الهاربون إلى الهرب / كامل نصيرات

أحياناً تشعر أن الناس (مضروبة على رأسها ) عن جد ..وأنهم في حالة توهان حقيقية ..تنظر في عيون الناس ؛ يكلمونك وهم سارحون شاردون ..يضحكون كي يجاملوك في ضحكك و يسألون بعدها : هو ليش كان يضحك ..!
بالأمس كان ابني (وطن) معي في السيارة و عندما وقفنا على الاشارة سألني : ليش هاي المرة/المرأة اللي بتدخن معصبة ..؟ نظرتُ إليها ..كانت تدخّن و كشرتها تلعن سنسفيل كل شيء..قلت له : يجوز زعلانة مع جوزها ..! فتحت الاشارة ..وبعدها بقليل قال لي : هي وحدة ثانية زعلانة مع جوزها ..! نظرتُ وجدتُ امرأة أخرى تدخّن و كشرتها تطغى على أنوثتها ..لكن تعليق ابني أخرجني من حالة التأمل..قلتُ له شو رأيك كل ما تشوف حدا مكشر و معصّب تخبرني ..و يا ليتني لم أتفق معه هذا الاتفاق ..كل عشرة ثواني أو أقل كان ينبهني ..فأدركتُ أننا فعلاً نجيد الكشرة التلقائية ..نساءً و رجالاً ..!
حالة السرحان عندنا كشرة بامتياز ..وكأن من شروط التأمل ألا تفرد وجهك ..بل كأنك تعود لطبيعتك ..وطبيعتنا ليست ليّنة ..عيب أن تضحك ..عيب أن تبتسم ..عيب أن تعيش حياتك بلا منغصات ..!
كلنا هاربون منّا ..ولكن هاربون إلى أين ..؟ إلى اللاشيء ..اللا مكان ..اللاتحديد ..بل هاربون إلى الهرب نفسه ..نريده ألاّ يضعنا على خريطة وألا يحدّد لنا معالم ..! –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى