انسحاب منظومة القيم من حياة البشر
أ.د رشيد عبّاس
ثبت للعالم اليوم وبعد أن تخلى ( #البشر ) تماماً عن منهج الكتب السماوية الثلاث, وعن ما جاء به #الأنبياء و #الرسل من الأوامر والنواهي على هذه البسيطة التي نعيش عليها.. ثبت أن هناك انسحاب واضح لمنظومة القيم الإنسانية من حياة البشر, وأن وجود بعض المتصنعين بهذه المنظومة القيمية هي حالة مؤقته لتحقيق بعض المكاسب الدنيوية المتعلقة بالسلطة أولاً, وبالثروة ثانياً, وبالمتعة ثالثاً.
لقد أوغلت #البشرية اليوم في سفك دماء بعضها البعض على هذه البسيطة التي نعيش عليها, حيث أنك تجد أن البشرية اليوم تسعى دون انقطاع لتطوير وتحسين أقوى أنواع الأسلحة والمواد والادوات الفتّاكة, وذلك من اجل قتل وتدمير وأنهاء حياة بشر آخرون بذرائع الدفاع عن النفس ورد العدوان والسيطرة على الموارد الطبيعية.
بذريعة (السلطة) دعس بعض البشر على رؤوس ملايين الآخرين متجاوزين بذلك #منظومة_القيم_الإنسانية التي نادت بها الكتب السماوية الثلاث, وبذريعة (الثروة) قفز بعض البشر عن حقوق ملايين الآخرين متجاوزين بذلك منظومة القيم الإنسانية التي نادت بها الكتب السماوية الثلاث, وبذريعة (المتعة) انتهك بعض البشر حرمات ملايين الآخرين متجاوزين بذلك منظومة القيم الإنسانية التي نادت بها الكتب السماوية الثلاث,.. نعم لقد انسحبت تماماً منظومة القيم الإنسانية العليا من حياة البشر, وأن الاحداث والوقائع اليومية تؤكد هذه الحقيقة يوم بعد يوم.
البشرية اليوم خالفت جميع مخلوقات الله الاخرى سبحانه وتعالى في أكل لحوم بعضهم البعض, فلا يوجد كائن حيّ سويّ على وجّه الأرض يأكل لحم نفس جنسه إلا الإنسان, حيث تأكد أن بعض البشر أكل لحم الآخرين من البشر, وهذا انقلاب صريح على منظومة القيم الإنسانية التي رسّخها جميع الأنبياء والرسل عبر التاريخ, فضلاً عن الإتجار بالبشر, وذلك عن طريق استخدام التجّار أعضاء (الأطفال) كقطع غيار للآخرين.
اعتقد جازماً أن منظومة القيم الإنسانية جاءت لتنظيم حياة البشر الطبيعيين, مع أن هذه المنظومة بالتأكيد تتعارض مع (الشواذ) من البشر والتي ارتفعت نسبتهم في المجتمعات ككل من 3 % إلى 19 % نتيجة لبعض الانفلاتات والتجاوزات القيمية في تناول بعض الأدوية والعقاقير والمخدرات الكيميائية, وتعتبر مثل هذه الزيادة من أخطر التحديات التي قد تواجه البشرية في قادم الأيام.
إن تجريد الاكتشافات والاختراعات العلمية بجميع أشكالها من منظومة القيم الإنسانية ستجعل حياة البشر كافة أمام جملة من الأخطار المُحدقة, والتي لا يمكن تجنبها أو التخلص من تبعاتها, وهنا أتساءل ما هي منظومة القيم الإنسانية المتوخاة من تخصيب اليورانيوم لدى بعض الجهات التي لا تأبه بحياة ملايين البشر؟ وما هي منظومة القيم الإنسانية المتوخاة من وضع مادة مثيرة للجنس للذكور وللإناث في بعض أنواع العلكة؟ وما هي منظومة القيم الإنسانية المتوخاة من نشر حبوب (الشبو), وهي مادة كيميائية الأكثر فتكًا وانتشارًا بين أوساط الشباب، صنعها الإنسان ليدمر أخاه الإنسان صحيًا وجسديًا وإنسانيًا، حيث أن طرق تعاطي هذه المادة مختلفة ونتائجها كارثية, والجهات المعنية تحذر منه باستمرار كمادة قاتلة من أول جرعة؟
ويبقى السؤال الأهم هنا: لماذا مثل هذه الاكتشافات والاختراعات العلمية التي يقوم بها الانسان ما زالت مستمرة؟ هل هي من اجل ترسيخ منظومة القيم الإنسانية؟ أم هي من أجل هدم منظومة القيم الإنسانية؟ بمعنى هل هي من أجل سعادة البشر؟ أم هي من أجل تعاسة البشر؟ إن سؤال من نوع ما الغرض من الاكتشافات والاختراعات العلمية, سوف يعطينا الإجابة الشافية والوافية على جملة التساؤلات السابقة, حيث أن الاكتشافات والاختراعات العلمية, أما أن تكون خادمة للبشرية, أو أن تكون غير خادمة للبشرية.
الكتب السماوية الثلاث التي انزلها الله سبحانه وتعالى على البشر ونؤمن بها, والأنبياء والرسل الذين اصطفاهم الله سبحانه وتعالى لكافة البشر ونؤمن بهم.. جاءت وجاءوا بمنظومة قيم إنسانية شاملة ومتكاملة ومتسلسلة لتستقيم بها حياة البشر كافة, إلا أن الكثير من البشر اليوم ومن خلال الاكتشافات والاختراعات والبدع الدينية بدأ يهدم ويكسر ويشوّه هذه المنظومة إلى أن وصلنا إلى نقطة تسمى (صفرية القيم الإنسانية), بمعنى انسحاب منظومة القيم الإنسانية من حياة البشر.
عندما تنجلي القيم الإنسانية عن حياة البشر يصبح كل شيء مباااااااح, وليسمح لي هنا شاعرنا الكبير (احمد شوقي) إعادة صياغة احد أبياته الشعرية الجميلة: إنما الأمم القيم ما بقيت.. فإن هم ذهبت قيمهم ذهبوا.
اعتقد جازماً أن تخصيب القيم الإنسانية أفضل لحياة البشر بكثير من تخصيب اليورانيوم, وأن تبييض القيم الإنسانية أفضل لحياة البشر بكثير من تبييض الفسفور, وأن نشر القيم الإنسانية أفضل لحياة البشر بكثير من نشر الصواريخ.