
“أُطعِم أولادي بالماء والسكر… لكن لو فتحوا لنا ممرًا للخروج مقابل رفع #راية_بيضاء، فلن نخرج”، بهذه الكلمات تلخّص أم محمد مشتهى، النازحة من بيت حانون إلى حي الرمال، معادلة #الصمود التي أصبحت بوصلة لأهل القطاع في وجه #سياسة_الاحتلال بالتجويع والتركيع.
تسعة عشر شهرا من العدوان الشامل، قطع متعمد للمساعدات، #تدمير ممنهج للمخازن والمخابز، ومنع إدخال الوقود والطحين، لم تنجح في ثني الفلسطينيين عن خيار المقاومة. بل خلقت طبقة جديدة من “ #شهداء_الجوع ”، وأيقونات للكرامة يردد الناس أسماءهم كما يرددون أسماء #شهداء_المعارك.
أكلنا #ورق_الشجر
يقول أبو حسن مصبح، أحد سكان جباليا الذين حُرموا من المساعدات: “كان عندنا شجرة تين في البيت، قطعنا أوراقها وطبخناها. أكلناها، ثم مرضنا. لكن لم نندم. لو جاءنا الاحتلال بالطعام مقابل تطبيع، لن نقبله.”
وفي مستشفى الشفاء، يرقد الطفل آدم ابو القمبز (3 سنوات)، جسده نحيل، بالكاد يتنفس. والدته تبكي وتقول: “قالوا لنا إن الاحتلال يتعمد منع دخول الحليب والفيتامينات لأطفالنا. نحن نعرف، يريدون أن نضعف ونرضخ، لكننا نعلم أبناءنا أن الجوع أهون من الذل.”
الرهان الخاسر
يرى المراقبون أن #الاحتلال الصهيوني راهن على #سلاح_التجويع كأداة لضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة ، لكن ما جرى هو العكس تمامًا، الجوع عمّق الكراهية للاحتلال ورفع منسوب الإصرار على البقاء، خاصة مع تزايد الشعور العالمي بالتضامن مع غزة.”
ويشير المراقبون إلى أن “الاحتلال يظن أن الضغط الاقتصادي والنفسي كفيل بكسر الإرادة، لكنه لم يفهم بعد أن من اختار البقاء تحت القصف لن يرحل بسبب الجوع.”
مقاومة الخبز والكرامة
تحوّلت طوابير الخبز إلى ملامح ملحمية. يُنقل عن أحد الناجين من مجزرة نُفِّذت خلال توزيع المعونات: “كنا نعرف أن الطائرات تراقبنا، لكننا خرجنا. نفضل الموت ونحن نطلب لقمة بكرامة، على أن نمد يدنا للعدو.”
منظمات الإغاثة الدولية، وعلى رأسها برنامج الغذاء العالمي، وصفت ما يجري في قطاع غزة بأنه “أول مجاعة كاملة موثقة منذ عقود”.
ومع ذلك، بقي المجتمع الدولي في موقع المتفرج، واكتفى ببيانات القلق. بل إن بعض الدول اشتركت في الحصار بشكل غير مباشر عبر تقييد الدعم أو التبرير السياسي للعدوان.
الصمت شراكة في الجريمة
يقول الحقوقي صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لحقوق الإنسان للمركز الفلسطيني للاعلام : “القانون الدولي يحظر استخدام التجويع كسلاح حرب، لكن في غزة تُرتكب هذه الجريمة يوميًا.
واضاف :” الصمت العالمي ليس تواطؤًا فحسب، بل شراكة في الجريمة.”
نبض غزة الحر
في مراكز الإيواء، حيث يختلط النزوح بالخوف، تتحدث الأمهات عن وجع مختلف.
أم يوسف نصر ، أم لخمسة أطفال، تقول: “أطفالي يسألونني: ماما متى بناكل خبز؟ وأنا أضحك وأقول قريبًا… لكني لا أملك جوابًا. أحيانًا أعصر قطعة ليمون في الماء وأعطيهم إياها كوجبة.”
نساء غزة لم يعدن فقط أمهات… بل طاهيات من لا شيء، وطبيبات بلا دواء، ومعلمات في فصول من الألم. هن خط الدفاع الأول عن الحياة.
من مخيم النصيرات، يروي الشاب إبراهيم فرج الله (22 عامًا):”وصلني عرض من أقارب في الضفة للمغادرة عبر معبر رفح بمساعدة منظمة. لكنني رفضت. قلت: أعيش وأموت هنا، في أرضي. الجوع أرحم من أن أعيش مطرودًا.”
كلمات إبراهيم تلخص معادلة فلسطينية خالصة: أن الموت على التراب الوطني أفضل من العيش في خيام اللجوء السياسي أو المنافي.
قد يطول الجوع، وقد تُحاصر الأجساد، لكن غزة أثبتت أن الروح التي وُلدت من رحم الحصار لا تنكسر. ما لم تدركه آلة الحرب الصهيونية هو أن الشعوب التي تجوع بصمت، تُفجّر طاقتها في لحظة كرامة.
غزة اليوم ليست ضحية الجوع، بل كاشفة لمدى هشاشة أخلاق هذا العالم. وهي تصرخ في وجه التاريخ: لن نركع… حتى ونحن نموت جوعًا.