بحّة كاتب .. عبادة الزبيدي

بحّة كاتب ..

حين يشكو الياسمين للدحنون ما فعله به الرصاص والبراميل،ويشكو الأقصى لكنيسة المهد اعتداءاتِ بني صهيون المتكررة،حين تنامُ بيروت مغلولة وتستيقظ دمشق مفزوعة وتبكي بغداد على حضارةٍ ضاعت بين من جاء بنيةِ التحرير ليغتصِب ما بقي فيها من خُبز وبين أبناءٍ عاقين باعوا الخُبز ليشتروا بثمنه كُرسي.
عن ماذا نكتب وكل أوطاننا باتت تحت النار،عن ماذا نكتب اذا كانت الثقافة اليوم محصورة بقنواتِ الـ (إم بي سي) والمواهب الحقيقية تحزم حقائبها وتذهب إلى الخارِج بحثًا عن مُتبني،عن ماذا نكتب وحالات التحرش والاغتصاب تملئُ أزقة المُدن،عن ماذا نكتب اذا كانت نسبُ العنوسة والبطالة والفقر والموت في ازدياد ونسبُ انسانية الانسان في هبوط!.

مؤلمٌ أن تقِف مُتفرجًا مكتوف اليدين على قارِعة الطريق وتمُر من أمامِك الجنازات الواحدة تلو الأخرى تحملُ بين أكفانِها أزهارًا لم يُكتب لها أن تعيش،مؤلمٌ أن يصِل العالم إلى آخرِ كوكبٍ في المجرة وأنت لا تجدُ تكسي يوصِلُك إلى وجهتك التي تبعد عنك بضع كيلومترات لأن شوارِعك باتت مُزدحِمة باللاجئين،مؤلمٌ أن تحمِل بين أصابِعك الموهبة وجيبُك مثقوب ولا تملِكُ إلا الدعاء.
أن ترى دينًا يُختطف على أيدي المتطرفين ثم يُلام على ما لم يرتكِبه،أن ترى شبابك غارِقٌ في وحلِ المُخدرات،أن ترى أُمًا شغلها الواتساب وترى أبًا شغلته مباراة كرة قدم عن واجِب التربية،أن تكون عربي!.. أن تكون مسلم!!.

المأساة هي أن تعيش في ظل كل هذه المآسي ويُطلبُ منك أن تصمِت اما خوفًا على حياتك أو خوفًا على رزقك،المأساة هي أن تكون قراراتُك مرهونةٌ بحجر نردٍ يُمسِكه أحمقٌ ما في مكانٍ ما،المأساة هي أن تبرعَ في أمرٍ ما وعند المحاولة الأولى تُضطهد لأنك لست من عرقٍ مُعين أو من جنسٍ معين،المأساةُ امرأة في عالمٍ لا يعتبرُ النساء إلا لحومًا بيضاء خُلِقت لتُأكل.

لذلك قررنا أن نكتُب ونكتُب ونكتُب حتى تجِفَ أقلامَنا أو تُحلَّ مشاكِلُنا،لذلك قررنا أن نكتُبَ بإسم الأمل الذي يسكُن قلوبنا ويُخبرنا بأن الغد أجمل،قررنا أن نكتب حتى يتفتحَ الياسمين ويرقُص الدحنون ويختفي صوتُ البراميل،قررنا أن نكتب لآخِر قطرةِ دم ينزِفُها شهيد وآخِر لاجئ يعود إلى أرضه.

سلامٌ على وطني من شرقه إلى غربه ومن شمالِه إلى الجنوب .. سلامٌ على حُلمٍ مصيره أن يتحقق يومًا ما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى