشنتها الدول بعد الحرب العالمية الأولى. وذكرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن الضربات التي شاركت بها المملكة المتحدة وفرنسا سوف “ترسل إشارة واضحة إلى أي شخص آخر يعتقد أنه يستطيع استخدام الأسلحة الكيماوية والإفلات من العقاب”.
لأن الكيماوي ليس في سوريا وحدها.. في بريطانيا أيضا
وفي إشارة إلى الاعتداء الأخير بغاز الأعصاب على الجاسوس الروسي السابق المقيم في سالزبوري بإنكلترا، قالت “لا يمكننا أن نسمح باستخدام الأسلحة الكيماوية بصورة طبيعية – داخل سوريا أو بشوارع المملكة المتحدة أو بأي مكان آخر في العالم”.
ليس في الأسد وحده.. تناقضات ترامب مشكلة كبرى
ومع ذلك، يأتي التدخل العسكري أيضاً بينما لم تتوقف واشنطن عن سعيها وراء التخلص من الأسد على مدار سبع سنوات من الحرب الأهلية. ويريد ترمب أن تسحب وزارة الدفاع (البنتاغون) القوات الأميركية بعد أن تتمكن المليشيا الكردية التي تدعمها واشنطن في سوريا من القضاء على بقايا تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). ويرى الخبراء الاستراتيجيون العسكريون أن رحيل القوات الأميركية ربما يمهد الطريق أمام الأسد لتعزيز سيطرته بالبلاد من خلال دعم روسيا وإيران ومليشيا حزب الله اللبنانية. وتتمثل النتيجة فيما وصفه وزير الدفاع جيمس ماتيس خلال الشهادة التي أدلى بها أمام الكونغرس يوم الخميس باعتباره “دوافع متناقضة”. فمن ناحية، يريد ترمب ألا يكون للولايات المتحدة أي علاقة بسوريا. ومن ناحية أخرى، يريد أن يملي قواعد السلوك بساحة القتال في سوريا، والتي يزعجه انتهاكها.
ضربات ترامب تعني أن الأسد باق
ويرى هؤلاء الذين يشعرون بالتشاؤم جراء الضربات التي تأتي رداً على استخدام الأسلحة الكيماوية أن الولايات المتحدة قد تخلت عن محاولة ضمان رحيل الأسد، ما يعني أن قواته ستواصل قتل من تشاء خلال تعزيز سيطرتها على البلاد، حتى في حالة القيام بذلك باستخدام الأسلحة التقليدية.
وسيواصل ذبح شعبه
وقال كينيث بولاك، المحلل السابق بوكالة الاستخبارات الأميركية والباحث بمعهد المشروعات الأميركية “طالما أن لديك استراتيجية تُبقي على الأسد في سدة الحكم وتسمح له بذبح شعبه كما يشاء، سيواصل القيام بذلك. وربما سوف يستخدم الأسلحة الكيماوية”.
لذلك لا يهتم الأسد بالضربة.. فهو المسيطر
ومع ذلك، كي تتمكن واشنطن من منع الأسد من قتل مواطنيه بصورة أوسع نطاقاً، قال السفير الأميركي السابق فورد، “إننا نقترب من سيناريو تغيير النظام لأنه يقوم بالقصف يومياً تقريبًا، وأرى أن هذا ما يجعلنا نتدخل. ليس لدي أي ثقة في أننا نستطيع السيطرة على الأمر بعد ذلك”. ويرى بولاك أنَّ النظام السوري وإيران لن يقدما على أي رد فعل تجاه الولايات المتحدة، لأنَّهما يسيطران على ساحة معركة وعد ترمب بالانسحاب منها، ولا يرغبان في التورط في أي فعل قد يمنع مغادرة أميركا، وهو ما قد يشكل انتصاراً كبيراً لهما.
لكن بوتين ليس الأسد وخامنئي.. فالرجل يحب الانتقام
وقال إنَّه يمكن أن يكون لدى روسيا دافع أكبر للانتقام، مع أنَّ القوات الأميركية حذرتها مسبقاً قبل أن تشن هجومها على مطار الأسد العام الماضي. وأضاف: “روسيا هي الطرف غير المتوقع في هذه المسألة”، لأنَّ مصالح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتجاوز سوريا، وأكمل: “فهي تدور حول مدى السماح للولايات المتحدة بالتصرف دون أي قيود، ومدى رغبته في إثبات قدرته على رد الهجوم”.
الأسلحة التقليدية تقتل السوريين أكثر من الكيماوية، فلماذا يتم تجاهلها؟
يثير أيضاً ذلك الهجوم أسئلةً شائكة تُوجَّه لمسؤولي إدارة ترمب حول سبب استعدادهم التدخل عند استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، بينما لم يُتَّخذ أي ردة فعل في الحالات التي يلقى فيها عددٌ أكبر من المواطنين مصرعهم على أيدي قواته بالأسلحة التقليدية. وفي حديثه أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب الأميركي يوم الخميس (12 أبريل/نيسان)، أوضح ماتيس أنَّ الأسلحة الكيميائية تختلف عن الأسلحة التقليدية في مدى وحشيتها. وقال موضحاً سبب اتخاذ إدارة ترمب قرار شن الضربة العام الماضي: “هناك بعض الأمور التي لا يمكن تبريرها ببساطة، وتتجاوز الحدود، ولا تصب في مصلحة اتفاقية الأسلحة الكيميائية أو حتى الحضارة نفسها”.
همممم.. يهتمون بالطريقة أكثر من عدد القتلى!
من وجهة نظر بعض علماء السياسة، يحمل هذا المنطق الكثير من المخاطر، فالولايات المتحدة تضطر من خلاله إلى اتخاذ إجراءٍ عسكري لأسبابٍ إنسانية تعتمد فقط على نوع القتل الجاري. وتساءلت مارا كارلين، وهي مسؤولة بارزة سابقة في البنتاغون خدمت أثناء إدارة أوباما، وأستاذة مساعدة في كلية جونز هوبكينز للدراسات الدولية المتقدمة: “أليس أمراً فظيعاً أنَّنا نزعج بشكلٍ خاص من طريقة معينة لقتل الأطفال في سوريا دون الأخرى؟”.
إذاً، الضربة إراحة للضمير فقط!
وقال بولاك إنَّ جاذبية تلك الضربات تكمن في أنَّها “عمليات عسكرية تمنح شعوراً جيداً”، تجعل الأميركيين يعتقدون أنَّهم ساهموا في مساعدة السوريين. وأكمل: “لا لم نساعدهم، مات 500 ألف منهم ولم نفعل أي شيء”.
عربي بوست

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى