سواليف
يسمونها «الياسمين الهندي»، وفي بعض البلاد «الفتنة»، وهي لرائحتها، ونقاء أبيضها الملون في الداخل بالأصفر المشرق، قد «تفتن» المستيقظين للتو، وتجعلهم ساهين عن طلب القهوة، لفرط تأملهم فيها. هذه الزهرة التي سقط منها الكثير عن الأغصان خلال الليل، يتم كنسها عن الأرض كي يحافظ المشهد على مثاليته. كل شيء مرتب، بهي، مشرق، ويعمل بدأب من أجل أن يحظى المستيقظون مع شروق الشمس على فرصهم المريحة في الحصول على الفطور أو السباحة أو التأمل.
الفيل الضاحك
ثمة الكثير من الماء في «منتجع اننتارا» الذي يعتبر الأكثر خضرة بين أمثاله على جزيرة النخلة بدبي. يكاد يكون قطعة من تايلاند، تواجه «برج العرب» من بعيد، وهو نموذج لحياة الشروق في هذا المكان الذي يقصده السواح من أقطاب العالم. الماء في الثقافة التايلاندية بركة، لذلك يخرج متدفقاً من فم تمثال على هيئة فيل، تم تثبيته عند مدخل المكان. فيل ضاحك باستمرار، لكن، يخيل إليك، فيما قرص الشمس يعبر إلى السماء متكاسلاً وخجولاً، أن ضحكته تصبح أكثر اتساعاً، فها هو يوم جديد يبدأ على الجزيرة، وعلى الجميع أن يكون مستعداً من أجل ضمان سعادة وراحة وطمأنينة الزوار والنزلاء.
أشكال وألوان
وها هم كثر، جنود في جيش ضيافة عالمي، إن جاز أن يحمل اسماً ذا دلالة، فسيكون من دون شك «جيش السلام والتسامح». يوسف وعلي من لبنان، أميش من سيرلانكا، سيفول من أوزبكستان، اليتون وشرف الدين من الهند، جون من نيجيريا.. وغيرهم كثر، تفرقهم اللكنات واللغات ولون البشرة، وتجمعهم دبي والعمل من القلب، من لحظة بزوغ شمس الصباح.
طقوس الفطور
«علينا أن نكون هنا جاهزين لأي طلب»، يقول الطاهي علي، مشرفاً على خبز أول مجموعة من الأرغفة الطازجة على فرن «التنور». رائحة الطحين المخبوز تفوح في المكان وتختلط مع رائحة القهوة التي يتأكد يوسف، مدير المطعم، من أنها جيدة وبانتظار المستيقظ الأول. إنه خبير باختلاف أمزجة البشر وطريقة تصرفاتهم «خاصة بعد الاستيقاظ من النوم». يشرح: «الروسي غير الصيني غير العربي.. لكل طقوسه الخاصة ونوعية الطعام الخاص الذي يرغب في أن يستهل به يومه. في دبي، تعلمنا كيف نفهم جميع الثقافات، ونحترم خياراتها ولا نفرق بين جنسية وأخرى».
الأمن مستتب
جون النيجيري يعي هذا الأمر أيضاً. في الطريق المؤدي إلى الفلل الشاطئية ذات الإطلالات الخلابة، يقف للتأكد أن «كل شيء على ما يرام»: الأمن وظيفتي وغايتي. علينا أن نتأكد أن الجميع يشعر بالأمان طيلة 24 ساعة. المكان هنا واحة من السلام.
سلام لا يستتب من دون مظاهر الطبيعة التروبيكالية التي تبهرك بتنوع درجات الأخضر الذي في النبات. يبدو البستاني شرف الدين سعيداً بالأمر، يعدد الزهور والنباتات التي يسقيها كل يوم: «البوستونيا، فرجينيا، بالمريا..». يفتح كفه فتظهر زهرة في وسطه. يبدو في حركته هذه أقرب إلى شاعر أو عاشق، كما في الحكايات.
موسيقى الشعوب
«أنا أعشق هذا المكان. يساعدني على الاستلهام وإنجاز عملي بسهولة»، تقول ريما، الاسترالية من أصل لبناني، فيما تراقب العصفور الذي يتنطط برشاقة لافتة على حافة الطاولة المقابلة. ريما منظمة حفلات، وتخصصها يتمحور حول اختيار الموسيقى المبدعة والملائمة لكل أنواع المناسبات: «صحيح أنني أحب الليل لأن فيه طاقة خاصة، لكن مشاهد شروق الشمس على نخلة الجميرا في دبي لا تعوض. إنها سيمفونية مكتملة بحد ذاتها».
تفوح رائحة «الياسمين الهندي» في كل مكان. أميش السيرلانكي الذي يقود «التكتك» الخاص به يعرف جيداً هذه الرائحة ومواعيد فوحها وأفضل الأشجار التي تحملها: «دوامي ليلي وينتهي بعد الشروق بساعة. لذلك أنا محظوظ. إنني أرى ما يغفل عنه غالبية الناس كل يوم. شروق الشمس من هنا لوحة من الجمال والخير.. والسلام»!