انتهاكات بالجملة تطال أساتذة الجامعات الخاصة

#سواليف

يتعرض بعض #المدرسين في #الجامعات_الخاصة إلى العديد من #الانتهاكات العمّالية، إذ يحصلون على أجر لا يجاوز الحد الأدنى المقرر في الأردن، فالأجر المحصّل يعتمد على عدد #المحاضرات التي يعطونها خلال الشهر، أجر المحاضرة الذي يُراوح بين ثمانية إلى تسعة دنانير.

ولا يحصل بعض هؤلاء المدرسين على الحمايات الاجتماعية مثل #الضمان_الاجتماعي و #التأمين_الصحي من عملهم، ويدفعون كُلف العلاج على حسابهم الخاص. أما #الإجازات فعند الحاجة لأخذها تُقتطع من #الأجر الذي هو في الأصل قليل، ما يضطرهم إلى العمل في أعمال أخرى كي يستطيعوا تغطية مصاريفهم الشهرية.

ويبقى بعض المدرسين قيد الانتظار لتجديد عقودهم بشكل سنوي، وتأخير البتّ في تجديدها حتى بدء الفصل الدراسي، يغلق عليهم باب التوجه إلى #جامعات أخرى، ليصبحوا في صفوف #المتعطلين عن العمل إذا ما أقرت الجامعة عدم تجديد العقود. ولا توجد أسس واضحة للتعيين. كما يجري تفضيل حملة #الشهادات_الجامعية من #الدول_الأجنبية على من يحملون شهادات #الجامعات_الأردنية.

ويؤكد مدرسون في جامعات خاصة، في أحاديثهم إلى “المرصد العمّالي الأردني”، أنهم لا يحصلون على حقوقهم العمّالية والوظيفية كاملة، ولا يوجد أي جهة أو تنظيم نقابي للدفاع عن حقوقهم. وأن هناك حاجة ماسّة للرقابة على الجامعات الخاصة، وتقدير أصحاب العلم والخبرات من خلال تحسين ظروف عملهم وإعطائهم الحقوق العمّالية والوظيفية كاملة.

عمّال مياومة بثوب أكاديمي 

تعمل (ع. ا) التي تحمل شهادة الماجستير، منذ أكثر من عام محاضِرة في إحدى الجامعات الخاصة، ولا تحصل على راتب شهري ثابت، ويعتمد الأجر الذي تحصّله على عدد المحاضرات التي تعطيها خلال الشهر.

وتضيف إنها تعطي في الشهر 24 محاضرة، موزعة على يومين في الأسبوع، وأجر المحاضرة الواحدة ثمانية دنانير، ولا يجاوز الأجر الذي تحصّله 150 ديناراً شهرياً، ولكي تستطيع تغطية مصاريفها الشهرية تعمل عملاً آخر.

وتوضح أن الأجر الذي يحصل عليه الأساتذة في الجامعة يختلف من شخص إلى آخر، “يتراوح أجر المحاضرة بين سبعة إلى تسعة دنانير، وهذا يعتمد على طبيعة العمل؛ فبعض أساتذة التخصصات العلمية والفنية يتطلب منهم جهودا إضافية وفق طبيعة عملهم”.

وتلفت إلى أنها لا تحصل على أي نوع من الحمايات الاجتماعية، وتنتفع من التأمين الصحي الخاص بوالدها،  “في حال مرضت أو تعرضت إلى ظرف يستدعي أخذ إجازة، تُقتطع الإجازة من الراتب الذي لا يكفي حتى لتغطية أبسط المصاريف الشهرية”.

وتبيّن أن الهدف من عملها في الجامعة فقط لكسب خبرة أكثر منها للتحصيل المالي، “في ظل غياب فرص العمل وارتفاع البطالة، أسعى إلى أن يؤهلني عملي في الجامعة لتحصيل خبرة للحصول على وظيفة ثابتة براتب جيّد وحمايات اجتماعية ومسمى وظيفي واضح”. 

ورغم ما تواجهه (ه. ح) التي تحمل شهادة الماجستير، خلال عملها محاضرة في إحدى الجامعات الخاصة، فهي تحب عملها “لما له من أثر على الأجيال والمجتمع”. وهي تعمل منذ خمسة أعوام، “حتى وإن لم أحصل على حقوقي كاملة أضع بالاعتبار أن المدرسين يؤدون رسالة عظيمة لإنشاء أجيال متعلمة ومثقفة”.

وهي تحصل على أجر مقداره 420 دينارا شهرياً، بعقد مبرم بشكل سنوي مع الجامعة، وهو لا يكفي لتغطية المتطلبات المعيشية لها وأسرتها، “الأمر الذي دفعني إلى التوجه لعملي الخاص”.

