النهاية المؤلمة للشريف حسين بن علي

#النهاية #المؤلمة للشريف #حسين_بن_علي
موسى العدوان
في كتابه ” بعد مائة عام لا زلنا نبحث عن #دولة “، يقول الأستاذ سالم الفلاحات ما يلي وأقتبس :
” توهم #الشريف حسين بأن #الحكومة #البريطانية وافقت على المشروع العربي في #الوحدة والاستقلال، فأعلن #الثورة من #الحجاز، وأطلق #الرصاصة الأولى استجابة للحلفاء. تُرى هل أطلقها على تركيا لنتحرر ؟ أم أطلقها عليه وعلينا نحن العرب وهو لا يعلم فأصابتنا في مقتل ؟
أما #تركيا فاستأنفت مسيرتها بعد مخاض طويل، حتى أبهرت العالم، وبخاصة في عهد #حزب #العدالة والتنمية، ونحن لا زلنا مشتتين وبحالة من الضعف المتزايد لا مثيل لها.
والمؤلم أننا لا زلنا ننتظر عطف الحلفاء ورحمتهم، وخرجنا بلا قطر عربي مستقل واحد يحكمه شعبه، وأصبحنا إثنين وعشرين مزقة، لا يجمعنا جامع بعد مائة عام أو تزيد، ولا زلنا نبحث عن دولة.
وانظر هذا الاستخفاف بالعقول والتبكيت لمن يركه، إذ طلب الدبلوماسي البريطاني سايكس من الجنرال كلايتون في أكتوبر 1917 التوجه إلى معسكر الأسرى العرب الذين كانوا في الجيش التركي، ليخطب فيهم قبل التحاقهم بالشريف حسين ليقول لهم ما يلي :
( والآن بيدكم الفرصة التي أضعتموها فلن يغفر الله لكم. إن من الأفضل أن يكون المرء طاهيا في الشركة العربية، من أن يكون وزيرا خاضعا للأتراك . . ! ). ترى هل صفقوا له بعد خطابه أو بكوا وانصرفوا، هائمين على وجوههم على غير هدى ؟
نعم لقد تمكن الحلفاء من دحر الإمبراطورية العثمانية وتمزيقها بمساعدة العرب، حيث عمل الحلفاء بوعي السياسي الداهية المفكر الذي درس نفسيات الشعوب بعمق قبل مجيئه، أما تفكير الدراويش في السياسة، فقال مدير الاستخبارات العسكرية البريطانية في القاهرة في فترة مبكرة عام 1916 :
( إن هدف الشريف هو تأسيس خلافة لنفسه، ونشاطه يبدو مفيدا لنا، لأنه يتماشى مع أهدافنا الآنية وهي، تفتيت الكتلة الإسلامية ودحر الإمبراطورية العثمانية وتمزيقها. فالعرب أقل استقرارا من الأتراك، وإذا عُولج أمرهم بصورة صحيحة، فإنهم يبقون في حالة من الفسيفساء السياسية، مجموعة دويلات صغيرة يغار بعضها من بعض، غير قادرة على التماسك. إذا تمكنا فقط من أن نجعل هذا التغيير السياسي عنيفا، فسنكون قد ألغينا خطر الإسلام، بجعله منقسما على نفسه ).
عاش الشريف مصدقا أن بريطانيا ستهبه الجزيرة العربية والعراق والشام وفلسطين، ويتجلى ذلك بإجابته لنجله فيصل عندما سأله : ماذا ستفعل إذا افترضنا أن بريطانيا العظمى، لم تنفذ الاتفاق في العراق ؟ فاحتد عله الشريف قائلا : ألا تعرف بريطانيا العظمي أن ثقتي فيها مطلقة ؟ ثم انتقلت بريطانيا من دعم الهاشميين إلى دعم السعوديين، حيث وجهت دعمها كله لأمير نجد عبد العزيز بن سعود، الذي اجتاح الحجاز عام 1924.
ركب الشريف البحر إلى إمارة شرق الأردن حيث ولاية الأمير عبد الله، وأقام عدة أشهر في العقبة. ثم أخبره ابنه الأمير عبد الله، بأن البريطانيين يرون أن بقاؤه في العقبة، قد يعرضه لهجمات الملك عبد العزيز آل سعود. والحقيقة خلاف ذلك، وهي حتى لا يتجمع حجازيون وعرب حوله فيصبح له تأثير حقيقي، قد يغير المعادلة ويخلط الأوراق.
