#النزاهة و #الأخلاق_الأكاديمية..!
• د. #مفضي_المومني.
2022/11/29
عانت مجتمعاتنا والمجتمع الأكاديمي من مشاكل كثيرة أساسها الخلل في منظومة النزاهة والأخلاق، ونخصص الحديث هنا عن النزاهة والأخلاق في المجتمعات الأكاديمية، وقد يستغرب غير العارف وجود ذلك في مجتمع المتعلمين والمثقفين وصفوة المجتمع وبيت الخبرة له، وهم صناع أجيال المستقبل، وحملة لواء التقدم والتطور لأي بلد ومجتمع في شتى المجالات الحياتية؛ ثقافية وإجتماعية وإقتصادية، وسياسية وتكنولوجية وغيرها…!.
لكن الواقع والحقيقة والممارسات صادمة، حيث سادت وتسود ظاهرة إنعدام النزاهة وإنحطاط الأخلاق لدى البعض، في مؤسساتنا الأكاديمية، وهذا مقتل للجميع، لأنه يؤسس لسيادة قانون المزرعة التعيسة، وبالتالي تراجع على المستوى الوطني في شتى مناحي الحياة، فالأستاذ الجامعي أنموذج وقدوه للمجتمع ولزملائه ولطلبته.
النزاهة هي نقيض الفساد، وأي عمل يبتعد عن الشفافية ويناقض التشريعات ونظام الأخلاق، والأعراف والتقاليد الحسنة ويدخل في باب الخطأ والفساد والإفساد والظلم، في نظام التعليم العالي الأكاديمي تعد النزاهة الأكاديمية(Academic Integrity ) أساس للتطور والنجاح والإبداع، وإنعدامها نتائجه وخيمة على الفرد والمؤسسة والوطن، لأن الفساد نتاج عدم النزاهة؛ يؤسس للإحباط وإنعدام الولاء، وقتل الطموح وبالتالي إنخفاض الإنتاجية وإنعكاسها على نوعية الخريجين، وعلى العاملين الذين يصلون درجة الإحباط والتنحي والإنسحاب، بسبب ممارسات الإدارات الفاسدة غير النزيهة، والامثلة موجودة ومرت بها بعض جامعاتنا ولا يراها إلا عديم بصيره أو ساكت عن الحق او متنفع بمصالح وتعيينات وترقيات أو منافق ووصولي، أو غير قادر على الفعل لأن الإدارات الفاسدة بالعادة تشيع مناخ التهديد والتسلط حد البلطجه… !، وتُظهر أنها مدعومة من جهات مؤثرة..! فعندما تتحول الجامعة لحقل من الشللية النفعية الرديئة والتي يقودها (كبيرهم الذي علمهم هز الذنب والكذب والنفاق)، وهو شخص يعرف في قرارة نفسه ؛ أنه ضعيف ومهزوم وعابث، يسخر كل أتباعه المتكسبين بما يغدقه عليهم من مناصب ومكافآت غير مستحقة..! لإختراق منظومة التشريعات والأعراف الأكاديمية ولي عنقها… ويجيد فن تسويق الكذب والتلون… ففي الظاهر تسود منظومة التشريعات، وفي الباطن حدث ولا حرج عن الإنتهاكات والتهديدات والعبث بمقدرات وحقوق العاملين والإقرارات الإذعانية المغتصبة لقوننة الفساد، ليغذي هوس أو مرض في نفسه… . أو تنكيل وأذى لكل من يعتقد أنه ينافسه أو يعارضه في ممارساته ومخالفاته وأفعاله المشينة، تجعله محكوما بعقلية تعمل كل الموبقات لتحقيق مخططات مرسومة لقتل الطموح وإبعاد المبدعين من جامعاتنا، بشكل فردي أو تنفيذا لمخططات ترسمها جهات لا تحب الخير لبلدنا داخلية أو خارجية، لإجهاظ مشاريع الأمة النهضوية بكل الطرق الخبيثة، وبأيدي إدارات تدبير المكائد وتلفيق التهم وإشغال العاملين ببعضهم ونقل عملهم إلى اروقة المحاكم، وزجهم وإشغالهم في خصومات وقضايا كيدية تافهة، ليشبع إداري مريض نرجسيته وساديته البغيضة..! أي عقليات هذه؟ نعم حدث كل هذا تحت سمع وبصر كل الجهات المسؤولة، ولكنهم غضوا الطرف وتخاذلوا عن كل الممارسات والمخالفات، ويسكتون ويشيحون بوجوههم وكأن (العرس عند الجيران)، لأن هنالك تبادل مصالح وتنفيعات من لدن هذا المسؤول السيء، بحيث يسكتهم ويشتري ضمائرهم وينتزع وطنيتهم وهم يقدمون الصالح الخاص الضيق على العام بتعيينات وترقيات ومكافآت لا تمثل إلا الفساد بعينه ولو تم الطبطبه عليها من اي جهة متنفذة أو مرت من خلال مجالس حاكمية منزوعة الصلاحية والقرار، إنبطاحية مذعنة فصلها أو استقطبها لتزين له شر اعماله… وتبطل حق وتحق باطل، وبمثل هذا وذاك تُفرض مثل هذه العقليات الإدارية القاصرة على مؤسساتنا الأكاديمية لتعيث فيها دماراً وخراباً والأمثلة والأقنعة سقطت ذات صحوة لدى صاحب الأمر الذي يتسلح بالوطنية والنظافة، ولأننا نحب بلدنا ونريده الأفضل نريدها ممارسة دائمة وليس صحوة كل ذات نكوص..!.
أتمنى أن يُحسن مجلس التعليم العالي الأختيار للقيادات الأكاديمية في قادم الأيام..!؛ وأن يقيم جيداً وبشكل ممنهج وحقيقي بعيد عن أي تدخلات الإدارات الحالية، وأن يوضع نظام فعال للتقييم والمتابعة والمراقبة والمسائلة لرؤساء الجامعات والإدارات الأكاديمية، وأن تعقد دورات إدارية تثقيفية لبعض رؤساء الجامعات ليتقنوا الإدارة العليا وأن يتم إعفاء من لا يتمثل الإدارة الواعية المنتجة المحفزة ومن لا يؤسس لتوجهات تطويرية بمستوى وطني أو يشغل نفسه ومؤسسته بصناعة الشلل حوله لتدير صراعات داخلية تقوض أركان جامعته، وأن تعمم هذه الدورات لكل من يشغل منصب إداري في جامعاتنا لتدريبهم على قيم النزاهة وترسيخها في العمل الأكاديمي، ولا ينظر أحد بتعالي لذلك… التعلم مستمر ومدى الحياة؛ (لا يزال المرء عالما ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل… إبن مبارك)، مثلما هو مطلب لكل الإدارات والمؤسسات والعاملين في المجالات الأخرى، لأن النزاهة الأكاديمية ثقافة وسلوك يجب أن يتغلغل في كل مفاصل الجامعات والمؤسسات التعليمية، ليجيب على سؤال ما هي النزاهة الأكاديمية؟
What is Academic Integrity?
Academic Integrity is the commitment from administration, students, faculty, and staff to demonstrate honest, moral behavior in their academic lives.
النزاهة الأكاديمية هي التزام كل من الإدارة، الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس، والموظفين بإظهار سلوك أخلاقي بأمانة في بيئتهم الأكاديمية.
والسؤال الثاني:
لماذا النزاهة الأكاديمية مهمة؟
Why Is Academic Integrity Important?
In the absence of an honest, moral environment, educational activities, such as research and work to earn diplomas, certificates, and degrees, lose their value for students and society at large.
في غياب بيئة أخلاقية صادقة ، تفقد الأنشطة التعليمية، مثل البحث والعمل للحصول على الدبلومات والشهادات والدرجات قيمتها للطلاب والمجتمع ككل.
فالنزاهة ليست كلمة تقال للإستهلاك، ولا مسودة أو برشور مطبوع بأناقة……ولا تصريحات منمطة فارغة يظهر بها صاحبها ليسوق نفسه… ويظهر بمظهر الناسك الورع وتاريخه موشح بالسواد والعار… بل لها عناصر رئيسة يجب ممارستها والإيمان بها بحيث تصبح واقعا وسلوكاً يتوج أي إدارة او مؤسسة أكاديمية ناجحة، فالنزاهة هي نتاج عناصر كثيرة أهمها:
- الأمانة، الرئيس والعاملين والطلبه مؤتمنين في سلوكهم ومؤسستهم وقراراتهم.
- الثقة، يجب أن يسود جو من الثقة والمحبة بين الجميع وصولاً للرضا الوظيفي وخلق الدافعية لدى
الإدارة والعاملين والطلبة. - العدل والشفافية، العدل في التعامل مع الجميع وبمقياس واحد يعتمد على التشريعات، والإبتعاد عن تلفيق المكائد والظلم، وكذلك الشفافية في كل الإجراءات، وعدم جعل الحقوق والترقيات والتعيينات بالواسطات أو أعطيات لجلب مصالح أو تصفية حسابات كما كان يحصل لدى البعض.
- الإحترام، يجب ان يسود جو من الإحترام والمحبة داخل المؤسسة بين الجميع إدارة وعاملين وطلبة، بحيث تختفي اساليب التصيد والعدائية ومحاولة إفشال الآخر أو إقصائه بطرق دنيئة..!.
- المسؤولية، والتي يجب أن يدركها الجميع من خلال الحقوق والواجبات وأن كل فرد في المؤسسة مسؤول ضمن عمله.
- التحفيز والتشجيع، وهي من أساسيات التطوير وتحقيق الطموحات بخلق جو تنافس شريف، يتوج بالتعزيز وعدم الإحباط.
من هنا يجب عكس هذه القيم لتصبح نموذجا لكل من يشغل منصب إداري وكذلك العاملين في جامعاتنا، وهذا سينعكس على الجميع، ويجب أن توضع خطط تنفيذية وسجلات أداء تعكس ممارسة قيم النزاهة أو تجاهلها في جامعاتنا، ويجب أن تفعل وتقيم قيم النزاهة من خلال تقييم سري يديره مجلس التعليم العالي بشكل دوري، ومن خلال موقعه وخوادمه… ! لأن تقييم الجامعات من خلال خوادمها مخترق ووهمي بالغالب، ومعروف من خلال التجربة أنه مخترق من الرئيس وجماعته كما حصل سابقاً ذات تقييم..!، ولهذا يضع العاملين أعلى درجات التقييم لعلمهم بأن التقييم السلبي مراقب وسيتبعه ملاحقة من الإدارة وجر للجان التحقيق المدجنة..! وإختلاق المكائد والعبث بترقياتهم، وأنا لا اهذي ولا اجلد الذات هنا..!، وحقيقة أستحي عندما اقول أن هذه هي الممارسة الحقيقية للبعض ممن اوغلوا وتسلطوا سابقاً في جامعاتنا حد المرض، ولدينا تجارب بعينها لمن يريد أن يتحقق وتهمه مصلحة الوطن.
الخلاصة؛ النزاهة الأكاديمية يجب أن تشغل مجلس التعليم العالي، ويجب أن تطبق بشكل ممنهج ونظامي، لأن غياب النزاهة الأكاديمية، وتنمر البعض من رؤساء الجامعات على مرؤوسيهم كما حصل سابقاً لأنهم (مدعومين من هنا وهناك، ومش سألين عن حد كما يقولون..!) في جلساتهم، وانغماسهم بسلوكات لا تمت للنزاهة بصلة، أثر على العملية الأكاديمية، وعلى العاملين والطلبة والخريجين، ولا تنفع البطولات الكرتونية الموهومة والظهور الإعلامي المتكرر والممجوج للبعض، وافتتاح ذات الفعاليات بشكل متكرر… !، ولا التصنيفات العالمية مدفوعة الثمن غير الموثوقة أبداً، لأنها تعتمد على بيانات كاذبة إمتهن البعض إرسالها لجهات التصنيف والدفع من تحت الطاولة، ومضحك مبكي أن تجد جامعات عالمية متميزة تسبقنا بمئات السنين، تقبع خلف البعض من جامعاتنا بمئات المراتب…! والواقع للأسف تراجع واضح، ونعترف به جميعا ولن تغيره هيلمانات التصنيف والإنجازات المزورة والتسويق الكاذب.
النزاهة وعناصرها، إذا تم تطبيقها على جميع الجامعات بشكل منهجي خلاق، فلن يطول الزمن لنلمس ثمار تطبيقها، والتقدم الحقيقي المأمول لجامعاتنا وبلدنا، وعكس ذلك فكما أسلفت ستفقد الشهادات والبحث العلمي قيمتها وأثرها، وسينعكس كل ذلك على المجتمع وتطوره… وسنبقى نسير بخطوات ثابته للوراء لا سمح الله، النزاهة ممارسة، وليست لبوس باطل لمن أُخرِج من الباب ليعود من الشباك..!.…… حمى الله الأردن.