وفي حال طلبت عدم التدريس خلال الفصل الصيفي، الذي يعتبر العمل فيه إختياريا، لا تحصل على راتبها، وتحسب لها إجازة بدون راتب، “المفترض أن يستمر الراتب حتى وإن لم أدرّس خلال الفصل الصيفي”.

وتبين أنها “في الفصل الصيفي الماضي، اضطررت إلى أخذ إجازة للزواج، وجعلتني الجامعة أوقع على أوراق إجازة بدون راتب، في تلك الفترة لم أحصل على راتب ما بين حزيران وآب وبقيت أربعة أشهر بلا راتب”.

تحصل (ه. ح) على ضمان اجتماعي من عملها في الجامعة، إلا أنها لا تحصل على تأمين صحي، وتغطي كُلف العلاج على حسابها الخاص، “هناك عيادة داخل الجامعة، إلا أنها لا تحتوي على أبسط الخدمات الصحية والعلاجية، ولا تخدم الموظفين بأي طريقة”.

وتذهب إلى أنها تواجه تحديا في عدم وجود الأدوات اللازمة لاستكمال العملية التعليمية، “أعطِ الطلاب المزيد ليحصلوا على حقهم في التعليم على أكمل وجه، إلا أن البنية التحتية والأدوات اللازمة لاستكمال العملية التعليمية شحيحة، وأعوضهم عن هذا الشُح من خلال الفيديوهات التوضيحية”.

في حين يقول الأستاذ المشارك في إحدى الجامعات الخاصة الدكتور يوسف ربابعة لـ”المرصد العمّالي الأردني”، إن الجامعات الخاصة من ناحية الأمور الحقوقية والمالية والتفرغ العلمي هي “عبارة عن شركات”، وفي التدريس تتبع للتعليم العالي وهيئة الاعتماد وتطبق المعايير والجودة، “مرة نسمى أعضاء هيئة تدريس، ومرة أخرى نسمى عمّال مياومة”.

عقود إذعان

تفيد (ع. ا) أن عقد العمل المبرم يجدد سنوياً ولا يعتبر عقداً رسمياً من قبل الجامعة، بل يتم من خلال أكاديمية وسيطة بينها وبين الجامعة، وتحصل من خلال تلك الأكاديمية على راتبها أيضاً. ويبلغونها بتجديد العقد أو عدمه في نهاية الفصل الدراسي الثاني. وهي لا تعرف شيئاً عن أسس التعيين في الجامعة إلا أنه من شروط العمل أن يحمل المدرس شهادة الماجستير على الأقل ولديه خبرة عملية فقط.

أما (ه. ح) فتشير إلى أن عقد العمل يجدد كل عام بداية شهر أيلول، وبعض زملائها الأساتذة يتأخر توقيع عقودهم حتى شهر تشرين الثاني، ويجري التوقيع من خلال سكرتيرة المدير العام، ولا يستطيعون مناقشة أي بند من بنود العقد معها، ولا يؤخذ برأيهم بما يصب بمصلحة المدرسين أو حتى الطلاب. وتستدرك بأنها قبل أن تحصل على شهادة الماجستير كانت تُجبر على أخذ نصاب 21 ساعة أسبوعياً إلى جانب المواد المكتبية.

ويلاحظ الربابعة أنه “مهما كانت عدد سنوات العمل أو الرتبة الأكاديمية، تستغني الجامعات عن خدمات الأساتذة، ما يعني أنه لا يوجد أمان وظيفي، وفي نهاية العام عندما تقرر الجامعة أن تستغني عن خدمات بعض الأستاذة فإنها تستغني عنهم لأسباب بسيطة، وأسس التعيين ذاتية وليست موضوعية، وبما يتوافق مع آراء أصحاب رأس المال أو مجالس الإدارات”.

ويلفت إلى أن الجامعات الخاصة لا تمنح الإجازات العلمية والتفرغ العلمي، رغم أن قانون هيئة التدريس، في البند الثالث الفقرة ب من المادة 16، ينص على إعطائها وأن يتولى مهام ذلك مجلس العمداء في الجامعة.

ويؤكد كل من (ع.أ) و(ه.ح) والربابعة أنه لا يوجد أي جهة تطالب بحقوقهم ولا حتى تنظيم نقابي يدافع عن حقوقهم والانتهاكات الوظيفية والعمّالية التي يتعرضون لها.

