مقال الأحد 22-1-2017
انتصار مخجل..
صوّت النواب على الموازنة كما كانت تحب وتشتهي الحكومة ، فعاد الطاقم الحكومي فرحاً بملفّاته إلى الدوار الرابع بُعيد التصويت..بينما هجم النوّاب على الغداء الذي كان ينتظرهم في الغرف المغلقة كمكافأة مجزية على “ما قدّموه”..
..يا له من انتصار مخجل ،عندما تظفر الحكومة بلقمة الشعب ليعربد الفاسدون..عندما تزيد من فقره وجوعه وضرائبه وعوزه وحقده وغلّه وكفره فيما يدّعون، كي لا تقضّ مضاجع السُرّاق ، يا له من انتصار مخجل ..عندما لا يجرؤ رئيس الحكومة على ذكر الفاسدين في خطابه أو يقطع وعداً واحداً بإعادة المسروق أو ملاحقتهم ، ويصرّ أن يحلب دماً من ضرع المواطن المعدم ..يا له من انتصار مخجل عندما تجوّع أولادك،وتضيّق عليهم لتعظّم ملذّاتك…يا له من انتصار مخجل أن تبقى على كرسيّك وفي وطنك ألف ألف جائع سرقهم ألف فاسد ولا تستطيع أن تقترب من حماهم المحرّمة لأنك أضعف من أن تقترب..
**
لو كانت الضرائب التي ستفرضها تحل المعضلة لحلّتها الحكومة السابقة ، لكننا غرقنا في رمل الدَّين أكثر ،وغرقنا في وحل الفساد أكثر وأكثر ..وها هي الحكومة تمضي على نفس خطوات الشيطان ؛ تطمئننا بالقلم والورقة..وبخطط الاقتصاديين..وجداول المصاريف المصرّح عنها في الموازنة … أن ما فرضناه يحقق الاكتفاء!!…لكن في نهاية العام – كما في كل عام – نكتشف أن الدين زاد 2.5 مليار .. أين تذهب كل هذه الضرائب وهذه الرسوم وهذه المصائب التي جنيتها من جيوب الشعب المطحون؟؟ …احد لا يعرف..أو في الأصح أحد غير مسموح له ان يعرف …فالقوة المجهولة ، الجن الأزرق، مثلث برمودا الوطن ..دائماً تقول هل من مزيد ؟ لا ندري كم يصل هذه “القوة المجهولة” و أين تذهب الأموال؟ ..فهذا الجن الخفي الذي يزيد مديونيتنا ،ينشر أتباعه بيننا، يعيد توزيعهم على المكاسب والمناصب، لا نستطيع أن نراه حتى بحضرة شيخ مغربي؟؟؟؟؟..
**
كلما تجاهل رئيس الحكومة “صاحب الولاية المفترض” الحديث عن الفساد وعن أموال الدولة المهدورة في خطاب الموازنة أو حديثه العام ، وكلما تجاهل الكلام عن فتح الملفات وقطع العهد باسترداد الأموال ووضع اليد على أموال المسؤولين الذي سرقوا خير هذا البلد وغيرهم من نفر الجنّ القابعين في المساحة الوهمية والمحرّمة …أيقنّا أن الفاسدين محميّون ومرضيّون و مطمّنون ومنزّهون عن السؤال…طيب إذا كان كل هؤلاء معهم فمن معنا إذاً؟؟.
**
صوّت النواب على الموازنة كما كانت تحب وتشتهي الحكومة..وعاد الرئيس منتصراً..وهو لا يدرك أن الانتصار على بطون الأبناء وجوعهم وكرامتهم ذلّ للدولة…الهروب من مواجهة الفاسدين واسترداد أموال البلد التي أنت مؤتمن عليها..ذلّ يا دولة الرئيس…عجزك باللجوء لعيش المواطن قبل أن تستردّ وليد الكردي وأشباهه الذين بيننا ذل يا دولة الرئيس..
ظفرت بالتصويت على الموازنة؟؟ أمّنت الــ450 مليون دينار؟؟..مبروك. .أبشر إذا بالرشوة، أبشر بالسرقة، ابشر بالجوكر، ابشر بتجارة الحشيش، ابشر ببيع أسرار المؤسسات، ابشر بالتواطؤ مع الغريب، أبشر بالجرائم الأكثر بشاعة، أبشر بالدعارة ، ابشر بالتطرّف، أبشر بالكفر بالوطن، أبشر بالحقد الذي لن يشفى ، أبشر بنخر القيم ، بردة فعل تأتي في وقت لا تتوقعها ولن تستطيع أنت ولا غيرك أن “ترقعها”..
عندما تجوع الناس يا دولة الرئيس، لن يبقى شيء يستحق أن يهتف باسمه غير الرغيف..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com