كتب #باسل_العكور –
في بلادنا المبتلاة لا بارقة امل واحدة في الافق للعاملين في #مهنة_الصحافة ، كلٌ شاهرٌ سيفه ليعمِل بهم اضعافا و تمزيقا وتشويها و شيطنة .. حتى نحن لم نرأف بانفسنا ، وتحالفنا ضدها ،و شارك بعضنا بمنتهى القصدية والخسة في التآمر على صورتها و سطوتها ، و تحالفوا مع خصومها لضربها في مقتل ، حتى تشكل الانطباع السلبي الذي لم تعد اي حقيقة في الدنيا قادرة اليوم على تغييره ..
لا نعرف كيف يقف هؤلاء – ونقصد الذين انقلبوا على المهنة واستخدموها رفاسا لتحقيق اهدافهم الشخصية وطموحهم غير الشرعي – امام المرآة ؟ ، كيف يقيمون ما حققوه من مكاسب في الوقت الذي خسروا فيه انفسهم مهنتهم واحترام الناس لهم ؟ ما فائدة ما حققوه من مكتسبات وامتيازات و معاملة تفضيلية في سيرورة ساهمت بشكل مباشر و فج في اضعاف المهنة و المؤسسات و جميع العاملين فيها، و تحولت #وسائل_الاعلام الى ادوات تستخدم وقت الحاجة ، ويلقى بها على الرف عندما تنعدم الحاجة او ينعدم الاثر و ينكشف الدور و الوظيفة ؟ هل يستطيع هؤلاء ان يجيبوا على سؤال : هل ازددتم – بارتهانكم – قوة وحضورا وتأثيرا ، ام ذهبتم بنوركم و فرطتم بمكانتكم و هيبتكم و منزلتكم و انكشفت عوراتكم و بتم بعد ذلك رهنا لارادة غير ارادتكم ، و رؤية غير تلك التي ترون، و باتت الافكار و الاخبار والتغطيات تفرض عليكم فرضا ؟ من بقي يكيل بصاعكم ؟!!
اليوم ، العاملون في مهنة الصحافة لا حول لهم ولا قوة ، فلقد اطبقت اجهزة الدولة حصارها ، ومارست وصايتها على كل ما ينشر ، و للاسف مر هذا كله دون مقاومة مؤثرة، وبتواطؤ من عدد لا بأس به من العاملين في هذه المهنة ، الى الدرجة ان زملاء (٠٠) اخذوا يؤلبون اجهزة الدولة على وسائل اعلام عددها لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة ، اختارت ان تحافظ على استقلاليتها ، شاركوا في احكام الحصار عليهم ، و قدموا النصائح لتحقيق هذه الغاية الدنيئة ..
في احلك الظروف ، في حقبة الاحكام العرفية مثلا ، كان هناك صحافة تمارس دورها وسلطتها الرقابية ، صحافة تشير الى #الخلل و تنتقد #السلطات ، وهي تعرف جيدا ان هناك كلفة، سجن و توقيف و فصل من العمل ، الصحفيون في تلك المرحلة تشبثوا بالمهنة ، فكان لهم ان استحقوا احترام الناس و اعتراف السلطات و تفهمها و تعاطيها الايجابي مع ما يكتبون و ما ينشرون . كان الاعلام مؤثرا و قادرا على صناعة الرأي العام وتشكيل انطباعات الناس وتوجيه قناعاتهم . فما الذي حدث ، و كيف نجحت السلطات في الاجهاز على هذه الحالة المهنية بهذه الفاعلية و دون مقاومة تذكر ؟!!
كان الرهان على جيل الشباب ، على ايمانهم بالمهنة ، الا ان هذا الرهان كان هو الاخر رهانا خاسرا ، فتيار التكسب على حساب المهنة، كان طاغيا واتى على الاخضر واليابس من الدماء الجديدة التي عبرت الخطوط الخلفية للمهنة يحدوها الامل و يسكنها الشغف ،الا انها اصطدمت بواقع امتص الجذوة و وأد الفرصة.
لا صحافة دون حرية ، و لا حرية دون مجالدة وتضحيات ، مهنة الصحافة ليست وسيلة للاثراء وركوب السيارات الفارهة ومجالسة المسؤولين و تلميعهم و تسويق ما يفعلونه من “قشل” و يقولونه من ترهات وكلام فارغ ..الصحافة سلطة ، هل نسيتم هذا ، الصحافة قوة ، وتعبير عن ارادة الامة ، كيف نتنازلتم عن هذا الدور المقدس ؟!!
دخول الصحافة بيت الطاعة الرسمي ، يعني بالضرورة تراجع مكانة و وزن جميع العاملين فيها ، سواء اولئك الذين يعملون في ظلال السلطة او اولئك الذين يبحثون عن مكان لائق تحت الشمس ..
الحرية هي العمود الفقري للمهنة ، و هي متطلب سابق لا يمكن ان تمارس المهنة دون ادراك قيمتها ، فالصحفي يتنفس حرية وبدونها تختنق الكلمات في جوفه و تموت القيمة و يتلاشى الاثر والمعنى ..
اليوم نقف امام امتحان صعب اخر وربما اخير، مشروع قانون الجرائم الالكترونية الجديد، وهنا ينوي مطبخ القرار السياسي والامني في الاردن ان يدق الاسفين الاخير في نعش الحرية ومهنة الصحافة ، فهل نحن منتفضون ، ام على قلوب اقفالها..
ملاحظتنا: مشكلتنا مع مشروع قانون الجرائم سنعلنها في مقال منفصل..