
في الأزقة الضيقة لمخيمات #النزوح داخل قطاع غزة، تختنق الحياة بين #خيام_مهترئة ووجوه متعبة تحمل أكثر مما تحتمل، لم يعد #الخطر في عيون #النازحين مقتصراً على أصوات الطائرات أو هدير المدافع، بل تسلل إليهم عدو جديد، خفيّ، ينهش #أجساد #الأطفال والكبار بصمت: #الأمراض_المعدية.
الأجساد الصغيرة التي اعتادت أن تهرب من القصف، وجدت نفسها اليوم محاصَرة داخل خيام رطبة، بلا دواء ولا صابون ولا ماء نظيف.
“أطفالي ينامون وهم يبكون من شدة الحكة”، تقول خلود منير (39 عاماً) وهي تمسح دموعها بيدين متعبتين. تتابع بمرارة: “أغسلهم بالماء الساخن، أضع الخل على رؤوسهم، لكن لا فائدة… يصرخون طوال الليل وأنا عاجزة عن مساعدتهم”.
أوبئة بلا علاج
منذ أشهر، تحولت أمراض مثل #الجرب وانتشار #القمل إلى جزء من يوميات #المخيمات، الأطفال يحكّون رؤوسهم وأجسادهم بلا توقف، فيما تقف الأمهات عاجزات أمام ندرة الأدوية وارتفاع أسعارها الجنونية، بعض العائلات باتت تلجأ إلى الماء المالح أو وصفات شعبية بديلة، لكنها لا تصمد أمام سرعة العدوى.
أما التهابات الجهاز التنفسي فقد صارت الرفيق الثقيل للنازحين. الخيام المغلقة، الرطوبة، والازدحام جعلت السعال والحمى وضيق التنفس علامات يومية على وجوه الصغار. ومع ارتفاع الحرارة وغياب المضادات الحيوية، يخشى الأطباء من تحوّل هذه الإصابات إلى التهاب رئوي قاتل.
الطبيب العام محمد عبد المنعم يصف الوضع بكلمة واحدة: كارثي، يقول: “نحن أمام آلاف حالات الجرب والقمل، وعشرات الآلاف من التهابات الجهاز التنفسي والإسهال. هذه ليست أرقام عابرة، إنها مؤشرات على انهيار صحي شامل”.
ويضيف محذراً: “في أي لحظة قد تنفجر المخيمات كبؤر أوبئة واسعة، إذا لم يُتدخل سريعاً بالأدوية وحملات النظافة”.
أرقام صادمة
وفق تقارير منظمة الصحة العالمية ووكالات الأمم المتحدة، سُجّلت منذ أكتوبر 2023 أعداد هائلة: أكثر من 103 آلاف إصابة جرب وقمل، ونحو 65 ألف حالة طفح جلدي، وأكثر من مليون حالة عدوى تنفسية حادة، مع نصف مليون حالة إسهال حاد.
أرقام تكشف حجم المأساة، لكنها لا تعكس الوجع اليومي للأهالي. “أطفالي لا ينامون من شدة السعال والحكة”، تقول سعاد الربابعة (35 عاماً) النازحة من حي الشجاعية.
تضيف بصوت مبحوح: “الخيمة ضيقة، جيراننا على بعد متر واحد، العدوى تنتقل كالنار في الهشيم. أكثر ما يقتلني أنني أراهم يتألمون أمامي ولا أستطيع فعل شيء”.
تحذيرات أممية
منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أكدت أن أطفال قطاع غزة يواجهون ظروفًا صعبة وسط الأمراض الجلدية والبيئة غير الصحية والأعمال العدائية التي لا تنتهي.
وبينت المنظمة الأممية، في منشور على حسابها عبر منصة “إكس”، أن أطفال غزة يواجهون ظروفًا صعبة، منها الأمراض الجلدية والبيئة غير الصحية.
تؤكد الأمم المتحدة أن أسواق قطاع غزة تفتقر إلى المعقمات ومواد وأدوات النظافة الشخصية في ظل العوائق أمام دخول الإمدادات إلى غزة.
كما يشتكي النازحون من عدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم المتعلقة بالنظافة الشخصية، واستمرار تفشي الأمراض المعدية، وتلوث المياه وغياب خدمات الصرف الصحي، وفقا للأمم المتحدة.
منظمة الصحة العالمية دقت أيضًا ناقوس الخطر بشأن الانتشار السريع للأمراض المعدية في غزة مع تعطل المرافق الصحية وشبكات المياه والصرف الصحي، ودعت إلى تعجيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء القطاع، بما في ذلك الوقود والمياه والغذاء والمستلزمات الطبية.
وحذرت المنظمة من أن الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والصرف الصحي وتناقص مستلزمات التنظيف أدت إلى استحالة الالتزام بالتدابير الأساسية للوقاية من العدوى ومكافحتها داخل المرافق الصحية، بما في ذلك بين العاملين الصحيين.
يوجد -حسب المنظمة- خطر ناجم عن توقف أعمال التطعيم الروتيني ونقص الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض السارية ومحدودية الاتصالات التي بدورها تقيد القدرة على الكشف المبكر عن الأوبئة المحتملة.
بيئة خصبة للموت
كل تفاصيل المخيمات تشكل وصفة مثالية للكارثة: عشرات العائلات تتشارك دورة مياه واحدة، الخيام بلا تهوية، المياه القليلة تُستهلك للطعام لا للنظافة، والصابون صار من الكماليات. وبينما انهار النظام الصحي وتوقف معظم المستشفيات، يجد الغزيون أنفسهم عالقين بين نار الحرب ووباء صامت.
الناشطون الميدانيون يحذرون من أن المخيمات لم تعد مجرد ملاجئ مؤقتة، بل تحولت إلى بؤر عدوى مفتوحة.
وكل يوم جديد يمر بلا تدخل عاجل، يقترب أكثر فأكثر من إعلان كارثة صحية غير مسبوقة في تاريخ القطاع.