
اعطني أُذنَك لأصرخَ فيها
هاتِ أُذنك..ادنُ منّي قليلاً..اجعل أذنك قرب شفتيّ ..لن أوشوشك ..بل سأصرخ بملء صوتي : دربُ النار يمشيها الجميع ؛ فتوقّفْ عن وصف نفسك بالمميز الأثير..!
أنت ترى كلَّ من تعرفهم ؛ وكلّ من هم حولك ..كيف يقاسون الأمرين و الثلاثة ؛ وكيف يقتحمون لعبة المنافسة على هذه الحياة ..؟ بل جلّهم لا يرقدون و لا يركدون إلا وهم يقومون كل لحظة بالكفاح و الجهاد من أجل الفوز بلذة قليلة في الحياة ..!
خلق الانسان في شقاء ؛ وكلّ المطلوب منه وهو متروك في بحار الألم أن يسبح و يسبح ليصل إلى الاشتباك الحقيقي مع الحياة ..فلماذا تصرّ أنت أن تملأني بالحديد وسط تجديفي ..؟ ولماذا تصرّ على تربيطي بكل الجنازير و الحبال ..وتطلب منّي أن أفوز ..؟!
أيتها الحكومات المنتشرة في كلّ مساماتي ..أيتها الغارفة منّي دون شبع ..أيتها العارفة بأنفاسي حين تكون أنفاس تعب أو أنفاس مرض أو أنفاس هزيمة أو حتى أنفاس موت ..! هل يعجبك ما آلت إليه أنفاسي ..؟ بشرفك هل هذه أنفاس مواطن يستطيع أن يصفّق لك ..؟ هل الأنفاس التي تسمعينها تدلّ على مواطنٍ يستطيع أن يدافع عن الوطن في أية أزمة ..؟!
نرجع لصيغة المذكر المفرد : لا تبعد أُذنك من شفتيّ ..كلامي الصارخ لم ينتهِ بعد ..
أنا الموجوع بك ..أنا النازف فيك ..أنا الخائف منك ..أنت خارطتي و أنا الضياع بها ..أنت لقمتي وأنا الجائع فيها ..أنت جمالي وما أقبحني معك ..! أنت كلّ شيء لي وما أحوجني إليك..!
صراع الوطن و الحكومات ..على هذا المواطن الممدّد بينهما ..و الغارق فيهما ..و المهزوم أمامهما ..صراع لن ينتهي ..فهذا الوطن نصرخ في أذنيه كلّ الوقت ولا يسمع ..وهذه الحكومات نتوسّل لها طوال الوقت ولا تتفاعل مع توسّلنا إليها..!
أيّها المواطنُ الهاربُ من الحكومات إلى الوطن و من الوطن إلى الحكومات ..مش عارف شو أحكيلك ..؟!!