
الحلّاق .. و الحِلاقة أيام زمان
كان يا مكان ، في قديم الزمان مهنة الحِلاقة ، و هي قصّ الشعر ، يقوم بهذه المهنة شخص كان يُدعى ” المُزيّن ” و ذلك
أنّه يقوم بتزيين الشخص و تجميله !!
كان المزيّن ، قديماً ، يحمل حقيبة جلدية أو بشكل صندوق ، يتضمن “عِدّة ” الشّغل
من مقص و أمشاط و قطن .. و سكين
و حجر من ” الشبّة ” و لفائف من الشاش
كل هذا ، لأن المزيّن في تلك الأيام الخوالي كان يزاحم الأطباء .. و يتعاطى .. بعض مهامهم .. فهو يجري عمليات الفصد و
الحجامة و أحياناً عمليات ” طهور ” الصبيان
هذا إضافة لعمله الرئيسي بقص و جز شعر الرؤوس .. بمقص أو ماكينة يدوية ..
و كان شائعاً تسريحة تسمّى حلاقة الصحن
و هي تقوم على وضع صحن على الرأس و حلاقة ما يظهر من جوانبه .. وهي أشبه بلغة اليوم بحلاقة المارينز .. !!!
و بالطبع اتخذ الحلّاق مقرّاً و هو الصالون و كان يسمّى بأجمل الأسماء و يختال على بقيّة الدكاكين ببعض الديكورات و الزجاج و المرآة التي تقابل ” الكرسيّ ” الذي يجلس عليه الزبون .. و كذلك المرآة الخلفية ..
كان الحلّاق و الذي أصبح بمسمّى الكوافير
يعرف زبائنه و كل ساكني الحارة .. و ما أن
يأتيك الدّور ، لتسلمه رأسك .. مطمئناً لسلاحه الأبيض .. حتى يضع عليك ملاية من القماش تنتهي عند نهاية رقبتك ..
فيبدأ الحلاق بمقصّه يجزّ الشعر كما لو أنه في حديقة طال عشبها .. و استحقّ حصاده
و يبدأ الحلاق بالحديث و سرد الأخبار و القصص .. عن المسافرين و الغائبين .. عن المطلقين و المطلقات .. عن المتخاصمين و عن الراحلين و القادمين الى الحارة ..
و تغطّ أنت ، مستسلماً في نوم عميق و الحلّاق لا يضع لسانه في فمه .. فسبحان الله هل تساءلت لماذا الحلاق و سائق التكسي .. دائما تلازمهم الثرثرة و الحديث في ما هبّ و دبّ .. و لا يعرفون للصمت طريقاً .. فهل هم يسلّون أنفسهم أم يسلّون زباءنهم ..?!!
في صالون الحلاقة .. كنا نرى مجلات و صحفاً مزجاة على طربيزة الوسط .. يقطع بتصفحها الزبون وقت الانتظار .. لمن سبقه بالحضور .. و لعلها اليوم تلاشت و حلّ محلها تصفّح الهواتف .. و لا أنسى رغبة الحلاق بامتاع الزبائن بصوت فريد الأطرش أو عبد الوهاب .. من خلال الراديو .. قبل أن يعمّ استخدام التلفزيون و الشاشات ..
كانت حلاقة الرأس متعة .. حيث تخرج بصورة او ” لوك ” جديد .. فتتخفف من
طول شعرك و ما يستتبعه .. و تكون كلمة
” نعيماً ” ختاماً لمهمّة الحلاق .. مع ما يسبقها من رشة كالونيا .. أو غطّة إصبع من أحد الكريمات ..
كان قديما الحلاقة بين خيارين ع الصفر أو نمرة اثنين .. و لا أعرف طبيعة هذه المقاييس إلا أن حلاقة الصفر .. لا تبقي و
لا تذر من الشعر .. و كانت متطلباً لتلاميذ
المدارس أيّام زمان .. كأنّ التلاميذ لا يكفيهم صفر .. حساب ! صفر انجليزي !!
اليوم ، تطورت مهنة الكوافير بقصّات مختلفة .. و صارت الحلاقة بمؤهلات و تدرس في معاهد مهنيّة .. و تدخل في مسابقات عالميّة ..
السؤال الذي لم أجد عليه إجابة في جوجل
لماذا العطلة الأسبوعية للحلاقين و اللّحامين ( القصّابين) يوم الإثنين .. منذ عشرات السنين ..
أظن لأنهم يتعاملون بالسلاح الأبيض..!!



