سواليف
اشتدَّ الصراع على القمة، بين أضخم برجين في الشرق الأوسط، اللذين يتنافسان للحصول على لقب أعلى برج في العالم.
فقد بدأت عملية تشييد برج ميناء خور دبي، في عملية تطوير واسعة النطاق للواجهة البحرية، والمخطط إنهاؤها قبل معرض دبي إكسبو العالمي لعام 2020، الذي سوف يبدأ في شهر أكتوبر/تشرين الأول، من ذلك العام.
يهدف البرج، الذي يخترق السحاب بطوله البالغ 928 متراً إلى الحصول على لقب أعلى برج في العالم، وهو اللقب الذي حاز عليه برج خليفة، في دبي أيضاً، منذ 2010، بطول 830 متراً.
وماذا عن برج جدة؟
لكن هناك منافس لهذا البرج. فبرج جدة من المقرر له أيضاً أن ينتهي عام 2020. عندما يكتمل البرج اللامع، فإنَّه سيكون أطول من برج دبي 72 متراً.
لو أراد برج دبي أن يحوز على لقب أطول برج في العالم، حتى ولو لفترة قصيرة، فسوف ينبغي له أن يفتتح قبل برج جدة.
كلا البرجين يعدّ عملاً فذاً من وجهة نظر الهندسة الحديثة.
مواصفات برج دبي
برج دبي، تقوم به شركة إعمار، عملاق العقارات التي كانت أيضاً وراء بناء برج خليفة، وسوف يكون تدشينها لبرج خور دبي على أمل أن يكون جذاباً للسياح.
ويحتوي البرج، الذي صممه المهندس المعماري السويسري الإسباني، سناتياغو كالاترافا وولس، على “بيناكل روم”، وهي غرفة مراقبة تتيح رؤية بزاوية مقدارها 360 درجة للإمارات، إلى جانب حدائق عمودية عامة، وقد خصص 18 إلى 20 دوراً للمنازل والمطاعم والمحلات وفندق فخم.
مواصفات برج جدة
أما برج جدة، في المملكة العربية السعودية، فسوف يستغرق وقتاً أطول بقليل.
وقد بدأت عملية التشييد لهذا السهم الرشيق المتجه ناحية السماء في الأول من شهر أبريل/نيسان 2013، وكان من المقدر، في البداية، الانتهاء منه عام 2018، لكنَّ تاريخ افتتاحه قدم بالفعل مرتين. وبحسب مجلة سعودي جازيت، فسوف يتطلب بناء هذا البرج حوالي 5.7 ملايين قدم مكعب، و80 ألف طن من الصلب.
ومع ذلك، فإنّ هذا البناء الذي يكلف 1.23 مليار دولار، وبني منه بالفعل 40 طابقاً فوق الأرض، وتبقى 212 طابقاً ــ بلا شك، أطول بكثير من برج دبي.
ولكن، بحسب جيسون غابل، مدير الاتصالات بمجلس الأبنية الشاهقة والمساكن الحضرية، فإنَّ انتهاء مشروع دبي أولاً، ليس “أمراً بعيد المنال كما قد يبدو”.
وقال غابل لـ”سي إن إن”: “إنَّ مشروع دبي برج مراقبة، ومن ثم فلن يتطلب البناء الوقت ذاته المطلوب لبناء ناطحة سحاب كاملة. إنَّ 2020 احتمالية حقيقية لإنهائه”.
ولأنَّ أقل من 50٪ من طول البرج مشغول بمساحات أرضية قابلة للاستعمال، فهو مصنف من قبل مجلس الأبنية الشاهقة والمساكن الحضرية على أنه “برج مدعوم” لا على أنه “مبنى”.
هذه التقنية تمنع البرج من تحقيق هدفه بأن يصير أعلى مبنى في العالم. ولكنه، بدلاً من ذلك، سوف يكون أطول بناء، أو برج من صنع الإنسان، حتى يكتمل بناء برج جدة.
قوة منظر المباني عند الأفق
أصبحت دبي، التي تحتوي على أكثر من 56 مبنى، حتى الآن، أطول من 656 قدماً (200 متر)، مرادفاً لناطحات السحاب المستقبلية، وهي رائدة في هذا المجال في الشرق الأوسط.
وقال غابل: “تاريخياً، لم تقترب أية دولة شرق أوسطية بهذا القدر من بناء ناطحات السحاب بهذا المعدل والطول من دولة الإمارات العربية المتحدة. هناك جيوب من التطوير في هذا المجال في قطر وإسرائيل والسعودية. لكنَّ الموقف التنافسي الذي نشهده حالياً بين السعودية والإمارات فريد جداً من نوعه”.
بدأت النوايا الضخمة للإمارات عام 1979، عند بناء مبنى التجارة العالمي بدبي، ذي الـ39 طابقاً. كان هذا أول بناء عال في المدينة، وأطول مبنى في الشرق الأوسط.
وقد أدت المباني الأيقونية التي شيدت بعد ذلك، مثل برج خليفة وبرج العرب، إلى إعطاء سمعة عالمية لدبي.
وقال غابل، في معرض شرحه سبب تركيز دبي على المباني الضخمة: “إنَّ المباني العالية تضفي سمة أيقونية وظهوراً على الساحة العالمية. هذا الظهور، بحد ذاته، ميزة، يمكن أن تكون ذات أثر إيجابي على قطاع العقارات وتدفق الاستثمارات وعدد السياح، والهوية العامة”.
وأضاف غابل: “الأمر ببساطة، أنَّ المباني بهذا الحكم تكون غالية جداً في البداية، لكنَّ فوائد الحصول عليها غالباً ما تكون على قدر المغرم، كما هو الحال مع برج خليفة”.
وقال أريك تشن، أمين قسم التصميمات والهندسة بمتحف إم + للثقافة المرئية بهونغ كونغ للسي إن إن، إنَّ منظر المباني المرتفعة بالنسبة للاقتصادات النائية يمكن أن يكون وسيلة تواصل قوية.
وقال تشن: “هذه المباني الشاهقة تكون رمزية في نواحي كثيرة. إنَّ أماكن مثل دبي، وإلى حد ما الصين، لا زالت تحاول أن تضع نفسها على الخريطة وأن تثبت أنها قد وصلت باعتبارها دولاً حديثة عالمية متقدمة تكنولوجياً”.
اختبار البرج
ومع ذلك، فلم تخل السرعة الشديدة التي يمكن لدبي بها أن تبني برجاً عملاقاً من الانتقادات.
فقد اندلعت سلسلة من الحرائق في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك حريق استعر في ناطحة سحاب فخمة في جزيرة نخلة الجميرة الصناعية في دبي، الشهر الجاري.
وقال تشن: “إنَّ المباني الطويلة لا تخلو من المشاكل. وهناك مخاوف متعلقة بالأمان”.
ومع ذلك، فإنَّ فالس واثق بأنَّ البرج لن يكون عرضة لهذه المشكلات.
فقال فالس في تصريح صحافي: “إنَّ دراسات موسعة قد اتخذت قبل حفر الأساسات، والذي تعلمناه من هذه التجربة سوف يضيف إلى المعرفة الإنسانية”.
وكان المهندسون قد ثبتوا صمامات متعددة، وأنظمة ماصة للصدمات لتأمين ثباته.
أيضاً أكمل المهندسون سلسلة من قنوات الرياح، واختبارات مناخية وزلزالية تحلل 12 سيناريو في ارتفاعات متفاوتة لاختبار أداء المبنى تحت ظروف شديدة.
وقال تشن: “نحن بحاجة إلى نظرة متوازنة ومتأنية في ناطحات السحاب. لكنَّ هذه الناطحات تساعد في دفع التكنولوجيا وزيادة مساحة الممكن. بإمكاننا، بالتأكيد، أن نتعلم من هذه التجريب”.
هافينغتون بوست