النملية
وقفت الجدة أمام النملية وراحت تهز برأسها لأعلى وللأسفل مع حركة الشاهد الأيمن بشكل أفقي , حيث كان الشاهد يتنقل من اليمين لليسار متنقلاً بين مرطبانات الزجاج الموجودة داخل الجزء العلوي للنملية . وكانت الجدة في نهاية الأمر تقول : الحمد لله إن شاالله انهن يقدّن . والمقصود هو ما تحويه تلك المرطبانات من مونة (زيتون , جبنة , لبنة … ).
هذه العملية كانت تُكررها تلك الجدة بين الحين والآخر . وذلك من باب التحديث وضبط عمليات الاستهلاك . ولكن هذه المرة اختلف الوضع , فها هو حفيدها يتسلل خلفها ويقف ليتابع ما تقوم به الجدة دون أن تشعر به . وكالعادة كانت الجدة تحاور نفسها وتقول : خوف الله قطرميز الزيتون ما بقديناش لتالي هالشهر ! وهنا يقطع الحفيد عليها الكلام قائلاً : ئي لويش بتحتشي مع حالك ؟ لترد عليه الجدة بعد أن جفلت منه وقالت : بسم الله الروحمان الرحيم , ولك جفّلتني يا قاروط البين , وشّو داير بتكوكش وراي ؟ فرد عليها الحفيد وهو يضحك : والله فكرتش هسترتي , وقلت هاي جدتي صارت تهذرب وتحتشي مع حالها . فقالت له : لا امبشرك بعدني ما ظيعت . لكن بلد على قطرميز الزيتون وانه قرّب يخلص وموسم الزيتون ظايله شهرين .
الحفيد : وما يخلص , شو خربت الدنيا يعني !
الجدة : ولك مش هيتش السولافة
الحفيد : لعاد وشّو السولافة
الجدة : لِد عليّ تراني مش فاظية لمجالقتك فاهم . بتحتشي لأمك مش ظروري على كل وقعة تحُط صُبّار زيتون .
الحفيد : وما تحتشيلها انتي
الجدة : يحُك اجنابك يالبعيد , ولك مهي تشلمتي عليها مثل السم , احتشيلها أنت وفكني من امقارعتها .
الحفيد : ماشي يا جدة ماشي مثل ما بدتش .
الجدة : هدمة اللي تهدمكوا , هو أني بدي اظل دايرة وراكوا على حبة الزيتون كمان , والله ماني دارية شلون بدكوا تعيشوا وراي عُقب ما أموت ! خوف الله غير الجوع يقتلكوا .