وصلت إلى ميناء #العقبة #باخرة، ركبها الشريف حسين مجبرا وهو ساخط، إلى جزيرة قبرص عام 1925. ورفضت الإدارة البريطانية طلبه الإقامة في حيفا أو يافا، فقال معاتبا الأمير عبد الله بعد أن أجبر على الذهاب إلى قبرص : ( كيف ترضى أن تكون أميرا على قطعة اقتطعها الإنجليز من صحراء الشام، في الوقت الذي تراني فيه ذاهب إلى المنفى، بعد أن سلّم الإنجليز بلادنا إلى ابن سعود ؟ ). فكان جواب الأمير عبد الله: ( بعض الشيء أحسن من لا شيء ) وغادر الشريف على البارجة البريطانية دلهي.
أقام في قبرص ست سنوات تقريبا، في أسوأ الظروف النفسية وحتى المعيشية، فمرض وعاد إلى عمان بصحبة ولديه فيصل وعبد الله، وبقي فيها مريضا حتى توفي ودفن في القدس عام 1931 رحمه الله. لكن هل استيقظ العرب بعد كل هذه الصدمات، وبعد مائة عام وتزيد ؟
أم أن المأساة مستمرة ؟ وأننا حتى اليوم نجد أن بعضهم يُستخدم ضد بعض، وليضعوا أيديهم بيد الصهاينة المحتلين، ثم يُصفى الجميع أو يجعلهم خدما له مجانا، وبأموالهم ودماء شعوبهم وكرامتها، بعد فقدان الوعي والانتماء والمناعة الذاتية..! “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق : وثق الشريف الحسين بن علي بالإنجليز بكل صدق وبراءة، عندما وعدوا باسترداد الخلافة إلى يد عربي صميم، من الدوحة النبوية المباركة. ولكنهم كانوا يتآمرون عليه في الخفاء بعدم تنفيذ وعدهم الذي قطعوه على أنفسهم في توحيد العرب تحت قيادته، بل قرروا تمزيق الوطن العربي، وتحقيق مصالحهم الاستعمارية البغيضة.
ومن الغريب أن نجد أيضا أن بعض الأقارب العرب، قد ساهموا في هذا التآمر، وفرضوا على الشريف حسين، النفي والإقامة الجبرية خارج وطنه، في ظروف معيشية ومرضية سيئة، إلى أن توفاه الله في عمان عام 1931، ودُفن في القدس رحمه الله.
وبعد الحرب العالمية الثانية انتقل رأس الأفعى الاستعماري من بريطانيا إلى أمريكا، باعتبارها الدولة الأقوى في العالم، فراحت تتدخل في دول العالم الأخرى مثل الصومال والعراق وأفغانستان وغيرها، ولكنها راحت تتلقى الصدمات والخسائر المتلاحقة، من الشعوب الحرّة.
بعد هزيمة أمريكا وانسحابها من العراق وأفغانستان مؤخرا، دون أن تحقق أهدافها المعلنة، حطت رحالها اليوم في الأردن لتحتل من خلال اتفاقية بائسة، 12 قاعدة عسكرية على أراضيه تمتد لِ 15 عاما. والأبلغ من ذلك أن هذه القواعد مفتوحة للأمريكان على مصراعيها، دون سيادة أردنية عليها. وبالإضافة لذلك فإن أمريكا لا تدفع دولارا واحدا للأردن، بدل استخدامها لتلك القواعد طيلة تلك السنوات.
إن هذا الفعل في حقيقته #استعمار جديد، جلبناه لأنفسنا وطننا بإرادتنا، تحت عنوان ” الصداقة بين البلدين “. وبذلك أصبح الأردن مستعمرة أمريكية، تتصرف بها كما تشاء. ورغم معرفتنا بألاعيب المستعمرين، إلا أننا فاقدو الإرادة، ولا نحاول تجنب دهاء المستعمرين ومكرهم، ولا زلنا نثق بهم ونلجأ إليهم في المشورة، التي تحمل في ظاهرها المنفعة وفي باطنها الخراب.
ختاما أجدني متفقا مع مقولة الأستاذ سالم الفلاحات : ” بعد مائة عام . . لا زلنا نبحث عن دولة “، والله المستعان عما يصفون . . !
التاريخ : 19 \ 9 \ 2021

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى