سواليف
برغم أن الكشف عن اعتقال عميل كان يزود إسرائيل بمعلومات ووثائق من مكتب الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية، جاء بقرار من أعلى المستويات، إلا أن هناك أوساطا مسؤولة في قيادة السلطة تؤكد أن تفجير قضية هذا العميل في هذا التوقيت لها علاقة بالصراع بين الأقطاب المتنازعة على خلافة الرئيس محمود عباس “أبو مازن”.
وبالتفتيش في حيثيات الملف، أبلغت “رأي اليوم” أن اعتقال الشخص المتهم بالعمالة، وهو موظفا في مكتب عريقات تمت قبل أسبوعين، في جو أحيط وقتها بالسرية التامة، حتى وصل الأمر لخصوم عريقات، فكشفوا القضية لوسائل إعلامية بهدف إضعاف موقف عريقات.
حتى أن عريقات في حديثه مع مقربين منه، يرجع الأمر إلى محاولات إسرائيلية لإضعاف موقفه في الشارع الفلسطيني، في سياق عمليات “الوخز″، لإنذاره من الاستمرار في دعم الموقف القائم على تطبيق قرار وقف التنسيق الأمني.
وهنا يشير أحد مقربي عريقات أن التوقعات بأن تدبر إسرائيل أشياء من هذا القبيل كانت واردة بالحسبان، وأن الأمر من الممكن أن لا يقتصر على عريقات نفسه، وأن يطول قيادات أخرى في السلطة الفلسطينية.
على العموم فإن الحادثة لاقت انتشارا واسعا في الأوساط الفلسطينية عامة، وأربكت المستوى القيادي، وتم تداولها بشكل كبير في الشارع منذ ان كشف عنها مساء السبت.
وإلى تفاصيل القضية، فقد اعتقل الشخص العامل في دائرة المفاوضات وأمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قبل أسبوعين من مدينة رام الله على أيدي أفراد من المخابرات العامة الفلسطينية، وأخضع من وقت الاعتقال للتحقيق في تهمة التعامل مع الاحتلال، وتقديم وثائق مهمة موجودة في منظمة التحرير إلى إسرائيل.
كما قام الشخص المتهم أيضا بنقل محاضر اجتماع فلسطينية خاصة بتحديد المواقف مع إسرائيل، ومنها مطالب ووجهات نظر القيادة لملفات التفاوض.
واستشاط المستوى القيادي الاول في السلطة الفلسطينية غضبا عدة مرات، من خلال مراجعات أمريكية لمواقف تعكف السلطة على اتخاذها، وكذلك إبلاغ الرئيس أبو مازن شخصيا من مسؤولين أوروبيين بأن هناك معلومات مصدرها إسرائيل، تفيد بنيته اتخاذ العديد من الخطوات أو إبداع وجهات نظر معينة في مواقف سياسية، كان لها علاقة بالمفاوضات الأخيرة التي رعتها واشنطن، وكذلك في ملف تحديد العلاقة مع إسرائيل، وفق قرارات منظمة التحرير والمجلس المركزي، وهو ما جعل الملف هذا ينقل بكامله للجهات الأمنية لمعرفة الخلل والسبب في وصول هذه المعلومات إلى الاطراف الأوروبية والإدارة الأمريكية عن طريق إسرائيل، وهو ما قاد في النهاية للوصول لهذا الشخص.
وقد جرى إبلاغ عريقات بقضية اعتقال هذا الموظف بعد تنفيذ الامر، وبداية إخضاعه للتحقيق، وهنا أكد أحد المطلعين على الملف، أن هذا الشخص كان موظف في أمانة سر اللجنة التنفيذية منذ أن كان الرئيس محمود عباس “أبو مازن” رئيسا لها.
وجاءت عملية الاعتقال هذه في إطار شبهات أثيرت حول الشخص، بعد تسريب العديد من الوثائق المهمة من المنظمة لإسرائيل، وهو أمر أثار الشكوك الامنية بوجود شخص مطلع على هذه الوثائق قام بتسريبها، وهو ما أدى في نهاية المطاف بعد عملية البحث والتحري للوصول إلى هذا الشخص.
وعقب عملية الإعلان عن الاعتقال، وتسريب أخبار أن الشخص يعمل مدير مكتب عريقات، خرج الأخير بتصريحات صحفية أكد فيها صحة نبأ اعتقال هذا الموظف، لكنه نفى أن يكون مدير مكتبه.
وقال أن ما تم تناقله غير صحيح، وأن مدير مكتبه امرأة وليست رجلا، وان المعتقل لا يعمل بمنصب رفيع، ويخضع للتحقيق في تهمة العمالة مع إسرائيل.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر عليمة أن ملف اعتقال هذا الشخص من المحتمل أن تقود لعدة أشياء أخرى مترابطة، ومن المؤكد أنها ستكشف أشياء جديدة في القريب العاجل.