اليسار وسراب الانتخابات

اليسار و #سراب_الانتخابات

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية القادمة تتأهب جميع الاحزاب بألوانها واشكالها ومرجعياتها المختلفة للانخراط في هذه العملية التي تأتي في وسط بيئة سياسية ملتهبة والاعيب سياسية لن تفضي الا لمزيد من تسارع الانهيار في كافة المجالات في ظل معالجات عبثية وعقيمة وهدر للمال العام تحت عناوين براقة ومزيفة عناوينها الغد المشرق لن يكون ضحيتها إلا الوطن والمواطن ، فهذه الدورة هي امتداد لما سبقها من دورات التي لم يلمس المواطن من ثمارها الا المزيد من العناء وضنك العيش ، في الوقت الذي تضخمت فيه ثروات وأرصدة وكروش ابطالها .
من الطبيعي أن تشارك الأحزاب الجديدة المهندسة أمنيًا وتتبع لنفس المرجعية الواحدة والتي أُسست أصلاً لهذا الهدف المتمثل بإيصال أسماء بعينها من رحم السلطة الحاكمة لقبة البرلمان ، لكن المُستغرب وغير المقبول هو مشاركة الاحزاب الأيدولوجية التاريخية وخاصةً اليسارية منها ، هذه الأحزاب التي تدرك حقيقة ديمقراطية دولتنا ! فلا بيئتنا السياسية ديمقراطية ولا إجراءاتها التنفيذية سليمة ، وهي تعرف كذلك ان كل هذا الضجيج والتبجح والتغني بهذه الديمقراطية هو محض هراء وخداع لتمرير مشاريع لا وطنية بإمضاءٍ شعبي اردني ممثلاً بمجلس النواب ، وهو ما سيجعل من الاردن دولة مُستعمرة بلا سيادة ، وما أكثر الشواهد على ذلك: انهيار اقتصادي ، انهيار منظومة التعليم ، بطالة ، هروب رؤوس الاموال للخارج ، تحكم الكيان الصهيوني على موارد الطاقة والمياه .. الخ” ، هذه الاحزاب تدرك جيداً انه لن يكون هناك اي اصلاح داخلي ما لم نتحرر سياسيًا من القوى الصهيو- امبريالية وفي مقدمتها امريكا التي تريد وتعمل على ان يكون الاردن دولة هلامية فاشلة ومفككة اجتماعيًا لتكون لقمة سائغة للتوسع الصهيوني ، إذ لا فائدة من المشاركة ما دام هناك في الخفاء من يقرر ويحسم نتائجها ويوظفها لخدمة اهدافه ، فالمشاركة الحزبية “الاحزاب القومية واليسارية ” بالعملية الانتخابية هي امضاء بالموافقة وشهادة على صحتها ونزاهتها وشفافيتها ! أي اننا دولة ديمقراطية ودولة قانون تلتزم وتحترم وتطبق الدستور الذي نص في مادته الاولى بأن نظام الحكم هو نيابي ملكي وراثي ! وأن الأمة هي مصدر السلطات ! وعليه فإنه لا صحة لمن يقول ان هناك قرارات برلمانية صُوت عليها بالاجماع وطويت في ملفات الاهمال !
توقفوا عن لهاثكم وراء سراب لن تجدوا فيه ماء ، فالنخب الحاكمة التي اوصلت الوطن للدرك الأسفل من التهميش والفشل والارتهان المنحازة والمستثمرة بمصالحها على حساب كل ما هو وطني منذ تأسيس الاردن لن تتنازل لكم قيد أنملة عن امتيازاتها بمحض ارادتها ، ولن تسمح بتشكيل قوى معارضة شعبية مؤثرة أو وصولها لقبة البرلمان ، علاوة على ذلك فأنتم خير من يحاضر سياسيًا بأن لا ديمقراطية مع الجوع ولا سيادة مع التبعية والارتهان ، عليكم استغلال اجتماعاتكم ولقاءاتكم وتواصلكم فيما بينكم لا لتشكيل قوائم انتخابية لن تحصد الا الفشل – بل لتشكيل جبهة وطنية تنقذ الوطن مما ينتظره من مخاطر ومؤامرات ، تخلوا عن كل الايدلوجيات والتناحرات الداخلية وتواصلوا مع الشخصيات والقامات وكل المكونات الوطنية التي تحظى بثقة الشعب الاردني بعيدًا عن الانانية والانتهازية والشرذمة السياسية والمصالح الدنيوية لبلورة مشروع إصلاح سياسي وطني على قاعدة الملكية الدستورية ينقذ البلاد من هذا الانحدار ويخلصنا من كل هذا التضليل والخداع الذي أعاد واجهات كثيرة من الاردنيين الى العصبية القبلية والجهوية وبحثهم عن منافعهم ومصالحهم الشخصية بالمشاركة والتشارك بالفساد بأشكاله المختلفة وانصرافهم عن انتزاع حقوقهم الدستورية للدفاع عن وطنهم وهويتهم ومستقبلهم ومواجهة المشاريع والمخاطر الخارجية التي تحاك ضده .
مشاركتكم بهذه الانتخابات هي موافقة ضمنية على نهج الفساد القائم وإضفاء للشرعية عليه ، وأولاً وآخراً ليس لكم امتدادات وقواعد شعبية تحقق لكم الفوز في لعبة يشارككم بها أصحاب النفوذ والمال الأسود ورواد السفارات الغربية المدعومين داخليا وخارجيا وهيأت لهم قواعد ومنابر شعبية في طول البلاد وعرضها ، والأهم من كل ذلك هو ذاك الجالس في الخفاء ويتحكم بكل مفاتيحها وقوائمها، مع الاشارة بأن البعض من اصحاب الحناجر العالية من المعارضة سيتم تنجيحهم لغايات التسويق الاعلامي للديمقراطية الاردنية والتغني بها داخليًا وخارجيًا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى