بتشبه عينيك..

بتشبه عينيك..
#احمد_حسن_الزعبي

مقال الخميس 21-9-2023
كل هؤلاء هم ” #شعب_ذاكرتي” ، #الحمامُ الذي يهدلُ فوق خان الطين ، #الدجاجات السارحات ، النمل الذي ينهمك في التخزين..و #أيلول_الحزين…الشمس المدلاة من سماء الغروب تشبه حبّة البرتقال، العرق الذي ينبت على وجنتيّ أمي وعلى الجبين ، يشبه ذلك الندى الذي نراه على ورق التين.. كيس القمحِ يتصرف كمطرب أنهى وصلته للتو يحني نصفه عند ركبة الحجة بكل امتنان ،تغرف من نصفه بملء كفيها وتوزّعها على الغربال ،تهزّ الطارة يميناً ويساراً الى أعلى وإلى أسفل يبقى الحَبُّ الصريح الصديق الصادق الصامد في الغربال ، ويسقط “الزيوان” والغريب والضعيف…موسيقى “الغربلة” ما زالت “تخشخش” في ذاكرتي ،كنت اعتقد انها مجرّد عملية روتينية لتنقية القمح من الشوائب وفرز الدخيل عن الصالح، لكني اكتشفت أن حوار القمح مع خيوط الغربال كان حوار مبادىء لا حوار مصالح..من يصمد يبقى ،ومن يسقط يسحبه النمل بعيداً..
كنت أعتقد أن #الغربال مجرد “طارة” بيد أمي، لأكتشف أن الغربال أوسع من ذلك بكثير..الغربال وطن أيضاَ ،يهزّنا، يمتحننا ، يأخذنا يميناً ويساراً الى أعلى والى اسفل من يصمد يصبح #رغيف_كرامة…ومن يسقط تجرّة المكنسة نحو القمامة..
كل عام أستذكر عبارة من أغنية “ورقه الأصفر” وأشكل من طين اللغة مقالاً، أنا خزّاف هاوٍ في معمل أيلول، أصنع من شدو فيروز “خابية”تروينا ، أو “قـُلة ماء” ترافقنا في سفرنا ، أو “كوارة فخار” نلجأ اليها عندما تجوع #الروح في ليالي الصمت الباردة..في أيلول أدعو “شعب ذاكرتي” الى اجتماع عاجل في غرفة أمي ، أدعو الرمان المناضل الذي يتدلّى رأسه من مشنقة الوقت “وينفلق ضاحكاً” ، أدعو “بروليتاريا” النمل ، الغرابيل المتقاعدة ، طبّاخ القهوة، الزيتون المتأهب ، أحفاد العصافير التي ورثت سكن البيت معنا ، الحمام الموالي …أدعوهم جميعاً الى عيدنا الخريفي السنوي المقام حول صورة أمي …لأقول لها: كل هذه الأشياء المسماة “شعب الذاكرة”..بتشبه عينيك..
أحمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى