
سواليف – رصد – فادية مقدادي
قال الباحث وعالم الاثار والزائر في جامعة اليرموك الدكتور احمد ملاعبة ان أول اكتشاف للنحاس في العصر الحديث في الاردن كان في بداية خمسينيات القرن الماضي في منطقة ضانا/ وادي عربة، بحسب سلطة المصادر الطبيعية، حيث جرت أعمال تعدينية واستخراجية للنحاس آنذاك بعد أن استدل عليها من خلال وجود الخبث (SLAG) والمناجم القديمة في منطقة خربة النحاس الجارية وبعض المواقع الأخرى.
وفي تقرير نشره الملاعبة في صفحته على الفيسبوك قال ان تعدين النحاس في الاردن يسد نصف المديونية ، وأضاف ان النحاس يتواجد في الأردن بنحو تقديري يبلغ ما لا يقل عن 845 مليون طن نحاس صافي، بنسبة استخراج عالية تصل إلى 90 في المئة مما يوفر 8 مليارات دولار، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار النحاس عالميا ووصلت في الأسواق العالمية إلى مستوى فوق ال 10 الآف دولارا للطن المتري.
وبين الملاعبة ان النحاس اعتبر أحد أهم السلع عالميا، خاصة وانه يستخدم في صناعة الأسلحة، وذخيرتها. واعتمدت وثيقة أمريكية رسمية النحاس بصفته سلعة إستراتيجية للأمن القومي الأمريكي
وأوضح الملاعبة ان النحاس يتواجد في الأردن بشكل رئيس في محمية ضانا وفي جزئيين أساسيين هما : منطقة فنان (وادي خالد , وادي ضانا , وادي راتيا) على ارض تبلغ مساحتها 30 كيلومترا مربعا وكمية النحاس الصافي المتوقعة فيها 270 ألف طن.
كما يتواجد النحاس في منطقة خربة النحاس – وادي الجارية :ومساحتها الإجمالية 60 كيلومترا مربعا.
النحاس في الاردن
وأشار إلى أن تمعدنات النحاس تتواجد ضمن تكوينين جيولوجيين (تكوين أبوخشيبة الرملي وتكوين البرج دولومايت طفل) في مناطق تمتد بطول حوالي 70 كم وعرض 15كم على طول الجهة الشرقية لمنطقة وادي عربة، بدءا من الجهة الجنوبية للبحر الميت وحتى منطقة أبوخشيبة. وتتميز مناطق التمعدنات بوعرة الطبوغرافية والجبلية التي تصل ارتفاعاتها إلى 1000م عن سطح البحر
— في العصر الحديدي : لم يكن سيدنا سليمان مستثمر (بارون) نحاس ولم يعدن النحاس في وادي عربة وانما — كانت معجزتة – أن أسال الله له النحاس له من باطن الارض وليس التعدين في منطقة لم تحدد – ( وأسلنا له عين القطر ) (سبأ- 13 )
وتحدث الملاعبة في تقريه عن تواجد النحاس في محمية ضانا وقال ان المحمية أسست عام 1993 بعد دراسات بدأت العام 1991 وتم اعلانها محيطا حيويا منذ العام 1998.
وبين ان خام النحاس متواجد في الجزء الغربي من محمية ضانا والبالغة مساحتها الكلية 360كم2 و المنطقة المتواجد بها النحاس هي في أطراف المحمية ومساحتها لا تتجاوز 100 كيلومتر – أي 60 دونما من محمية ضانا البالغة مساحتها الاجمالية حوالي 360 دونما لاستخراج النحاس
وبين ان ضانا أكبر مصدر للنحاس في العصر الروماني حيث تشير الدراسات إلى أن منطقة ضانا كانت أكبر مصدر للنحاس في فترة الرومان، وأن ضانا كانت موضعا لمراقبة عمليات تعدين النحاس القديم في منطقة فينان على الحدود الجنوبية الغربية للمحمية، ويعتبر هذا الموقع ثاني أهم تجمع أثري في جنوب الاردن بعد البتراء، أما المواقع الاثرية الأخرى في المحمية فتضم قلاعا عسكرية تعود إلى العصر الهليني والعصور الإسلامية المبكرة.
وعرّج البروفيسور الملاعبة في الحديث عن تواجد النحاس في تمنا- فلسطين وتحدث عن الخرافة اليهودية في النحاس وأن النحاس في الأردن وفلسطين إرث الملك سليمان – عليه الصلاة والسلام – وهي إرث يهودي، يجب الحفاظ عليه’. هذا باختيار ما تقوله الوثائق التي تتحدث عن المخزن الكبير للنحاس في محمية ضانا.
وقال الملاعبة ان توماس لبفي خبير الآثار اليهودي له دور مهم في إعلان مواقع النحاس في ضانا من بين مواقع التراث العالمي لليونسكو، لحمايته من التعدين المحتملة في المستقبل.
وأشار إلى مزاعم اليهود بأن لهم أحقية في بلدة فينان الأردنية في وادي عربة المعروفة بـ”مملكة النحاس” بعد أن ربطوا ما بين معجزة سيدنا سليمان والنحاس؟ – بحسب الآثار القائمة والمتبقية في خربة فينان المبنية من الحجر الرملي، فهي بقايا مدينة تأسست في العصر البرونزي، خلافا لما تدعيه إسرائيل بأنها مملكة يهودية وربطها بمعجزة الملك سليمان بالنحاس الذي ظهر له النحاس من باطن الأرض على هيئة سائل مذاب.
لكن الملاعبة فند الخرافة اليهودية بالقول ان اليهود جاءوا مع بدايات العصر الحديدي وعاشوا في مصر، أي بحدود 1200 ق.م، والعصر النحاسي (ما بين 4000-3200 ق.م) وأقدم من الديانة اليهودية بأكثر من ألفي عام على اقل تقدير.
وربما كانت كميات النحاس في مناجمها تكفي لسكان الأرض قاطبة في ذلك الزمان، وتقدر كميات النحاس التي جرى استخراجها من الموقع بناء على كميات خبث النحاس الموجودة في المنطقة بحوالي 20 ألف طن من أصل الاحتياطي المقدر للنحاس في الأردن والبالغ 845 مليون طن.
وبحسب الدراسات التي قام بها البروفيسور الملاعبة مع فريق ألماني لتحديد عمر الخام من النحاس وجدنا أن النحاس عُدّن في العصر الحجري – النحاسي ثم العصر النحاسي ثم العصر البرونزي (ما بين 3200-1200 ق.م) أولا في العصر البرونزي المبكر، وازداد تعدينه في العصر البرونزي المتوسط والمتأخر، وهو العصر الذي لم تكن الدولة العبرانية أو التوراتية موجوده، وأن الذي عدنه هم الفراعنة، وتتابع تعدين النحاس بعد ذلك في القرن العاشر قبل الميلاد من قبل الأدوميين وليس العبرانيين، وبعدهم الأنباط والرومان، وأعتقد أن مملكة فينان تأسست في مرحلة متأخرة من فترة أجداد العرب، الأنباط.
وأضاف أنه من المفارقات العجيبة حسب الموروث الشعبي المحكي (الشفوي) أن مملكة فينان كانت تتبادل التجارة مع مملكة الكرنب أو مملكة الحظيرة في الجهة الغربية المقابلة لفينان؛ أي في النقب، فمن فينان كانت قوافل الجمال تحمل البطيخ ذا المذاق المميز إلى الكرنب وتعود محملة منها بالحرير وغيره، وتقول الأسطورة إن إحدى القوافل حملت بطيخا فاسدا، وحينما عادت الجمال لاحظ ثلاثة من أبناء مملكة فينان كانوا يراقبون الطريق من فوق جبال سميت بأسمائهم هم خالد – جبل خالد، وحُسن، والرعلة وفاطمة، أن أطراف الجمال تغوص في الرمال أكثر من المعتاد، ما يعني أن الصناديق المحملة على ظهور الجمال لا تحمل قماشا وديباجا خفيف الوزن، بل أشياء ثقيلة، تبين لاحقا أنها تحمل جنودا، جرت معهم معركة أطلقت عليها الأسطورة معركة البطيخ.
وتساءل الملاعبة في تقريره حول المزاعم اليهودية ، إذا كان كنز سليمان الاثري الذي يجب الحفاظ عليه -حسب الرواية التوراتية، فلماذا تم في فلسطين المحتلة، تعدين النحاس حتى كاد أن ينفد. – حيث تظهر انه عندما يكون الأمر لمصلحة اسرائيل، تتراجع أهمية الروايات التوراتية لصالح صناعة الكيان. في عام 1952 اكتشف في منطقة تمنا في فلسطين النحاس، وأجرى الإسرائيليون فيها دراسات الجدوى الاقتصادية عام 1956 بوساطة الإسرائيليين، ودخل مرحلة الإنتاج عام 1962،
وبين ان استخراج النحاس من منطقة ‘تمنا’ منذ الثمانينات عندما كانت أسعار النحاس آنذاك لا تتجاوز 1800 دولار للطن وخرج من المنطقة ثم عاد إليها بعد أن ارتفعت أسعار النحاس لما يقارب 2500 دولار وقام باستغلاله وعاد مجددا في استخراج النحاس في العام 2003 و 2005 عندما بلغ سعر طن النحاس 8500 دولار واستغلته أيضاً من بعض المناطق الأخرى لصناعاتها العسكرية في منطقة الجليل.




