التقنية والدولة العميقة ! / مراد معتصم حجاوي

التقنية والدولة العميقة !
ازداد ذكر هذا المصطلح مع الحركات الثورية الشعوبية في بعض الدول العربية ، حيث أصبح يعبر عن تحالفات مناهضة للديموقراطية ؛ أي الثورات تكونت من نظام ديكتاتوري قديم.
فالشعوب اذاً عندما ثارت على أنظمتها وتظاهرت ضد استبدادها بل وأيدتها احيانا في دول أخرى ،إنما ثارت وتظاهرت وأيدت لأسباب كثيرة جدا على كثرتها فإنها بعيدة كل البعد عن الاضطهاد التقني والعلمي!.
تفتقر الدول العربية جمعاء –كما يعلم الجميع- إلى منظومة بحث علمي متكاملة تبدأ بالتربية على البحث منذ الصغر وتنتهي بدعم الابحاث العلمية والتقنية لمجموعة باحثين حصدوا نتائج شغلهم وبحثهم.
وللأسف ، لازالت هذه القضية تؤرق الباحثين العرب أنفسهم حتى بعد الثورات والتحرر من الاستبداد حتى اجبرتهم أحياناً على الهجرة بعقولهم إلى دول غربية وأحياناً أخرى تجبرهم على ترك عقولهم والخوض مع من يخوض في دوامة الروتين المجتمعي الحياتي القاتل .
فبعد النظر والتأمل في واقع هذه الدول التي قد مر بها الربيع على هيئة خريف اسقط كل الأوراق اليابسة التي عجز الزمان ،التاريخ والأجداد عن اسقاطها ، تبين لي أن الدولة العميقة في هذا الموضوع بالذات هي الشعوب ذاتها التي ما اعتادت على مظاهر التطور والبحث (البلدية) ، حتى أصبحوا يقدّسوا أي فكرة مهما كان مستواها قد خرجت عن الروتين الذي اعتادوا عليه –بنظرهم- ؛ فساق هذا التقديس إلى تيار البحث العلمي من ليسوا بأهلٍ للبحث والتطوير ليجدوا الترحيب من الشعوب بل ومن الإعلام أيضا لمجرد أنهم تمثلوا الروتين المعتاد بأسلوب جديد فقط.
لعل التشاؤم كان في الماضي محرماً مع كل ما رأيناه ونراه من تقدم وتطور في دول محيطة بنا لا تتكلم لغتنا ولا تملك منظومة اجتماعية أسرية كالتي نملكها نحن العرب ونفاخر بها الكون أجمع ؛لكنه اليوم صار واجبا وحلالاً عندما ننظر إلى ذواتنا ونقارنها بذوات محيطة بنا .
ورغم كل الظلام المحيط لا نريد ايضا أن نصبح جزء منه لا ينفصل عنه ليضيء ،وإنما سيكون هذا الظلام يوما ما محفزا لنا للإشراق والنهضة نحو مستقبل تقني وعلمي ينتظرنا .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى