انفلات فيروسي وآخر أمني!

انفلات فيروسي وآخر أمني!

أ.د أمل نصير

يتراجع عدد الأيام التي لا نسمع فيها عن معاناة او وفاة جراء الكورونا، ورغم كل التحذيرات التي باتت تأتي من ناجين من الفيروس او ممن فقدوا عزيزا، إلا أن عددا من المواطنين ما زالوا يعيشون حالة إنكار لخطورة هذا الفيروس، حتى وإن بات الإعلان عن ذلك أقل بكثير من السابق، وغالبا ما يكون لسانيا فقط، أما على مستوى السلوك، فنراهم غير ملتزمين بأبسط قواعد السلامة، وما هذه الاحتفالات الا صورة لحالة اللامبالاة التي يعيشونها، أما قانون الدفاع، فقليل من يلتزم به؛ لأن بعضهم يرى نفسه فوق القانون أو بحماية هذا المتنفذ أو ذاك، أما على مستوى دفع المخالفة، فهي أقل من ثمن صوت بيع من باب العوز او إيمانا بنظرية (كلهم مثل بعض).
اما الانفلات الأمني وما صاحبه من إطلاق النار، فهو مشابه للانفلات الفيروسي، فالفرحون يطلقون النار بكافة الاتجاهات، حتى الأطفال يشاركون في العرس الوطني !
لكن من حقنا أن نسأل كيف وصلت هذه الأسلحة النوعية، ومنها الأتوماتيكية المتطورة ؟! وأين أعين الجهات الأمنية طيلة السنين الماضية؟! ناهيك عن السيارات المموهة تمويها عسكريا، وهي مخالفة لكل القوانين المعنية بالسيارات وترخيص المركبات…. فهذا كله حالات متقدمة من الاستقواء على الدولة وهيبتها.
قد نجمع في الأيام القليلة القادمة حصاد الانفلات الفيروسي مزيدا من حالات الكورونا؛ مرضى وموتى، وقد نصل -لا قدر الله- إلى الحصاد الأكبر ألا وهو انهيار المنظومة الطبية إذا ما خرج الوضع عن السيطرة لاسيما أن الشكوى من اكتظاظه ونواقصه كانت موجودة من قبل الكورونا.
أما الاحتفالات، فأدعو الله أن يحفظنا من رصاصة طائشة من أيد منفلتة أخلاقيا لم تتعظ من الحالات الكثيرة التي خلّفت مآسي لأسر فقدت أعزاء عليها، او ما زالت تعاني بسبب إصابة أحد أبنائها.
لن يفيد المواطن الملتزم اعتذار رئيس حكومة او استقالة وزير؛ لأن هذا السلوك تشكّل نتيجة تراكمات من سنين خلت، لكننا بالتأكيد نحتاج إلى الضرب بيد من حديد لكل مستهتر شريطة أن يطبق هذا على الجميع، فيرتدعون لا محالة.
يضاف هذا الانفلات الأمني إلى السجل التراكمي في العقل الجمعي الأردني مؤكدا أن السماح بامتلاك هذه الأسلحة المتطورة بأيدي المراهقين سواء أكانوا من مراهقي العمر أم مراهقي السياسة؛ سينعكس على مستقبل الوطن والمواطن أمنا وأمانا، وعلى أداء المجلس النيابي القادم، فمن لا يهمه الالتزام بتطبيق القانون لن يكون قادرا على تشريع القوانين ولا المحافظة عليها، وبالتالي لا يعنيه الحفاظ على وطن يئن من كثرة أحماله، ولا مواطن يئن من قسوة معاناته.

ولن يفيد المواطن أيضا تحذير لجنة الأوبئة او وزير الصحة عندما ينتقل الفيروس إلى الملتزمين من مستهتر مدعوم سيسبق حتما إلى سرير في مستشفى، وجهاز تنفس قبل كل الملتزمين بالحجر؛ لوجود من يسرق حقهم لصالح آخر عابث بأمن الوطن والمواطن على السواء.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى