انها امانة ايها السادة

انها امانة ايها السادة
جروان المعاني

يستبد بدواخلي احساس رهيب بضرورة ان نواجه العالم حفاة عراة ومرد ذلك اننا كلما اردنا ان نستر عورتنا جاء من اعلى المدينة رجل ينادي ايتها العير انفري فقد سُرق اخر ما تبقى لك من غذاء، ثم يزداد الغلاء وتزداد المعاناة والبلاء.
مئات المقالات وعدد لا يُحصى من النداءات التي تنذر ان هناك زلزالاً مدمراً قد يحدث في اي لحظة محمولاً على كف بركان يفور وينتظر لحظة الانطلاق، وكل محاولات تعليم الاجيال عدم الخوف وتجهيزهم للمستقبل ستذهب ادراج الرياح .
منذ امد بعيد تتلاعب ايدي غير خفية بمناهجنا وتدخلنا بفضاءات هجينة غريبة لا ندري الى ماذا أو الى اين ستوصلنا، ولعل اكثر ما يؤذي هو ذاك الخلل الذي احدثته ورش العمل التي اجتاحت المملكة من خلال المساعدات الدولية .
على هامش احد الامسيات الشعرية جلسنا مجموعة نناقش الهم العام، وكم صعقت حين اخبرتنا احدى المعلمات الفاضلات ان منظمة ما قبل فترة من الزمن، دخلت الى غرفة صفية في الطفيلة، وبدأت المُحاضرةُ بسؤال لأحدى الطالبات ( اذا تحرش بك والدك ماذا ستفعلي) ثم تلاه سؤال ابشع (افترضي انك رجعتي للمنزل بعد منتصف الليل وامسك بك ابيك، ماذا ستفعلي) يا للهول، اي شرخ يريدون احداثه بين الاهل والابناء، كم اهتزت قدسية الاب في تلك الغرفة الصفية، اي وقاحة رعناء نريد زراعتها في عقول بناتنا وندفعها للتفكير بأن الأب وحش يريد افتراسها، نعم هناك اباء وامهات لا يستحقون نعمة الامومة والابوة، لكنهم قليلون جداً جداً.
شواهد التدخل بمناهجنا عديدة، وشواهد تشويه صورة الاب والمعلم ايضا كثيرة، وقد يساهم الجهل في استخدام وسائل الاتصال في كل ذلك، لكن اين دور وزاراتنا ومؤسساتنا في التصدي للعبث في عقول اطفالنا، كيف لنا نحميهم، لماذا قزمنا القيم ولمصلحة من، كيف لنا ان عنيد ترتيب بيوتنا بعيدا عن مؤثرات واشتراطات صندوق النقد الدولي ومؤسساته المخترقة للمجتمعات.
إن ضياع الرؤيا عند وزارة التربية والتعليم، وفقدان وزارة الثقافة لرسالتها، وانبطاح الحكومات امام أهداف الصهيونية تدفعنا للخروج حفاة عراة صارخين عن وجع ان الوطن وصل الى الدرك الاسفل يساعد في ذلك السياسات المتخبطة في التعامل مع معطيات الحضارة الامريكية والسيطرة الاستعمارية، وقد كان الرهان دائما على خلق جيل متوازن يحمل راية العلم بيد وحمل الحجر للدفاع عن الاوطان باليد الأخرى .
تعالوا نخبر ابناءنا كذبا
اننا لن نتنازل
لن نتآمر ولن نخون
عسانا نهزم هذا العصر المأفون
نعم تتملكني عاطفة ممتلئة بالحرقة على وطن ملوكه من سلالة النبي عليه الصلاة والسلام، كان نداءهم دائما وسطيا يوازن بين المأمول والمرتجى وبين الواقع، وطن سكانه فيهم (قوة لو فعلت لغيرت مجرى التاريخ) فمن اين جاء كل هذا الخلل، من الذي يعبث بدواخلنا ويوجه تفكيرنا بهذا الشكل السلبي ؟
الامر لا يتعلق بالنظرة السوداوية او بالإحباط، لكنه نداء استغاثة لوزارتي التربية والتعليم ووزارة الثقافة ان تعيدان النظر بمخططاتها المستقبلية كي ننقذ ما يمكن انقاذه من عقول الاجيال الصغيرة كي يصنعوا وطناً سليماً، انها امانة ايها السادة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى