اميتوا الباطل بهجره / نايف المصاروه

اميتوا الباطل بهجره .
ولا تشهروا السفيه بكثرة ذكر سفهه.

الباطل هو الذي لا يكون صحيحا بأصله، ولا يعتد به،وهو عكس الحق.
وهناك قول حق يراد به باطل احيانا ويتردد كثيرا على السنة الناس وفي مقالاتهم ،وهو قولهم’اميتوا الباطل بعدم ذكره’، هذه العبارة فيها نسبة من الصحة ولكنها لا تصح على إطلاقها، والصواب فيها ان الباطل اذ كان مغمورًا غير مشتهر ولم يسمع به إلا القليل فالأولى السكوت عنه وتركه ،والعمل على طمس معالمه حتى لا يشتهر.
أما إذا ظهر واشتهر وكثر ذكره ، واغتر به الكثيرون، فالواجب عدم السكوت عنه بل ويجب بيانه وتعريته وفضحه حتى يحذره الناس ويجتنبوه.
وللتوضيح أيضا فإن مقولة ” اميتو الباطل بهجره ،ليس بحديث نبوي صحيح ولا بقول لصحابي ولا لفقيه،ونسبتها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه غير صحيحة،وفي ذلك أقوال وقفت عليها.
وأما السفه في السلوك فهو الخفة والطيش.
وأما السفيه من البشر ،فهو رديء القول والمضطرب في السلوك ،او من يهذي بما لا يعرف عاقبته،ولا يعرف حدوده،او من يبدد ويبذر ماله فيما لا فائدة فيه.
والعاقل الحكيم هو الذي يضادد السفيه قليل العقل فاقد الحكمة،في كل أقواله وتصرفاته، والرصين المتزن هو الذي يضادد السخيف التافه الفارغ من المعنى والمظمون.
مع تتابع النكبات التي تتعرض لها أمتنا في شأنها كله ،يتتابع مسلسل السقوط ،ويكثر المارقون والساقطون ،منذ ايام خلت أطل علينا بعضهم، أقول بعضهم،لانني اترفع عن ذكر اسم أي منهم ،حتى لا ينتفشون،وتتحقق غاياتهم وما يريدون ،يدعون أنهم عرب ومن أهلةاﻹسلام بكل أسف وأسى،والعروبة واﻹسلام منهم براء .
بعضهم صويحفي،وآخر إعلامي ،أقلامهم تنقط شرا،وويل لهم مما كتبت ايديهم،ونطقت به السنتهم ،أحدهم أنكر الحق الذي ثبت فيه من الله نص وبرهان،فانتقص قدسية الأقصى،وحق الأمة كل الأمة فيه،وواجبها في الدفاع عنه،وتجرأ على حقوق أهل فلسطين فانتقصها،وهرف بما لا يعرف،وحسبه من الله أنه أنكر الاقصى،القبلة الأولى وثالث الحرمين.
ثم بعد ذلك، أغار ذلك السفيه على أهل الاردن،وهمزهم ولمزهم وقال عنهم ما ليس فيهم ،وما لا يقوله عامتهم،فالاردنيون جلهم عرب أقحاح، في اصولهم،مسلمون ومتمسكون في إسلامهم، لا تغير مبادئهم زخارف الدنيا وإن كثرت،ولا تخدعهم المظاهر ولو أبرقت، لأنهم يعرفون أنها إلى زوال ،ومن علامات زوالها ”أن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان” كما صح الخبر بذلك عن الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم.
وآخر منهم تلبس بلبوس العرب،وذهب زائرا إلى فلسطين،ولكنه قصد أهل الإحتلال والإجرام،مؤيدا ومحبا،ويحشر المرء مع من احب ،ثم ذهب يتمطى قاصدا الصلاة في المسجد الأقصى ،فكان له أحرار القدس بالمرصاد،فأهانوه وأذلوه ،وراى منهم ما لم يكن يحسب له حساب.
بمثل هولاء السفهاء تؤتى الأمة ،في دينها ووحدتها،ومن نفض الغبار عن صفحات التاريخ، يعي ويعلم ما فعله كثيرون ممن هم على شاكلة هذه القلة الساقطة ،كإبن سبأ وإبن سلول،وابوطاهر الجنابي وأبو رغال وغيرهم .
وأنا أستمع إلى هولاء المازومين،تأكد لدي بما لا يدع مجالا للشك،أنهم مرضى النفوس،مدفوع بهم ولهم،ليقولوا ما قالوه ،أو يفعلوا ما فعلوه،لأنهم فارغوا المحتوى،قليلي التبصر في كتاب الله،باحثين عن الشهرة الجوفاء،وطالبين للتقرب والقرب من بعض الولاه،شأنه كشأن غيره من بعض المأزومين المارقين،الذين جعلوا بضاعتهم الهمز واللمز،وانتقاص الحقوق وموالاة الاعداء،وانهم بما قالوا وأقدموا عليه،يعمقون الخلاف ،ويوسعون الخرق على الراقع،وهذا ديدن بني صهيون في الوقيعة بين الأشقاء.
وإن افضل الطرق للتعامل مع كل السفهاء ،وأفضل الردود عليهم،هو زجرهم بتركهم،وعدم ملاحقتهم.
فالعاقل يترفع عن مجاراة كل سفيه، خشية أن يجره معه في سفاهته ، يقول الشاعر: “سكتُّ عن السفيه فَظَنَّ أنِّي ..عييتُ عن الجواب وما عييتُ ..فإنْ كلَّمتُهُ فرَّجتُ عنهُ ..وإن خليتُه كمداً يموتُ”.
ونعم دواء الترك لسفاهة كل سفيه، فإن السفيه كالنار كلما القيت بها حطبا ازدادت اشتعالا ،وإن السفيه وقوده الرد عليه فيزداد سفاهة واندفاعا وسعارا ً، أما الصمت عنه ترفعاً فيقتله ويخرسه وكأنك تلقمه حجراً ،يقول أبو الأسود الدؤلي: “وإذا جريتَ مع السفيه كما جرى ..فكلاكما في جريه مذمومُ ..وإذا عتبتَ على السفيه ولُمْتَهُ ..في مثل ما يأتي فأنتَ ظلومُ .
يقول احدهم” لن تصل إلى وجهتك ابدا..إذا وقفت لتلقي بحجر على كل كلب ينبح.
أمتنا تغتصب ثرواتها وخيراتها في كل يوم،وينتهك عرضها صباح مساء في أقدس مقدساتها ،وبالامس القريب، كان للصهاينة واعوانهم، ضربة أخرى في خاصرة الامة،من خلال حفريات نفق طريق الحج اليهودي ،تحت المسجد الأقصى،ثم تلى ذلك وتبعه ،ما جرى ويجري في وادي الحمص في القدس منذ أيام ،من هدم وتدمير للمنازل،وتشريد أهلها ،في ظل صمت دولي رهيب ،وخنوع عربي وإسلامي لا مثيل له.
فهل قدم السفهاء ومن جندهم او يجندهم للأمة إلا مزيدا من الإنحطاط والسقوط.
واجبنا جميعا اولا أن نحذر من فتن بني صهيون ،وأساليبهم وفنونهم في الخداع والوقيعة بين افراد الامة وجماعاتها،فهم من أسس منهج ”فرق تسد”.
كما إن من واجبنا أن نوجه كل قلم حر لمن يمتلك الخبرة بفنونه،وحاجتنا الى كل ذي عقل متزن، وكل لسان صادق وشريف يمتلك المعرفة،وعبر كل الوسائل والقنوات،ليذكر كل فضائح بني صهيون وإجرامهم وإرهابهم،وأنهم غزاة محتلون،ليس لهم في فلسطين ومقدساتنا أي حق .
واجبنا جميعا بأن نغير قواعد اللعب ،وأن نوجه الحراب والسنان،لمن يستطيع ذلك،وبكل ما أوتينا، نحو اليهود اعداءنا الحقيقيون،فإن كرامة الأمة ..كل الأمة على المحك،وقد خبر اعداءنا اماكن ضعفها ومقتلها ،والتي منها الإحتراب والإقتتال وكثرة الإختلاف فيما بيننا،فسلطوا سهامهم علينا،وجندوا لذلك أجنادهم وأذنابهم منهم وما أكثرهم منا.
اتركو كل السفهاء لسفاهتهم ،فيكفيهم السفه،ويكفيكم العقل والحكمة والإتزان.
اتركوا كل أهل العمالة والخيانة ،ويكفيكم شرف الجهاد والاستشهاد وشرف الرباط في سبيل الله.
إلى الأهل في فلسطين،احذروا من دسائس بني صهيون،توحدوا لمواجهتم،قدموا ما تستطيعون ،ولا يلتفت منكم إلى اﻵخر،وليكن في قريرة نفوسكم أن الله تعالى معكم وناصركم،وجابر خواطركم،وسيعوضكم خيرا،فخير الآخرة أعظم وابقى من خير اﻷولى.
وإلى كل عربي ومسلم غيور،ها هي اﻻيام تعود،وهي عليكم شهود ،فقدموا لانفسكم،نصرة لدينكم ،ونصرة ﻷشقاءكم،من يستطع بالمال ،او بالدعاء ،او بالقلم واللسان،المهم احذروا من الجزع وتسويف النفس وإبليس،احذروا من الرضى بالذل ﻹخوانكم ،فمن أذل عنده مسلم ،ولم ينصره ،وهو قادر على نصرته،أذله الله في يوم يحب فيه نصرته”.
قدموا ما ترضون عنه ليكون في صحائف أعمالكم،ليرضى عنكم ربكم،ولترضى عنكم اﻷجيال التي ستأتي من بعدكم،فماذا ستتركون لهم لتذكرون به،وماذا ستتركون لكم من الميراث؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى