#النواب لا يمتلكون تفويضا مطلقا من قواعدهم الشعبية للتصويت كما يشاؤون
الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة
تنتخب #الشعوب #الديمقراطية ممثليها في السلطة التشريعية للقيام بالمساهمة في تمثيل أصواتهم والدفاع عن مصالحهم ومصالح مناطقهم إضافة الى مصالح أخرى ذات صبغة ومصلحة وطنية عامة . لتحقيق ذلك يقوم هؤلاء النواب بالتصويت على #مشاريع #القوانين ومنها طبعا القانون السنوي الأهم وهو قانون الموازنة العامة الذي يمثل مجمل سياسات الحكومة لعام مقبل .
أما التصويت على الثقة في #الحكومة فهو أيضا على قدر عالي من الأهمية مثل قانون الموازنة لأن هذه الثقة أو حجبها هي قضية تتعلق بالقيادة السياسية والإدارية التي ستقوم بوضع السياسات بالإضافة الى تنفيذها .
يتساءل كثير من المواطنين الذين نتحاور معهم فيما اذا كان انتخاب النائب يتضمن تفويضا مطلقا له بالتصويت كما يشاء أو يرغب أو كما يطلب منه من قبل جهات رسمية معينة”؟
نعم يتساءل هؤلاء المواطنين هل انتخاب النائب يعني التوقيع على شك مفتوح أم هو عبارة عن وكالة عامة تمكن النائب أن يصوت على قضايا يفهم فيها أو لا يفهم فيها ،يعطي الثقة للحكومة أو يحجبها ،يوافق على قانون الموازنة أو لا يوافق حسب “معرفته ” أو حسب مصالحه الشخصية أم مصالح من يمثلهم
ومن يقدر مصالح من يمثلهم ؟ وهل يقوم النواب عند منح أو حجب الثقة عن حكومة معينة بالتشاور مع قواعدهم الشعبية؟
في #التصويت على إحدى القضايا المهمة التي عرضت على مجلس النواب لم أسمع الا عن نائبين اثنين قالوا بانهم استمزجوا آراء ناخبيهم الذين أوصلوهم الى مجلس النواب وتعرفوا على اتجاه مواطنيهم في هذا الموضوع. بمعنى آخر فإن الأغلبية الساحقة من النواب قاموا بالتصويت بالشكل الذي رأوه مناسبا وأهملوا رأي القواعد الشعبية التي يمثلونها.
انتخاب النواب الى سدة البرلمان ليس عقد وصاية ولا وكالة عامة مفتوحة يستغلها النواب بالطريقة التي يرونها مناسبة .
أنا أكاد أجزم بأنه لو عرض موضوع الثقة في الحكومة على المواطنين الأردنيين في استفتاء شعبي عام لما حصل على 10%-20% من أصوات الشعب في حين أن الحكومات المتعاقبة تحصل على ما نسبة تزيد عن 70% من أصوات النواب.
لا أعلم كم من أهلنا في الرمثا او الكرك او المفرق كانوا سيصوتون لصالح الثقة بالحكومة لو تم استفتائهم على ذلك وهل يقوم النواب باستشارة ناخبيهم ورصد نبضهم ورأيهم وأخذها بعين الاعتبار عند إعطاءه للثقة للحكومة.
نوابنا لا يتم انتخابهم على أساس الكفاءة ولا الجدارة ولا اللياقة السياسية فكيف نمنحهم تلك الوصاية المفتوحة ليقوموا بإعطاء الثقة والتصويت على مجمل قوانينا الضريبة والتعليمية والجمركية والدفاعية والخارجية مستندين على رؤاهم وغالبيتهم ليس لديهم المعرفة التي تمكنهم من بناء رأي مدروس ؟
في كثير من الدول الديمقراطية هنالك تشاور مستمر بين النواب والناخبين وخصوصا في القضايا التي تهمهم مباشرة ولتحقيق ذلك تجد مكاتب النواب منتشرة وقريبه من قواعدهم الشعبية وترى أيضا أن هناك موظفين يتم تعيينهم من قبل البرلمان يساعدون النواب في جمع المعلومات عن القضايا المعروضة ويشرحوها للنواب ليتمكن هؤلاء المشرعين من تشكيل مواقفهم وتصويتهم.
مسرحية التصويت على الثقة بالحكومات او الموازنات مسرحية هزيلة يمارس النواب فيها فحولتهم وفرديتهم وانانيتهم في إعطاء الثقة دون استشارة ناخبيهم.
النواب هم نواب الأمة ويمثلون الأمة وعليهم الرجوع للأمة في القضايا الأساسية المعروضة عليهم. وقد كنا قد كتبنا سابقا بأن بعض الحكومات لم تكن تحظى بالثقة الشعبية حتى وإن حصلت على ثقة النواب ،ونؤكد هنا صحة ما ذهبنا اليه وهو أن الثقة التي تمنح لهذه الحكومة أو تلك لا تمثل الشعب ولا تعكس إرادته. النواب هم منتخبون من الشعب وشرعيتهم تستمد من صناديق الاقتراع ، وعليه فإن مواقف النواب وتصويتهم داخل بيت الشعب ينبغي أن يعكس مواقف وآراء الناس في القضايا المهمة التي تلامس حياتهم. بغياب الممارسات الحزبية الحقيقية التي تمكن النواب من تكوين آرائهم ومواقفهم من القضايا المعروضة على المجلس ،وفي ظل عدم توفير باحثين ومستشارين للنواب يساعدوهم في جمع المعلومات وبناء مواقفهم حيال القضايا المنظورة من قبل المجلس ،فإن قدرة السلطة التشريعية على تحقيق الغايات والمقاصد الديمقراطية لوجود مجالس نيابية ستبقى قاصرة