قانون غير عادل

من جهته، يقول الخبير في قضايا العمل والعمّال حمادة أبو نجمة لـ”المرصد العمّالي الأردني”، إن ما يتعرض له الأساتذة “قد يكون قانونيا ولكن غير عادل”، والمفترض بوزارة العمل، من خلال مفتشي العمل، إجراء زيارات تفتيشية للتأكد من العقود واستحقاق الحقوق والكشوفات، ليس فقط لأعضاء هيئة التدريس وإنما للموظفين الآخرين.

ويؤكد أن على مؤسسة الضمان الاجتماعي شمولهم في الضمان الاجتماعي، “قانون الضمان الاجتماعي لا يشملهم باعتبار أنهم عمّال غير ثابتين، لذلك يجب إيجاد حلول مناسبة لشمولهم في الضمان وتحسين ظروف عملهم”.

في حين، يوضح الناطق الإعلامي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مهند الخطيب في حديثه إلى “المرصد العمّالي الأردني”، أن عمل أعضاء هيئة التدريس والتعيينات ليست من مهام الوزارة، إنما من المهام الموكلة لهيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي.

بينما يبيّن زيد عنبر نائب رئيس مجلس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي أن مهمة الهيئة فيما يخص الأساتذة هو التأكد من كفاية عدد الأساتذة بالنسبة لعدد الطلاب في الجامعات الخاصة، إلى جانب التأكد من أن أعضاء هيئة التدريس مناسبون لتخصصاتهم.

ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن بيئة العمل في الجامعات الخاصة تختلف من جامعة إلى أخرى، لكنها تتشابه في النتيجة النهائية المتعلقة بسعي أصحاب الجامعات إلى الحصول على ربح إضافي ومستمر من إنشاء الجامعات.

ويوضح أن الجامعات الخاصة، من منظورها، هي مؤسسات وشركات تجارية هدفها تحقيق الربح، “ينعكس الربح على بيئة العمل، وهذا ما يفسر تقليص المخصصات المالية لكل ما يجعل العملية التعليمية متطورة وقادرة على استخدام الوسائل التقنية والمعرفية بشكل أفضل، وربما واحدة من الأدوات المستخدمة في تقليص المخصصات هي تقليل رواتب وأجور المدرسين”.

ويلفت إلى أن تقليل الإنفاق يكون أيضاً على حساب البحث العلمي والبنى التحتية والمنظومة المتسقة مع  تعليم أفضل والإبقاء على التخصصات دون تحديث وتطوير، “بهذا تبقى الجامعات مجرد مدخلات ومخرجات أولية ومرور الطلبة بتخصصاتها يكون بلا أثر إيجابي”.

وينبه إلى أن مخرجات التعليم تتأثر بشكل مباشر بمدخلاته؛ “فكلما كانت المدخلات فقيرة أو سيئة كانت النتيجة النهائية انحدار مستوى الخريجين، وانخفاض تنافسية الجامعة مع الجامعات الأخرى وبخاصة خارج المملكة، وانخفاض مخرجات الأساتذة على مستوى البحوث والدراسات، وبالتالي النتيجة تكون شبحاً للجامعة وليست جامعة”.

ويرى عايش أن الحل يكمن في تطوير وتحسين بيئة العمل بشكل مستمر، وأن تقدم كل جامعة إضافة تتميز بها عن غيرها من الجامعات، وإلزامها بتطوير الهيكل التنظيمي والبنية التحتية واستحداث تخصصات تتواءم واحتياجات سوق العمل، ومواكبة المتغيرات العلمية والإدارية، بما ينعكس إيجاباً على العاملين والأساتذة، والأهم على مخرجاتها من الطلبة.

وتطالب (ع. ا) بإيجاد رقابة وجِهات تُعنى بالنظر إلى الأجور التي يحصل عليها أساتذة الجامعات الخاصة، وتقدير أصحاب العلم والخبرات، من خلال تحسين ظروف العمل والحصول على الحقوق الوظيفية والعمّالية كاملة.

وترى (ه. ح) أن على الجهات المعنية الاهتمام بأساتذة الجامعات وأهمية الدور الذي يقومون به، وضمان حقوقهم بما فيها التأمين الصحي، وعقد دورات تدريبية لتطوير المحتوى الذي يقدمونه للطلاب، والانتباه إلى المشكلات التي قد تواجه الطلاب والمساعدة على حلها.

ووفق أرقام الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي للعام الجامعي 2021 – 2022، فإن عدد الجامعات الخاصة في الأردن 16 جامعة خاصة، ويبلغ عدد المدرسين فيها 3356 مدرسا، وعدد الطلبة في تلك الجامعات يُقارب 95 ألف طالب وطالبة.

المصدر
المرصد العمالي الاردني
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى