سواليف – لم يتوقع العروسان مهند ورانيا أن تتحول فقرات من حفل زفافهما “غير المختلط”، للقطات فيديو تبث وتنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، مما أثار غضبهما ودفعهما إلى اللجوء للقضاء لمعرفة الشخصية التي قامت بإرسال تلك الخصوصيات.
يقول الزوج مهند “تحدث نهفات في قاعات الحفل عادة، وينشغل العروسان وذووهما بأداء الفقرات، وعليه لم نهتم بمراقبة المدعوين الذين عادة يكونون من الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران”.
ورغم تذكير إدارة الصالة بعدم التصوير، إلا أن هناك سيدة من الحاضرات قامت بتصوير فقرات خاصة، وأرسلتها للعديد من “الجروبات” لتصبح فقرة للتسلية والضحك، ضاربة بعرض الحائط كل قيم المبادئ والأخلاق.
ما وقع مع مهند ورانيا نزع فرحتهما في استذكار “ليلة العمر”، بسبب حقد أو استهتار سيدة من المدعوات أو لأي سبب آخر، وهناك العديد من الحالات المشابهة، فمنهم من يتقصد إيذاء العروسين أو بهدف التسلية أو لالتقاط صورة “سيلفي” متناسين بذلك الحفاظ على الخصوصية في مكان الحفل.
وحدث موقف مشابه في حفل زفاف العشرينية فدوى؛ حيث قامت صديقاتها بعمل فقرة خاصة للعروس، نالت إعجابها وأدخلت البهجة لقلبها في ذلك اليوم، ولم يكن من إحدى المدعوات سوى تصويرها وبثها على موقع (يوتيوب) ليشاهدها العديد من الأشخاص من كل الأنحاء، علما أن الحفل كان غير مختلط.
وتذكر العروس سهى موقفا مشابها في حفل زفافها، قائلة “قامت العديد من صديقاتي بالتقاط الصور لأنفسهن عبر الهواتف النقالة، وقمن بنشرها عبر تطبيقي “سناب شات”، و”إنستغرام”، وهذه اللقطات وصلت لهاتف شقيقة زوجي، وقامت بالاعتراض على الأمر، خصوصا وأنني أظهر في العديد منها”.
وتضيف “تسببت هذه الصور في نشوب مشاكل عديدة بيني وبين زوجي، فقد غضب جدا، وبدأ يتحدث بالسوء عن صديقاتي، ولم أتقبل ذلك، وفي الوقت ذاته خاطبت الفتيات ووبختهن على فعلتهن هذه”.
وحدثت مشاجرة كبيرة بين عائلتي العروسين (مراد وهيفاء) إثر تصوير إحدى الفتيات بهاتفها النقال لمشاهد من فقرات حفل الزفاف.
تقول العروس هيفاء “قامت إحدى قريبات زوجي بالتصوير، والتفتت لذلك شقيقتي الكبرى، مما دفعها للتوجه إليها، ومطالبتها بإيقاف ذلك، لكنها لم تكترث.. وعادت لفعلتها وكأنها تقصد افتعال مشكلة”.
تضيف هيفاء “وفجأة التفت غالبية الحاضرات حول شقيقتي والفتاة عندما تعالت أصواتهما، ومنهن من حاولت تهدئة الموقف وآخريات قمن بتصعيده وإشعال وتيرته.. وقد تسببت هذه الفعلة بتعكير صفو وبهجة الحفل الذي حلمت به طويلا”.
ويرى اختصاصي علم النفس موسى مطارنة “هنالك مبالغة بما يحصل حاليا في حفلات الزفاف، وحالة من الفوضى وعدم الانضباط أثناء هذه الحفلات مما جعلها مفتوحة لأي شخص يقوم بالتصوير، وبالتالي يمكن أن تؤخذ جزئيات من الحفل وتسيء إلى أصحاب الحفل خصوصا الزوج والزوجة ضمن القيم والعادات وطبيعة التقاليد السائدة لدينا”.
ويضيف أن هذا يشكل خطرا على الأسرة في المستقبل، وينشب إثرها العديد من المشاكل، وهنالك العديد من الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة للقطات من حفلات الزفاف، وقد تسببت بمشاكل بين الزوجين تصل لحد الطلاق، أو بين العائلات في الحفل.
ويلفت إلى أهمية الحفاظ على الكينونة الأسرية وعلى الخصوصية، ولا ضرورة للخروج على المألوف في إطار الحفلة، ليكون حفل الزفاف طبيعيا يسوده الانسجام والفرح، وينبغي التشديد على منع التصوير للحاضرين والتذكير دائما بذلك، واحترام الخصوصية.
ويلفت استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لها فوائد عديدة إن أحسن الأفراد التعامل معها واستخدموها الاستخدام الصحيح، إلا أن البعض للأسف لا يحسن الاستخدام؛ إذ يصر على تصوير كل ما يرى ويشاهد وأكثر من ذلك نقله ونشره للآخرين مما قد يسبب إزعاجا وإساءة وانتهاكا للخصوصية.
ويقول “الأصل أن يكون الجميع حريصا على الالتزام بالقيم والمثل العليا والمحافظة على خصوصية الآخرين وعدم اختراقها، وأن يفترض الإنسان نفسه مكان الآخر الذي يسيء له بانتهاك الخصوصية، ومن ذلك ما يحصل بحفلات الزفاف خصوصا في قاعات النساء وبالأخص منها غير المختلطة”.
ويذهب الى أن قيام السيدات أو الفتيات بالتصوير في مثل هذه الأماكن وعرض الصور أو مقاطع الفيديو يعد انتهاكا لرغبة أصحاب الحفل أو النساء والحضور.
ويبين أن هنالك إساءة كبيرة وتجاوزا لقيم الدين وقيم المجتمع الأصيلة، وهذه أمور لا يمكن تعديلها أو التراجع عنها بعد نشرها، وقد سببت في واقع الأمر مشكلات كثيرة أدى بعضها للطلاق أو النزاع، وهنا لا بد من التذكير بأن مثل هذه الأفعال غير مقبولة ومنافية للأخلاق الحميدة والكريمة وأن على المرأة والفتاة أن تحافظ على خصوصية الأخريات.
وأضاف أن انتهاك الخصوصية يعرض الشخص للمساءلة القانونية، لكننا نقول قبل ذلك “إن هناك مسؤولية أخلاقية عند الجميع منا ذكورا وإناثا وإن التقاضي ربما يكون في مثل هذه الأمور ليس سهلا”، وإن تم فإنه لا يعيد كل الحقوق، والنشر يعني الانتهاك الذي لا يمكن التراجع عنه.
الغد